السياحة إلى إسرائيل والامن القومي
تاريخ المقال
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي
–
مباط عال
معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
- السياحة هي أحد المعايير لتقويم العلاقات الخارجية للدولة، وهي مؤشر إلى مدى سويّة العلاقات بينها وبين الدول الأُخرى. كما تشكل تحدياً أمنياً سواء بسبب الحاجة إلى المحافظة على أمن السياح، أو لمنع تسلل عناصر معادية ضمن سيل السياح. ويمكن للأحداث الأمنية أن يكون لها تأثير واسع النطاق في السياحة. مثلاً هجمات 11 أيلول/سبتمبر في 2001 على الولايات المتحدة أثرت حينها في السياحة العالمية. هناك منظمات إرهابية، مثلاً في مصر، تركز على السياح كأهداف لهجماتها لإضعاف اقتصاد النظام. هناك من يأخذ السياحة في اعتباراته العملانية، مثلاً الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، شرح في خطابه في آب/أغسطس 2006، أنه فوجىء بردة فعل إسرائيل العنيفةعلى [عملية] الخطف، لأنه عرف أنه في تلك الفترة يبدأ موسم السياحة في إسرائيل. وفهم من كلامه أن موسم السياحة في لبنان يشكل بالنسبة إليه عاملاً مهدئاً للتصعيد.
السياحة إلى إسرائيل حتى سنة 2017
- في سنة 2000 وصل إلى إسرائيل 2.67 مليون سائح (لا يشمل العدد الزوار ليوم واحد)، في مقابل 1.1 مليون في سنة 1990. الارتفاع في حجم السياحة في التسعينيات له علاقة أيضاً باتفاقات أوسلو مع الفلسطينيين، واتفاق السلام مع الأردن.
- انقلبت الصورة بعد نشوب الانتفاضة الثانية في نهاية أيلول/سبتمبر 2000. في سنة 2001 انخفض عدد السياح الذين جاؤوا إلى إسرائيل إلى 1.12 مليون، وفي سنة 2002 إلى 862 ألف شخص فقط (انخفاض يقدر بـ68% مقارنة بسنة 2000). من هذا الانخفاض بدأ الصعود إلى 1.78 مليون سائح في سنة 2005.
- خلال حرب لبنان الثانية (تموز/يوليو- آب/أغسطس 2006) حدث انخفاض في عدد السياح، لكن في الإجمال وصل سنة 2006 إلى إسرائيل 1.74 مليون سائح. في 2007 ارتفع عدد السياح إلى 2.06 مليون، وفي 2008 إلى 2.57 مليون شخص. في 2009 طرأ انخفاض في عدد السياح وبلغ 2.32 مليون شخص، بعد عملية "الرصاص المسبوك" (كانون الأول/ديسمبر 2008- كانون الثاني/يناير 2009).
- في سنة 2013 وصل عدد السياح إلى 2.96 مليون. في فترة عملية الجرف الصامد (تموز/يوليو- آب/أغسطس 2014) انخفضت حركة السياح، لكن سنة 2014 انتهت مع 2.93 مليون سائح.
السياحة إلى إسرائيل خلال 2017-2018
- وصل عدد السياح إلى إسرائيل في سنة 2017 إلى 3.61 مليون مقارنة بـ 2.90 مليون في 2016.
- في سنة 2018 وصل عدد السياح إلى إسرائيل إلى الذروة، وبحسب تعداد المكتب المركزي للإحصاء جاء 4.1 مليون سائح، بزيادة تقدر بـ100% عن فترة 2017-2018. جرت هذه الزيادة على الرغم من زيادة سعر صرف الشيكل مقارنة بـ الدولار في جزء من سنة 2018، وعلى الرغم من الأسعار المرتفعة نسبياً في الفنادق (بحسب أرقام 2017 يبلغ سعر الغرفة في فندق في تل أبيب 332 دولاراً في الليلة كمعدل، مقارنة بـ 384 دولاراً في باريس، و161 دولاراً في برشلونة، و110 دولار في برلين، و91 دولاراً في إستانبول).
