دور قطر في التأثير في استقرار قطاع غزة والسلطة الفلسطينية
تاريخ المقال
المصدر
يديعوت أحرونوت
–
الموقع الإلكتروني
- انتهت جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة بإحساس حاد باليأس أيضاً مقارنةً بالمواجهات التي دارت في القطاع في السنوات العشر الأخيرة بصورة عامة، وفي السنة الأخيرة خصوصاً. في نهاية الاشتباكات عادت إسرائيل و"حماس" إلى النقطة التي كانا فيها قبل أسبوع، من دون القدرة على تحقيق إنجاز مهم.
- اللاعبون الآخرون الذين كانوا على علاقة بالأزمة يجدون صعوبة في الظهور بمظهر إيجابي: صحيح أن مصر هي التي ساهمت في إنهاء التصعيد، لكن يبدو أن تأثيرها في التنظيمات الفلسطينية له حدود (في الماضي كان وجود زعماء التنظيمات في مصر يشكل ضمانة لعدم نشوب مواجهة على الأرض، بينما هذه المرة أدار هؤلاء المعركة من القاهرة)؛ وغابت السلطة الفلسطينية عن المواجهة، وبذلك أثبتت محدودية تأثيرها في قطاع غزة؛ موفد الأمم المتحدة إلى المنطقة شارك في مساعي إنهاء التوتر، لكن وجوده العام في الحدث كان محدوداً؛ حتى الجهاد الإسلامي الذي يصوَّر مؤخراً كتنظيم لا ضابط له يفرض تشكيل صورة الواقع في القطاع، لم يستطع تحقيق إنجاز عسكري مهم ولا مدني (يجب طرح علامة استفهام على وصف الجهاد الإسلامي كتنظيم يعمل بصورة مستقلة، الأمر الذي يجعل "حماس" غير مسؤولة بصورة كاملة عمّا يجري في القطاع، بينما عملياً يوجد تعاون وثيق بين الاثنين).
- تبدو قطر اللاعب الوحيد الذي استفاد من الجولة. ويبدو أنها هي التي سرّعت في إنهاء المواجهة من خلال تقديم شيك طارىء مقداره 480 مليون دولار- ثلث المبلغ مخصص "للدعم المدني" للقطاع، لكن الباقي سيوجَّه هذه المرة إلى صندوق السلطة.
- هذه الخطوة الدراماتيكية ترسخ صورة قطر كدولة تساعد في استقرار القطاع وأيضاً في استقرار السلطة التي تعاني في الأشهر الأخيرة أزمة اقتصادية حادة في أعقاب رفضها الحصول على أموال الضرائب التي تجبيها لها إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تخفيض رواتب 160 ألف موظف يعمل في القطاع العام إلى النصف (الرفض الفلسطيني جاء في إثر قرار إسرائيل حسم المبالغ التي تُدفع إلى عائلات الأسرى الأمنيين من أموال العائدات).
- الصورة الأساسية للإمارة الخليجية في نظر إسرائيل ليست إيجابية: تتماهى هذه الدولة مع نظرة "الإخوان المسلمين"، وقد وجد زعماء "حماس" فيها مكاناً مريحاً للعمل، ولكبار المسؤولين في الإمارة علاقة وثيقة بزعماء الحركة في القطاع وفي الخارج، قناة "الجزيرة" التي تملكها قطر معروفة منذ سنوات بمواقفها الحادة ضد إسرائيل، حتى لو أن هذه المواقف أصبحت أكثر اعتدالاً في السنوات الأخيرة؛ ولتركيا أردوغان مكانة خاصة في قطر، وتُعتبر حليفة استراتيجية لها.
- مع ذلك فإن قطر ضرورية بالنسبة إلى إسرائيل: فهي التي تقود إعادة الإعمار المدنية للقطاع التي ستكون لها انعكاساتها الإيجابية على الاستقرار الإقليمي، ويقوم مندوبوها بنقل رسائل بين إسرائيل و"حماس" وبذلك يمنعون وقوع خطأ في الحسابات مثل ذلك الذي أدى إلى نشوب عملية الجرف الصامد. يسمح المال القطري لإسرائيل بالمناورة بين القرارات المبدئية التي اتخذتها، بعدم السماح بدفع مبالغ إلى عائلات المخربين أو ناشطي "حماس"، وبين عدم رغبتها في تصعيد واسع في المنظومة الفلسطينية يمكن أن يتطور بسبب سوء الواقع الاقتصادي.
- لقد فهم المصريون أيضاً تعقيد الدور القطري، ووافقوا – على الرغم من العداء العميق للإمارة- على ضم مساهمتها الاقتصادية لقطاع غزة ضمن إطار مساعي التسوية الواسعة التي يحاولون ترسيخها في المنطقة.
- تستند خطوات قطر إلى قاعدة صلبة من السياسة الواقعية. وبالإضافة إلى رغبتها في تأكيد نفوذها الإقليمي، والتلميح إلى عجز منافستها في المنطقة، السعودية، فإنها تسعى جاهدة لإبراز نفوذها في الساحة الدولية، وخصوصاً حيال الإدارة الأميركية. الأمر الذي يمكن أن يخفف من العزلة التي تعانيها جرّاء نشوب الأزمة بينها وبين العالم العربي في صيف 2017.
- الشيك القطري يمكن أن يساعد في الدفع قدماً بـ"صفقة القرن"، ويبدو أنه يهدف إلى التلميح للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن في مقدور القطريين أن يشكلوا رافعة اقتصادية للسلطة الفلسطينية والضغط عليها لقبول اقتراح سياسي مستقبلي- الهدف الذي يجد السعوديون صعوبة في تحقيقه حتى الآن.
- يتعين على إسرائيل أن تتصرف بصورة حذرة حيال الواقع المعقد، إذ تشهد الساحة الفلسطينية العديد من المصالح الإقليمية والدولية التي تتعارض أحياناً.
- في الحلقة الأقرب، من الأفضل لإسرائيل استغلال المساعدة القطرية لترسيخ التهدئة في المدى القريب، وإبعاد الموعد المحتمل لنشوب التصعيد بقدر الممكن، وهذا سيناريو يبدو معقولاً أكثر في قطاع غزة حالياً. بالإضافة إلى ذلك الحاجة إلى تفعيل أدوات التأثير الخارجي في "حماس" التي تبدو محدودة نسبياً.
- في الحلقة الأبعد، يجب على إسرائيل المناورة بحكمة بين رغبتها في تعميق تدخّل قطر في الساحة الفلسطينية (الدولة العربية التي تقود بصورة بارزة المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين)، وبين الاعتراف بأن توثيق العلاقة بقطر يمكن أن يضرّ بالعلاقات بسائر العالم العربي، وخصوصاً بالسعودية. في هذا السياق يجب على إسرائيل أن تفحص- مع معرفتها بحدود قوتها- كيف تساعد في تبديد التوتر المستمر بين قطر والعالم العربي الذي يُلحق الضرر بمصالحها وبمصالح أصدقائها في المنطقة وفي العالم، ويسمح بتعاظم التهديد الإيراني المشترك.