تقرير: الشبهات الجنائية ضد نتنياهو في القضايا 1000 و2000 و4000 وفقاً لملف المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية
تاريخ المقال
- في نهاية الأسبوع الفائت (يوم 28/2/2019) قام المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت بتسليم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وطاقم الدفاع عنه "ملف شبهات" يفصّل مخالفات ارتكبها هذا الأخير خلال الفترة التي كان فيها موظفاً حكومياً [رئيس حكومة].
- وبموازاة ذلك أعلن مندلبليت أنه قرّر تقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو بشبهة تلقي رشوة في القضية المعروفة باسم "الملف 4000"، بالإضافة إلى تقديم لائحتي اتهام أخريين بشبهتي الاحتيال وخيانة الأمانة في القضيتين المعروفتين باسم "الملف 1000" و"الملف 2000". وأضاف أنه قام بتسليم "ملف الشبهات" هذا إلى الجهات ذات العلاقة تمهيداً لعقد جلسة مساءلة لنتنياهو قبل تقديم لوائح الاتهام. وستُعقد جلسة المساءلة هذه بعد الانتخابات الإسرائيلية العامة التي ستجري يوم 9 نيسان/أبريل المقبل، وبناء على نتائجها سيقرّر المستشار القانوني ما إذا كان سيقدّم لوائح الاتهام أم لا.
- وبموجب "ملف الشبهات"، سيُتهم نتنياهو بتلقي الرشوة في "الملف 4000"، وذلك على خلفية قيامه بالدفع قدماً بمصالح رجل الأعمال الإسرائيلي شاؤول ألوفيتش المالك الرئيسي لشركة "بيزك" للاتصالات، في مقابل تغطية أخبار رئيس الحكومة وعائلته بشكل إيجابي في الموقع الإخباري "واللا" الذي يمتلكه ألوفيتش. وتم إغلاق الملف ضد زوجة رئيس الحكومة سارة في هذه القضية، في حينسيتم توجيه تهمة تلقي الرشوة إلى ألوفيتش وزوجته.
- وفي "الملف 1000" ستُوجه إلى نتنياهو تهمتا الاحتيال وخيانة الأمانة بشبهة تلقّيه عطايا من الثري أرنون ملتشين. ولن يتم توجيه أي تهم ضد ملتشين في هذه القضية.
- وستوجّه تهمتا الاحتيال وخيانة الأمانة في "الملف 2000" على خلفية اتصالات جرت بين نتنياهو ومالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" وناشرها أرنون (نوني) موزس من أجل التضييق على صحيفة "يسرائيل هيوم" المنافسة في مقابل قيام "يديعوت أحرونوت" بنشر أخبار عن رئيس الحكومة بصورة إيجابية. وسيتم اتهام موزس بالرشوة.
- وذكرت وسائل إعلام أن هذا الملف كان موضع خلاف في مكتب المستشار القانوني، إذ رأى العديد من المسؤولين أنه يجب توجيه تهمة تلقي الرشوة إلى نتنياهو، بينما درس مندلبليت إمكان عدم توجيه أي تهمة إلى رئيس الحكومة.
- "الملف 1000": تضارب مصالح خطر - في قضية "الملف 1000" التي تدور حول اتهامات بحصول نتنياهو على هدايا من أثرياء، في مقدمهم المنتج الهوليوودي الإسرائيلي الأصل أرنون ملتشين، والمستثمر الأسترالي جيمس باكر، في مقابل حصولهما على خدمات، قال مندلبليت إنه ينوي اتهام نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة، وإغلاق القضية ضد ملتشين.
- اًوبحسب مندلبليت، فإن نتنياهو متهم بتضارب مصالح خطر بين التزاماته تجاه مانحين والتزاماته تجاه الجمهور. وقال إن رئيس الحكومة وزوجته حصلا على هدايا تصل قيمتها إلى 701.146 شيكل، 477.972 شيكلاً منها سيجار وشمبانيا ومجوهرات من ملتشين، و229.174 شيكل سيجار وشمبانيا من باكر.
- وكتب مندلبليت في هذا الشأن مخاطباً نتنياهو: "بالإضافة إلى العلاقات الودية بينكم حصلت على عدة خدمات، أحياناً رداً على طلباتك المحددة… وأحياناً قدمت لك هذه الخدمات من أجل التأثير في موقفك العام كرئيس حكومة".
