من ربح ومن خسر في مؤتمر وارسو؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • مؤتمر وارسو الذي انتهى يوم الخميس الماضي كان محاولة أميركية غير ناجحة لبلورة معسكر دولي واسع مؤيد لأهداف السياسة الخارجية الشرق أوسطية والأوروبية لإدارة ترامب.
  • لقد كان للولايات المتحدة عدة أهداف تريد الدفع بها قدماً في المؤتمر. الهدف الأول تفعيل وزيادة الجهود لكبح المشروع النووي العسكري الإيراني وتطلع إيران إلى الهيمنة على الشرق الأوسط، وذلك من خلال استعراض قوة دولي، وزيادة العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي.
  • تتخوف الدول الشرق أوسطية التي دُعيت إلى المؤتمر من إيران، وتريد الحصول على مساعدة اقتصادية وعسكرية من الولايات المتحدة، لذلك فهي تلقائياً موجودة في جيبها. لكن الأميركيين دعوا أيضاً دولاً غربية أوروبية وآسيوية عديدة كي يظهروا موقع زعامتهم في العالم، وليثبتوا للإيرانيين أيضاً أنه حتى من عارض علناً انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ينوي في نهاية الأمر الانصياع لنظام العقوبات.
  • وهدف آخر – من أجله عقد المؤتمر في بولندا – هو الرغبة الأميركية في منع روسيا من التحول إلى قوة عظمى مسيطرة في الشرق الأوسط وأوروبا. وذلك من خلال إعادة إظهار الالتزام الأميركي تجاه حلفائها الشرق أوروبيين الذين انضموا في مرحلة متأخرة إلى حلف شمال الأطلسي وإلى الاتحاد الأوروبي. هذه الدول وعلى رأسها بولندا مهددة حالياً من قبل روسيا. فقد هدّد بوتين أكثر من مرة بمهاجمة بولندا لأنها وافقت على أن تقيم الولايات المتحدة على أراضيها، على الحدود الغربية لروسيا، قواعد عسكرية تابعة للناتو.
  • لكن نوايا الولايات المتحدة لم تتحقق في أغلبيتها. الدول الغربية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وفي طليعتها ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا وإيطالياـ رفضت اتخاذ خطوة معادية لإيران بصورة قاطعة. لذا غيّر الأميركيون والبولنديون، المبادرون إلى الدعوة لعقد المؤتمر ومضيفوه، الهدف المعلن للمؤتمر وأضافوا بضعة أهداف بصورة عتّمت على مضمونه المعادي لإيران.
  • أعلن وزير الخارجية البولندي المضيف أن أهداف المؤتمر هي: الرقابة على أسلحة الدمار الشامل - تعبير مهذب معناه معارضة المشروع النووي العسكري الإيراني؛ حل المسائل الإنسانية، ومعناه معالجة مشكلة اللاجئين السوريين وقضايا غزة؛ محاربة الإرهاب - تعبير عن التآمر الإيراني في العراق، وفي اليمن، وسورية ولبنان؛ الأمن والطاقة - تعبير عن ضرورة إيجاد رد عسكري على تهديد الصواريخ الباليستية لإيران على السعودية وعلى دول عربية أخرى، وتهديد إيران وحلفائها لحرية الملاحة في مياه الخليج الفارسي [العربي] وفي مضائق هرمز وباب المندب.
  • نتيجة لذلك، وافقت الدول الأوروبية على المشاركة في المؤتمر لكن بمستوى منخفض وقليل الأهمية، مما شكل إهانة للمنظمين وأفرح الإيرانيين. لكن الصفعة الحقيقية تلقاها الأميركيون في المؤتمر نفسه عندما رفض الاتحاد الأوروبي الانزياح ولو ميليمتراً واحداً عن تأييده للاتفاق النووي. وأيضاً لم يوافق على إلغاء آلية التجارة مع إيران التي أقامها الأوروبيون خصيصاً للإلتفاف على العقوبات الأميركية.