- المداخيل من السياحة هي أيضاً في ارتفاع. بالاستناد إلى أرقام جزئية، تجاوزت مداخيل إسرائيل من السياحة 6 مليارات دولار (من دون إنفاق العمال الأجانب في إسرائيل). وبحسب المكتب المركزي للإحصاء بلغت المداخيل 5.68 مليار دولار في سنة 2015، و4.82 مليار دولار في سنة 2016، و3.78 مليار دولار في سنة 2010. يجب التشديد على أن السياحة تساهم مساهمة كبيرة غير مباشرة في الاقتصاد، مثلاً في مجال الاستثمارات وتصدير البضائع، لأن جزءاً من السياح هم رجال أعمال.
دلالات
- مع أن هناك أسباباً متعددة لتقلبات السياحة (جزء منها موسمي) يمكن أن نرى في عدد السياح مؤشراً إلى الإحساس بالأمان لدى السياح إلى إسرائيل. حجم السياحة هو أيضاً مؤشر إلى جاذبية إسرائيل وتطبيع علاقاتها مع دول متعددة. الارتفاع الدراماتيكي في حجم السياحة في العقد الأخير، على الرغم من الوضع الأمني ومن ظاهرة المقاطعة التي تدعو لها حركة الـBDS يمكن أن يدل على إحساس السياح بالأمان، كما يدل أيضاً على فشل جهود الـBDS في هذا المجال. وهذا معطى مهم في ضوء الفجوة القائمة بين هذا المعطى وبين الشعور السائد في إسرائيل بأن الوضع قابل للانفجار. على الرغم من ذلك، يجب التعامل مع جمهور السياح بصفته ذي حساسية عالية جداً حيال الأحداث الأمنية.
- لدى مراجعة الرسوم البيانية لعدد السياح إلى إسرائيل في عدة سنوات يتضح أن الأحداث الأمنية المحدودة في حجمها، مثل حرب لبنان الثانية، وعملية الرصاص المسبوك، وعملية الجرف الصامد كان لها انعكاسات محدودة زمنياً وكمياً على السياحة. يمكن الاستنتاج من ذلك أن معظم السياح قدّروا أن إسرائيل لا تتعرض لخطر كبير، وأيضاً لأن معظم العمليات كانت تجري في شمال البلد وفي جنوبها، بينما مراكز السياحة الأساسية - القدس، تل أبيب، ومنطقة البحر الميت - لم تكن عرضة للخطر بشكل واضح. استعادة الانتعاش بعد مثل هذه الأحداث ليست أمراً مفروغاً منه، لأن السياح عادة لا يدخلون في عمق الأحداث الأمنية ويتأثرون بصورة كبيرة بما تنشره وسائل الإعلام. في مقابل ذلك، في فترة الانتفاضة الثانية التي كانت مواجهة مستمرة وشملت وسط البلد، كان التأثير في السياحة شديداً، والخلاص طويلاً.
- يعكس ارتفاع عدد السياح من الولايات المتحدة ومن فرنسا إلى إسرائيل العلاقات الجيدة بين هذه الدول والعلاقة المهمة بين الجالية اليهودية في هاتين الدولتين وبين إسرائيل. من المحتمل أن الارتفاع في السياحة من فرنسا إلى إسرائيل له علاقة أيضاً بزيادة العداء للسامية في هذه الدولة وفي أوروبا بصورة عامة. أي أن جزءاً من هؤلاء السياح يهود فرنسيون، يشعرون في إسرائيل بأمان كبير، وربما جاؤوا ليفحصوا إمكانية الهجرة إلى إسرائيل.
- حجم السياحة إلى إسرائيل هو إنجاز يجب تطويره بسبب أهميته للدولة، وللشركات والاقتصاد، وأن نأخذه في الحسبان أيضاً في المسائل الأمنية. الاستثمارات في مجال الأمن وفي أحداث خاصة (مثل مهرجان الإيروفيجين 2019 المتوقع أن يجري في أيار/مايو في تل أبيب) هو جزء من ذلك. من ناحية أُخرى عندما نشن حرباً أو عملية كبيرة لا يمكن تجاهل الضرر المتوقع على السياحة في إسرائيل.