- وقال المستشار القانوني إن هناك 3 حالات استخدم فيها نتنياهو منصبه كرئيس حكومة لدفع مصالح ملتشين: مساعدته في الحصول على تأشيرات إقامة بالولايات المتحدة؛ العمل من أجل تمديد قانون إعفاء ضريبي غير معروف يخدم مصالح المنتج الهوليوودي؛ العمل من أجل الدفع قدماً بمصالح ملتشين الاستثمارية في القطاع الإعلامي الإسرائيلي.
- ويدور الحديث في الحالة الثانية حول التعديل رقم 168 لمرسوم الضرائب الذي يهدف في الظاهر إلى تشجيع هجرة اليهود إلى إسرائيل، وتمت المصادقة عليه في أيلول/سبتمبر 2008 من طرف رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت. وهو في صورته الحالية يمنح إعفاء ضريبياً مدة 10 سنوات للدخل من الخارج إلى مهاجرين جدد وسكان عائدين عاشوا في الخارج عشر سنوات على الأقل. وبالإضافة إلى ذلك يمنح المؤهلين إعفاء مدته عشر سنوات من التبليغ عن المدخولات في الخارج. لكن هذا التعديل يخالف المعايير العالمية لمكافحة تبييض الأموال، وفي كل سنة خلال السنوات الأخيرة يحاول وزير المال إلغاءه، لكن ضمن المفاوضات بشأن قانون التسويات في إطار إقرار الميزانية السنوية العامة يتم إحباط محاولة إلغائه، الأمر الذي يعرّض إسرائيل إلى خطر إضافتها إلى قوائم عقوبات دولية تتعلق بمكافحة تبييض الأموال. وقال كل من وزارة المال ومراقب الدولة إن القانون في صورته الحالية يحجب ملايين الشيكلات من خزانة الدولة سنوياً، ويعزّز إسرائيل كملاذ ضريبي، ولا يشجع الهجرة، ومع ذلك بقي جزءاً من الميزانية العامة.
- وقال مندلبليت إن نتنياهو طلب مرتين من وزير المال السابق يائير لبيد توسيع أحكام القانون، وسأل تحديداً ما هي التغييرات الضرورية من أجل تمكين ملتشين، وهو أيضاً من أصدقاء لبيد، الانتفاع منه بأكبر قدر ممكن. وأشار المستشار القانوني إلى أن نتنياهو كان يعمل بطلب من ملتشين.
- والتدخل الثاني الذي قام به نتنياهو من أجل ملتشين كان محاولات متكررة لمساعدته في الحصول على تأشيرة إقامة في الولايات المتحدة عبر التوجه إلى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري بخصوص هذه المسألة 3 مرات سنة 2014، بالإضافة إلى التوجه إلى السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو عدة مرات. وقال مندلبليت إنه في إحدى المرات جاء ملتشين إلى ديوان رئاسة الحكومة في القدس، وبينما كان هناك اتصل نتنياهو بكيري لبحث مسألة التأشيرة.
- يُذكر أن ملتشين (72 عاماً) مولود في إسرائيل ولا يحمل جنسية أميركية لكنه كان يحصل على تأشيرات إقامة مدتها 10 سنوات. وفي سنة 2013 أجرى مقابلة في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أقر فيها بالعمل لمصلحة المخابرات الإسرائيلية في الماضي، وفي إثر ذلك لم يعد يحصل على تأشيرات مدة 10 سنوات، بل يضطر إلى طلب تمديد بشكل سنوي.
- وأخيراً قال مندلبليت إن نتنياهو قام بتدخلات كبيرة ساعدت ملتشين في محاولته امتلاك جزء كبير من قناة التلفزة الثانية التي تم حلها. وقبل فصلها إلى قناتين منفصلتين، كانت شركتان تشغلان هذه القناة وهما "ريشت" و"كيشت" ["كيشت" تشغل الآن القناة 12 بينما "ريشت" تشغل القناة 13]. وأوضح مندلبليت أنه بحسب خطة نتنياهو - ملتشين، كان من المفترض أن يدخل الأخير في شراكة مع "ريشت" وبعدها يعمل على الدمج بين "ريشت" و"كيشت". وأضاف أن نتنياهو ساعد في تعيين عدة لقاءات بين ملتشين ومستثمرين معنيين، وطلب من المدير العام السابق لوزارة الاتصال شلومو فيلبر الذي أصبح شاهد ملك في هذا الملف، أن يساعد في الدفع قدماً بهذه المسألة.
