قمة وارسو لن تخلق حلفاً قوياً ضد إيران، لكن ربما تقوي علاقات إسرائيل بالدول العربية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • القمة التي ستُعقد اليوم (الخميس) في وارسو، بمشاركة زعماء من الولايات المتحدة، وأوروبا، وإسرائيل، ومن دول عربية، تهدف إلى بناء ائتلاف دولي يضغط على إيران ويجبر الدول الرافضة على الانضمام إلى العقوبات التي فرضها دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر.
  • كان من المفترض أن تكون إيران نجمة المؤتمر، لكن الاختلافات العميقة في الرأي بين جزء من الدول الأوروبية وواشنطن بشأن مسألة العقوبات أدت إلى أن جزءاً من هذه الدول – مثل ألمانيا وفرنسا - خفّض مستوى تمثيله. ووزير الخارجية البريطاني أعلن أنه سيبقى فترة قصيرة فقط، بينما تركيا، العضوة المهمة في حلف شمال الأطلسي والحليفة لإيران، لم ترسل ممثلاً لها وأعلنت أن سفارتها في وارسو ستتابع المؤتمر. في المقابل أرسلت السعودية والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والأردن، وعُمان وإسرائيل رؤساء دولة أو وزراء خارجية، وسيمثل مصر نائب وزير الخارجية.
  • لكل واحدة من هذه المجموعات مصالحها الخاصة، ولا تشير مشاركتها إلى القبول أو إلى الاستعداد للعمل معاً ضد إيران. بالنسبة إلى بولندة الدولة المضيفة، تكمن أهمية القمة في الرسالة التي تأمل في أن توجهها إلى روسيا (التي تعتبرها تهديداً استراتيجياً)، بأن الشراكة بينها وبين الولايات المتحدة ما تزال موجودة. كما تتطلع بولندة أيضاً إلى أن تقيم الولايات المتحدة قاعدة عسكرية دائمة على أراضيها، بالإضافة إلى الصواريخ الباليستية المنصوبة فيها. العقوبات على إيران التي تؤيدها لا تهمها بصورة خاصة. السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة يسعون لإقامة آلية عمل دولية أهدافها وصلاحياتها غامضة. إذا كانت الرغبة إجبار إيران على إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد وكبح مشروع الصواريخ الباليستية، معنى ذلك أن هذه الدول تعتبر إيران محاوراً شرعياً يمكن الاعتماد عليها بأن تحترم اتفاقات مستقبلية.
  • إذا كانت هذه هي نظرتهم إليها، من الممكن التساؤل لماذا انسحب ترامب من الاتفاق بدلاً من الدفع قدماً بمفاوضات أُخرى مع إيران. إذا كانت الرغبة هي بناء ائتلاف واسع مؤيد للعقوبات، يجبر إيران على الخضوع لمطالب الولايات المتحدة من دون مفاوضات - فإن مثل هذا المؤتمر لن يكون مفيداً، لأنه من دون روسيا والصين والعراق يمكن ان تكون الثغرات في العقوبات أكبر من أن تنجح هذه العقوبات في ليِّ ذراع طهران.
  • لقد أوضحت إيران، التي تعارض بشدة تغيير الاتفاق النووي وأي تدخل في مشروع الصواريخ الباليستية، أنها لا تنوي إجراء مفاوضات بشأن هذين الموضوعين، لأنه في تقديرها أي مفاوضات مع الولايات المتحدة محكوم عليها بالفشل، لأن واشنطن سبق أن أثبتت أنها ليست شريكة موثوق بها في الاتفاقات. أغلبية دول الاتحاد الأوروبي - وفي طليعتها ألمانيا، وبريطانيا وفرنسا التي أدت دور الإشبين الأوروبي للاتفاق - تعتقد أنه يجب ترك الأمور على حالها، ورفع العقوبات عن إيران، وإجراء مفاوضات لتعديل الاتفاق، وبشأن مشروع الصواريخ الباليستية.
  • حالياً تحاول هذه الدول الثلاث الالتفاف على نظام العقوبات الجديد بواسطة "أدوات لدعم التبادل التجاري" (INSTEX) التي تسمح بالتجارة مع إيران بواسطة شركة تمويل مشتركة لا تستخدم الدولار كعملة في التجارة. هذه الأداة لا يمكن أن تحل محل الاتفاقات التجارية الكبيرة التي وقّعتها إيران مع شركات اوروبية وغيرها بعد الاتفاق النووي. وهي أيضاً لا تساعد إيران على التغلب على الأزمة الاقتصادية - لكنها تشجعها على التمسك بالاتفاق وعدم العودة إلى مشاريع التطوير النووي. في الوقت عينه، يوضح الالتفاف الأوروبي الفجوة العميقة القائمة بين دول الاتحاد الأوروبي وبين واشنطن، والتي ليس باستطاعة حسن الضيافة البولندي التغلب عليها. بهذه الطريقة ومن دون قصد تبني سياسة ترامب كتلة أوروبية - روسية وتوجد اتحاداً دولياً بديلاً للأمم المتحدة. وهاتان النتيجتان يمكن أن تستغلهما إيران.
  • الرياض والقدس هما الشريكان البديهيان لأي سياسة ضد إيران، لكن هذا لا يعني أن السعودية ورفاقها في مجموعة دول الخليج سيكونون على استعداد لاحتضان إسرائيل - في الأساس بسبب سياستها حيال النزاع مــع الفلسطينيين. كان من الممكن لهــذه القمة أن تشــجع التعاون الإسرائيلي - العربي لو وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل على إدخال النزاع في النقاشات، لكن في مثل هذه الحالة كان ثمة شك في أن يحضر نتنياهو هذا المنتدى - تماماً مثلما محمود عباس لم يحضر بسبب مقاطعته الإدارة الأميركية.
  • بالنسبة إلى نتنياهو هذه مناسبة لأخذ الصور مع زعماء عرب لا يقيمون علاقات رسمية مع إسرائيل - هذه الصور بالتأكيد ستزيّن اللوحات الإعلانية لليكود. ويمكن التقدير أن الهدايا التي سيعود بها من وارسو ستشمل في الأساس كلمات كبيرة وتصريحات فارغة، من دون إنجاز حقيقي في مسألة التهديد الإيراني.
  • مع ذلك، مثل هذا اللقاء العربي - الإسرائيلي الذي يجري للمرة الأولى منذ القمم الدولية التي رافقت اتفاقات أوسلو في التسعينيات هو حدث إيجابي. أيضاً حتى لو لم يثمر نتائج سياسية محسوسة، مثل إقامة علاقات دبلوماسية أو اتفاقات تجارية، من المحتمل أن يكون هناك تفاهمات من وراء الكواليس تؤدي إلى تبدد المقاطعة العربية الرسمية الجارفة للاتصالات مع إسرائيل، وتقوي أسس اتفاقات القدس الرسمية مع مصر والأردن. المفارقة أنه بفضل إيران - أو بسببها - نشأت بنية سياسية جديدة ما كان لها أن تتبلور لولا المصلحة الاستراتيجية المشتركة بين دول متعادية.