  • كي لا يفشل المؤتمر فشلاً ذريعاً، قرر كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن يضيفوا إلى أهدافهم تجنيد تأييد سياسي واقتصادي لـ"صفقة القرن" التي صاغوها من أجل حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. ينسجم هذا مع الهدف المعلن للمؤتمر المتعلق بتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو يعطي فرصة لجاريد كوشنير وجيسون غرينبلات، مهندسي "الصفقة" من أجل إدخال تحسينات على جهودهم، وحصولهما على تأييد الدول الخليجية والعربية المعتدلة.
  • المكوّن الاقتصادي في الصفقة الذي على الخليجيين العرب تمويله، كان يجب أن يكون المستند المركزي الذي تستند إليه الصفقة كلها. فهي تقوم على تحسين اقتصادي واستراتيجي بصورة دراماتيكية لوضع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. مقابل موافقتهم الاستراتيجية - الدراماتيكية على السلام مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات بين الدولة اليهودية وبين العالم العربي.
  • تشير أهمية التمثيل المحترم للدول العربية في المؤتمر إلى فرص جيدة لإدارة ترامب لتحقيق رغبتها في إقامة نوع من حلف ناتو شرق - أوسطي لا يتكون من عضوية الدول الخليجية فقط بل يشمل أيضاً مصر، والأردن، والمغرب، وتونس. لم يحدث هذا في وارسو لكنه يمكن أن يحدث في المستقبل.
  • ووفقاً لانطباعات مراقبين كانوا حاضرين في وارسو في الأيام الأخيرة، تريد الدول العربية ومستعدة، لأن تكون إسرائيل شريكة فاعلة ومهمة في الحلف المعادي لإيران الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن فقط من وراء الكواليس ومن تحت الطاولة. وما دام ليس هناك حل للمشكلة الفلسطينية، فإن العرب ليسوا مستعدين لأن يكونوا شركاء علنيين في أي مبادرة تشكل إسرائيل جزءاً منها، على الرغم من الفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها من شراكة علنية مع إسرائيل.
  • الإنجاز الأساسي لمؤتمر وارسو بالنسبة إلى نتنياهو هو تثبيت صورته كزعيم وكرجل دولة من مستوى عالمي، وأنه هو فقط قادر على إنقاذنا من براثن الوحش الإيراني، وهو فقط بقوته الشخصية قادر على أن يشق لنا مكاننا المناسب بين الأمم. ليس هناك ما يضير في خلق صورة كهذه من قبل رئيس الحكومة عشية الانتخابات، لكن نتنياهو هو أيضاً وزير دفاع، وتباهيه وتصريحاته التي كسر فيها سياسة الغموض والتي تحولت إلى فيض، يضران بالأمن القومي.
  • يمكن القول إن التصريحات الحربية لنتنياهو وهو على سلم الطائرة التي أقلته إلى وارسو، وكلامه في وارسو هذا الأسبوع، رفعا مستوى احتمال انفجار المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية في سورية ولبنان.
  • أيضاً كلام نتنياهو عن تعاون البولنديين مع النازيين، الصحيح بحد ذاته، كان لأغراض انتخابية. الدليل على ذلك أن نتنياهو امتنع بشدة – على الرغم من احتجاج الجمهور - من الإدلاء بمثل هذا الكلام أثناء مناقشة البرلمان البولندي لهذا الموضوع، وضغط من أجل التصالح مع البولنديين.
  • في مقابل نتنياهو الذي عاد راضياً من وارسو، غادر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو المؤتمر بنصف ما كانا يشتيهان. "حلف وارسو" جديد لم يقيما. لقد حصلت واشنطن على دعم غير محدود - كان أصلاً متوفراً لديها - من جانب المعسكر العربي – السني لجهود لجم المشروع النووي الإيراني ومشروع الصواريخ الباليستية. لكن حلف ناتو شرق – أوسطي لم ينشأ بعد.
  • إذن، على ماذا حصلنا؟ الكثير من الهواء الساخن ومحاولة أميركية خرقاء، لم تنجح في عزل إيران أو تظهر لبوتين أن قوة واشنطن ما تزال كما هي. مع ذلك من هو الرابح؟ هذا أصبح واضحاً.
 

المزيد ضمن العدد 3031