- وبنا على هذه الخطوات وتضارب المصالح الخطر النابع من الهدايا التي قدمها ملتشين إلى نتنياهو، قال مندلبليت إن رئيس الحكومة ألحق أضراراً بصورة العمل الحكومي عبر الحفاظ على علاقة محظورة طويلة المدى. كما أشار إلى نشاطات نتنياهو الاستثنائية في الطلبات التي قدمها إلى وزارة الخارجية الأميركية ووزير المال والمدير العام لوزارة الاتصال.
- وخاطب مندلبليت نتنياهو في "ملف الشبهات" قائلاً: "بحسب الشبهات قمت باستغلال منصبك ومكانتك في نشاطاتك، وألحقت أضراراً كبيرة وخطرة في كل ما يتعلق باستقامة الإدارة العامة، ونزاهة الموظفين الحكوميين، وثقة الجمهور بالموظفين الحكوميين".
- "الملف 2000": إلحاق أضرار خطرة بثقة الجمهور- في قضية "الملف 2000" التي تدور حول اتهامات بشأن اتفاق نتنياهو مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" ومالكها أرنون (نوني) موزس لإضعاف صحيفة "يسرائيل هيوم" المنافِسة في مقابل تغطية أكثر إيجابية في "يديعوت"، ينوي مندلبليت اتهام رئيس الحكومة بالاحتيال وخيانة الأمانة، بينما سيتم توجيه تهمة تلقي رشوة إلى موزس. وورد أن هذه القضية أثارت جدلاً في مكتب مندلبليت وأن العديد من مسؤولي النيابة العامة بمن في ذلك المدعي العام الرئيسي قالوا إنه يجب اتهام نتنياهو بتلقي رشوة، بينما درس مندلبليت احتمال عدم توجيه أي تهمة إلى رئيس الحكومة.
- وبحسب الاتفاق المفترض بين موزس ونتنياهو، والذي لم يتم تطبيقه، قال رئيس الحكومة إنه سوف يدفع قدماً بتشريعات لتحديد انتشار صحيفة "يسرائيل هيوم" إذا ما طلب موزس من صحافيين وكتّاب مقالات رأي تغيير مواقفهم السلبية عادة تجاه نتنياهو.
- وقال مندلبليت إنه منذ سنة 2009 عقد نتنياهو وموزس محادثات ولقاءات شخصية تباحثا خلالها بشأن مساعدة أحدهما الآخر في صفقة مقايضة لدفع مصالحهما. وعرض نتنياهو دعمه إجراءات محتملة تساعد في تقييد انتشار "يسرائيل هيوم"، منها إلغاء نسخة نهاية الأسبوع التابعة للصحيفة. ولم تتم المصادقة على هذه الإجراءات، نظراً إلى حل الحكومة والتوجه إلى الانتخابات سنة 2015.
- وبحسب مندلبليت، عرض موزس على نتنياهو في مقابل مساعدة رئيس الحكومة خطاً مباشراً لمحرري كلّ من صحيفة "يديعوت" وموقع "واينت" التابع لها، وهو من أكبر مواقع الأخبار الإسرائيلية، وقال له إنه يمكن أن يكون لديه تأثير مباشر في المقالات بشأنه.
- وقال مندلبليت إنه سوف يسعى لتوجيه تهمة تلقي رشوة ضد موزس لكن تهمة الاحتيال وخيانة الأمانة فقط ضد نتنياهو. ومع ذلك اتهم رئيس الحكومة بإلحاق أضرار خطرة بثقة الجمهور، عبر إجراء مفاوضات مفصلة وواسعة النطاق مع موزس بشأن عرضه بدلاً من وقف المسألة فوراً.
- "الملف 4000": علاقة مبنية على رشى- في قضية "الملف 4000"، التي تُعتبر القضية الأخطر ضد رئيس الحكومة، يُتهم نتنياهو بالدفع قدماً بقرارات تنظيمية تعود بالفائدة على شاؤول ألوفيتش، المساهم المسيطر على شركة "بيزك" العملاقة للاتصالات، في مقابل الحصول على تغطية إيجابية من موقع "واللا" الإخباري الذي يملكه ألوفيتش. وأعلن مندلبليت في هذه القضية نيته اتهام كل من نتنياهو وألوفيتش بتلقي رشوة.
