انتهت الأعذار، الضم الآن
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • لم يبقَ للحكومة الإسرائيلية أي عذر يمنعها من ضم الضفة الغربية. الموافقة النهائية حصلت عليها من سفير الولايات المتحدة ديفيد فريدمان الذي أعطاها تفويضاً لإقامة دولة ثنائية القومية. "في أوضاع معينة، أعتقد أنه من حق إسرائيل الاحتفاظ بجزء من الضفة الغربية، ولكن ليس كلها" قال بلفور الأميركي، ولم تقع السماء على الأرض. صحيح أن اليسار صُدم قليلاً، كلام فريدمان يحرمه أساس وجوده، لكن الإجماع الذي يجمع محور الوسط واليمين واليمين الميسياني، بقي سليماً.
  • لقد سبق أن قال الشركاء الممتازون من الوسط إن كتل المستوطنات لن تُقتلع، والانسحاب ليس بين أوراقهم. وفي أي حال الدولة الفلسطينية المستقلة هي شعار فقط، لافتة جوفاء، حتى الدول العربية "المهمة" مثل السعودية، ومصر، واتحاد الإمارات، تعودت على فكرة التنازل عنها. لقد ثبت بطلان تهديد مسّ خطير بمكانة إسرائيل. لم تدع أي دولة في مجلس الأمن إلى إدانة دونالد ترامب الذي ضمّ هضبة الجولان إلى إسرائيل في خطوة أحادية الجانب، ولم يسمع أحد بمبادرة من هذا النوع بعد كلام السفير فريدمان، والدول الأوروبية التي دعت إلى فرض عقوبات على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم غارقة في سبات عميق. نعم ضموا أو لم يضموا، لقد سئموا هم أيضاً من هذه الأكزيما التي تُسمى "المشكلة الفلسطينية".
  • لا يمكن أن تكون "أوضاع معينة" دولية ناضجة أكثر من تلك الموجودة حالياً من أجل إعلان ضم أحادي الجانب لأجزاء من الضفة الغربية. وعندما تعوِّد حكومة إسرائيل آذان الجمهور على سماع مصطلح "ضم" من دون الشعور بالذعر، من المفيد التحضير لذلك بجدية. تقديرات حركات اليمين بمختلف أنواعها هي أن ضم مناطق ج سيضم إلى إسرائيل نحو 80 ألف فلسطيني فقط، بينما تقدر الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية عددهم بـ300 ألف. هذه الأرقام بحد ذاتها لا تهدد هوية الدولة. حتى لو استقبلنا عدداً أكبر، فإن المقصود هو زيادة أقل من 3% من مجموع عدد سكان الدولة، وأقل من 15% من عدد المواطنين العرب. وهذا لا يشكل دولة ثنائية القومية، مع أن أغلبية الجمهور في إسرائيل تخاف من أن زيادة ولو عربي واحد ستدمر الهوية اليهودية.
  • من أجل تبديد خوف اليهود من استيعاب فلسطينيين كمواطنين في دولة إسرائيل، لن يكون هناك مفر من اتخاذ سلسلة خطوات تحوّل الضم إلى تطهير من العرب. لقد سبق أن أوضحت أحزاب اليمين على اختلاف أنواعها أن الفلسطينيين الذين سيجري ضمهم إلى دولة إسرائيل لن يحصلوا على الجنسية، ولا يستطيعون المشاركة في الانتخابات ولا الترشح لها، كما أنهم لن يحصلوا على جزء من الحقوق الاجتماعية التي تحقّ لهم كمواطنين. وستكون فترة الإعداد للحصول على الجنسية مشروطة بضوابط وقيود صارمة، ويبدو أن قلائل سيقدرون في نهاية الطريق الطويل أن يحصلوا على الجنسية.
  • سترسّم إسرائيل خط حدود متعرج ومشوه، يفصل جزءاً من القرى الفلسطينية المُعدة للضم وستُقتلع عائلات بأكملها من أراضيها، بالإضافة إلى تشجيع كثيرين آخرين على الانتقال إلى قرى وبلدات في الضفة الغربية، كي لا تشملهم الخريطة الجديدة. وستتحول إسرائيل رسمياً إلى دولة أبرتهايد، وبفضل التفويض والسلطة اللذين أعطتهما لها الولايات المتحدة ستكون محمية من العقوبات.

نموذج الضم الانتقائي، الذي يحافظ على كامل حقوق المستوطنين، ويجرّد الفلسطينيين من مكانتهم ستستخدمه إسرائيل كنموذج للسلوك حيال مواطنيها العرب الذين ستكون مكانتهم حينئذ في مواجهة خطر سلبي أو شبيه بذلك الذي يتعرض له الفلسطينيون الجدد. إن الذي يهدد اليوم بحرمان  العرب في إسرائيل من الجنسية و/أو بضم مناطق سكنهم إلى الضفة الغربية، لن يتردد في القيام بخطوة إضافية. وما سيكون جيداً بالنسبة إلى فلسطينيي الضم سيكون جيداً أيضاً بالنسبة إلى الفلسطينيين الإسرائيليين. وستكون هذه دولة حتى فريدمان لا يرغب في العيش فيها. وأيضاً هو لن يكون  مضطراً لذلك.

 

المزيد ضمن العدد 3101