يوجد يمين علماني مع تسوية مع الفلسطينيين
تاريخ المقال
المصدر
يديعوت أحرونوت
–
الموقع الإلكتروني
- في سنتيْ 2002 و2003 نشرتُ ثلاثة مقالات في الصحف الثلاث الكبرى حينئذ، موضوعها اقتراح حل للمشكلة الفلسطينية من خلال تبادل أراض مسكونة، واقترحت أن تنتقل كتل المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى سيادة إسرائيلية، و تنتقل مناطق في دولة إسرائيل بنفس الحجم مع سكانها العرب إلى سيادة فلسطينية. الحالتان، مع تفضيل تبادل مناطق متاخمة للسياج، ستسمحان بتحريك "الخط الأخضر" من دون أن يضطر أحد إلى مغادرة منزله.
- العرب في إسرائيل الذين ستنتقل مناطق سكنهم سيحصلون على الجنسية الفلسطينية بدلاً من الإسرائيلية، لكنهم سيستطيعون أن يظلوا من سكان دولة إسرائيل، ويمكنهم العمل فيها، وأن يشكلوا جزءاً من نسيج الحياة المدنية. فيما بعد اقترحت أيضاً التقسيم إلى كانتونات بحسب الانتشار الديموغرافي، وإنشاء مجلس شيوخ فيه تمثيل متساو، يضمن أغلبية يهودية في إسرائيل ويسمح بتبادل كانتونات بصورة ديمقراطية، الأمر الذي سيحل مشكلة الجيوب اليهودية في العمق الفلسطيني، والجيوب العربية في عمق إسرائيل.
- اتصل بي حينها عضو الكنيست أليعيزر كوهين من حزب إسرائيل بيتنا، وأعرب عن تأييده هذه الأفكار التي تحولت في تلك الفترة إلى أفكار يتبناها الحزب منذ ذلك الحين وحتى اليوم. ومن بين كل الأحزاب الصهيونية في الخريطة السياسية، الحزب الوحيد الذي يقدم أفكاراً مشابهة قادرة في رأيي على إخراج العجلة السياسية من الوحل الإسرائيلي - الفلسطيني هو حزب إسرائيل بيتنا.
- بين الوصايا العشر للحزب نجد "حل النزاع من خلال تسوية شاملة وتبادل أراض وسكان"؛ "وبين معضلة سلامة الشعب وسلامة البلد، سلامة الشعب تأتي أولاً". ويظهر هذا أيضاً في كلام ليبرمان في 2016 بشأن تقييد البناء خارج الكتل الاستيطانية، وفي خطابه عن الدولتين في مؤتمر الأمن في ميونيخ في 2017.
- من جهة أُخرى، يزداد التخلي عن فكرة الدولتين من جانب أحزاب اليمين والوسط: رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يعد إلى مبادىء خطابه في جامعة بار إيلان، وأغلبية وزراء حزب الليكود أعربوا عن معارضتهم فكرة الدولتين، والأحزاب الدينية ذات طابع مسياني وأي تسوية إقليمية تبدو باطلة في نظرها، وتحتها جاء الاستعداد لضم ملايين الفلسطينيين في أوضاع تمييزية وغير ديمقراطية. أيضاً في داخل كتلة أحزاب الوسط التي يتألف منها حزب أزرق أبيض يوجد معارضون بارزون لفكرة الدولتين، وخصوصاً ضمن خط موشيه يعلون.
- الرفض القاطع للفلسطينيين وأطراف عربية أُخرى لصفقة القرن التي تعرض على الفلسطينيين أقل من دولة مستقلة، يدل على صعوبة التراجع عن فكرة الدولتين: يمكن توزيعها على مراحل وعلى وقت طويل، ويمكن اشتراطها بنزع السلاح ومراقبة نزع السلاح، ويمكن مناقشة المناطق التي ستنتقل أو لن تنتقل إلى سيادتهم - لكن الرفض المطلق لهذا الإمكان سيقودنا إلى مأزق ديموغرافي - ديمقراطي صعب لدولة واحدة.
- الجمود السياسي نقل النقاش الداخلي في دولة إسرائيل إلى مسائل الدين والدولة، التي لا تقل أهميتها بالنسبة إلى مستقبل دولة إسرائيل وطابعها عن مسألة الصراع القومي. مواطنون كثيرون من ناخبي اليمين العلماني، وتقليديون ومتدينون – ليبراليون، وناخبون من الوسط واليسار، سيجدون صعوبة في العيش مع رغبة الحريديم في فرض الهلاخلاه [الشريعة اليهودية] وفرض مزيد من وجهات نظرهم (من الزواج، والولادات والموت وطريقة التهويد والوقف الكامل للأعمال يوم السبت، والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة) يضاف إلى ذلك الخطر الملموس لأطراف في اليمين المسياني على المحاكم وعلى القانون.
- الليكود الذي كان في الماضي حزباً قومياً ليبرالياً استطعت أن أتماهى مع مبادئه ربط نفسه بصورة مطلقة بالحريديم. في الماضي غير البعيد كان حزب "يوجد مستقبل" هو حامل العلم العلماني، واستطعت أن أتماهى معه أيضاً، لكن اندماجه في أحزاب ليس [حل الدولتين] في برنامجها وغموض خطه العلماني نقل العلم إلى حزب إسرائيل بيتنا. وفي الحقيقة ليبرمان هو الذي أوقف ائتلاف نتنياهو الذي كانت سماته البارزة تتألف من يمين مسياني وتطرف حريدي، وحرب على جهاز القضاء.
- بدأ ليبرمان طريقه في الليكود، وباستثناء مسألة تبادل أراض فإن مواقفه السياسية شبيهة بمواقف الحزب. معارضة حزب إسرائيل بيتنا للإكراه الديني هي واحدة من "الوصايا العشر" للحزب. لكن في السنوات الأخيرة تشدد الليكود في مواقفه السياسية وأصبح أسيراً للحريديم، الأمر الذي أدى أيضاً إلى تشدد هؤلاء في مطالبهم.
- في الجانب اليميني من الخريطة السياسية نشأ فراغ يمكن أن يملأه حزب هو من جهة حزب ذو نظرة أمنية ومن جهة أُخرى براغماتي مثل إسرائيل بيتنا. هو قادر أيضاً على ملء الفراغ الناشىء في الوسط بعد غموض مواقف حزب "يوجد مستقبل" المعادية للحريديم منذ تحوله إلى جزء من حزب "أزرق أبيض".
- هكذا تحول ليبرمان إلى صاحب صوت خاص في الخريطة السياسية الحالية، مع فرصة ليست صغيرة لتحقيق تصريحاته وخططه نظراً إلى كونه بيضة القبان تقريباً في كل تشكيلة محتملة - لكن ضد يمين متطرف وأيضاً ضد الإكراه الديني.
- الانتخابات المقبلة ستكون على فرص التسوية السياسية وعلى الطابع الداخلي لدولة إسرائيل كدولة قانون، علمانية، ليبرالية وديمقراطية. ضمن الطيف الذي يجمع بين اللواء غانتس والحاخام بيريتس، ليبرمان هو الوحيد يمين "قوي ضد حماس"، وأيضاً مستعد لتنازلات إقليمية، ويقف كجدار منيع في مواجهة تحويل دولة إسرائيل إلى دولة حريدية.