- وقال مندلبليت إن نتنياهو تدخّل بشكل سافر ومستمر، وأحياناً حتى بشكل يومي، في المضامين التي ينشرها موقع "واللا" الإخباري، وسعى أيضاً للتأثير في تعيين مسؤولين رفيعين [محررين وصحافيين] عبر تواصله مع ألوفيتش وزوجته إيريس.
- وضمن ألوفيتش تغطية إيجابية لنتنياهو في "واللا"، ثاني أكبر مواقع الأخبار في إسرائيل، وتغطية منتقدة لمنافسي نتنياهو، وبصورة خاصة في فترات الانتخابات في سنتي 2013 و2015.
- ويُتهم نتنياهو بالدفع من أجل السماح لمستشاره الإعلامي نير حيفتس الذي أصبح لاحقاً شاهد ملك بتحرير مقابلة مع نتنياهو، وتم قبول الطلب.
- في المقابل، تدخّل نتنياهو في قرارات تنظيمية وتجارية أُخرى أدت إلى حصول ألوفيتش على نحو 1.8 مليار شيكل.
- والاتهامات بإساءة الإدارة تعود إلى قيام نتنياهو باستبدال غلعاد إردان كوزير اتصالات في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، بينما اعتبره البعض انتزاع سلطة للحصول على سيطرة أكبر على قطاعات الإعلام والاتصالات. وقام بعدها بإقالة المدير العام لوزارة الاتصالات آفي بيرغر عبر الهاتف في أيار/مايو 2015، وعيّن فيلبر مكانه. وكانت هذه الخطوة، بالإضافة إلى إصرار نتنياهو على أن تشمل الاتفاقيات الائتلافية سنة 2015 بنداً يمنحه سيطرة حصرية على شؤون الإعلام، تهدف إلى إيجاد مواقف ليست فيها مواجهة بخصوص شركة "بيزك"، وهو ما سعى بيرغر لتقييده.
- وأشار مندلبليت إلى أنه تحت إدارة فيلبر بدأت "بيزك" تحظى بمعاملة تفضيلية. وعلى سبيل المثال، أطلقت إسرائيل سنة 2014 إصلاحاً شاملاً لفتح سوق الهواتف الأرضية والإنترنت التي كانت تهيمن عليها شركة "بيزك" أمام المنافسة. وبحسب الإصلاح المخطط كان من المفترض أن تؤجر "بيزك" حتى آذار/مارس 2017 بنيتها التحتية لمنافسين من شركتي "بارتنر" و"سيلكوم" كي تتمكنا من توفير خدمات هواتف أرضية وإنترنت، لكن مع تولي فيلبر الإشراف على تطبيق الخطة تراجعت "بيزك" عن التزاماتها.
- وكتب المستشار القانوني أن العلاقة بين نتنياهو وألوفيتش شكلت تضارب مصالح سافراً، إذ تدخّل ألوفيتش بفجاجة من أجل نتنياهو في "واللا" مع التوقع الذي تحقق بالانتفاع تجارياً. واستخدم نتنياهو نفوذه وصلاحياته للدفع قدماً بمصالح ألوفيتش، وهو ما أدى إلى حصول هذا الأخير بشكل مباشر أو غير مباشر على 1.8 مليار شيكل نتيجة قرارات نتنياهو التنظيمية وغيرها.
- وقال مندلبليت إنه يعتقد أن هناك أدلة كافية لمقاضاة نتنياهو بتهمة تلقي رشى، بالإضافة إلى الاحتيال وخيانة الأمانة. وقال إنه يتفق مع الشرطة بشأن وجود علاقة مبنية على الرشى بين نتنياهو وألوفيتش.
- لكن خلافاً لتوصيات الشرطة والنيابة العامة لم يقرر مندلبليت توجيه تهم تلقي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة أو عرقلة الإجراءات التحقيقية والقضائية ضد زوجة نتنياهو سارة. وألغى أيضاً تهماً شبيهة محتملة ضد نجل نتنياهو يائير.