نهاية الأحزاب التاريخية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- حزب العمل، وريث حركة مباي الرائدة التاريخية يتراجع في استطلاعات الرأي. حزب البيت اليهودي - استمرار لحزب المفدال الذي هو أيضاً حزب تاريخي والبيت الذي نشأت فيها الصهيونية الدينية - يواجه بحسب هذه الاستطلاعات صعوبة في تجاوز نسبة الحسم. عملية اختفاء الأحزاب التاريخية الإيديولوجية بدأت قبل المعركة الانتخابية الحالية بوقت طويل. هناك نموذجان على ذلك: مبام وإحدوت هعفودا، الحزبان اللذان لعبا دوراً تاريخياً في قيام الدولة وفي بلورة صورتها اختفيا، ولم نعد نعرف مكان وجودهما.
- يوجد فارق جوهري بين نوعين من الناجين القدامى. قوة حزب البيت اليهودي على التكيف، التي رغم تقلصه الانتخابي المنتظر، تزداد قوة ويبرز تأثيرها الواضح تقريباً في كل المجالات. وهي التي ترسم لليكود طريقه الفكري والعملي أيضاً. في المقابل، ضعفت قوة حزب العمل، وفي العقود الأخيرة جرى التخلي عنه بسبب افتقاره إلى المضمون والأفعال التي بسببها وصل إلى موقعه كالحزب الذي شق الطريق نحو الدولة وضبط أنماط حياتها. لا يفهم الناخبون بماذا يمتاز حزب العمل اليوم في الخريطة السياسية، ولم تعد تظهر فيه شخصيات وطنية. إن غياب شخصيات قيادية تمتاز بصفات الزعامة - على الصعيد الإيديولوجي - يجفف الحزب فكرياً وتنظيمياً.
- ومن المفارقات، أن حزب البيت اليهودي وصل إلى هذا الوضع الضعيف تحديداً لأن لديه أكثر بكثير مما لدى حزب العمل. كل حزب تقريباً، سواء كان قديماً أم جديداً، يحاول أن يضم إلى قائمته شخصيات بارزة من الصهيونيين المتدينين. في الماضي كانت الأحزاب تجد من المناسب أن تضم إليها شخصيات فكرية وفاعلة من المستوطنين. اليوم هي تسعى وراء الناشطين الاجتماعيين الاستيطانيين ووراء شخصيات أمنية ظهرت وسط الصهيونية الدينية. في بداية الاستيطان في يهودا والسامرة علّم أفراد الكيبوتس من الجليل أنصار حركة غوش إيمونيم [الاستيطانية الدينية] كيف ينشئون مستوطنات. حالياً بنحاس فالرشتاين وزئيف حبار وآخرون [من قادة المستوطنات التابعة للحركة الدينية الاستيطانية] يقومون بترميم كيبوتسات على وشك الانهيار، ويجندون من أجلها مستوطنين، وتقوم حركة "أمانا" [الحركة الاستيطانية التابعة لحركة غوش إيمونيم الدينية] ببناء منازل هذه الكيبوتسات.
- في الوقت الذي يفتقر فيه حزب العمل إلى زعامة روحية، يبدو حزب البيت اليهودي يعاني من فائض من هذه الزعامة؛ هذا الفائض هو الذي يشكل أحد الأسباب المركزية لانكماشه الانتخابي. الحاخامون اليوم يفرضون، مثل نظرائهم في الأحزاب الحريدية، خط الحزب. وحتى المصالح تصبح متشابهة: تمويل مئات المستوطنات، وصفوف التعليم والمؤسسات الأخرى. في نظرهم هذه المصلحة يمكن أن تتحقق فقط إذا استمر حزب البيت اليهودي يتصرف كحزب قطاعي. لقد حاولت أييليت شاكيد ونفتالي بينت الحد من نفوذ الحاخامين. وعندما فشلا استقالا وشكلا حزب "اليمين الجديد". وبحسب الاستطلاعات هو يجر وراءه قسماً كبيراً من المقترعين للصهيونية الدينية.
- لقد اختار أغلبية المنتمين إلى حزب البيت اليهودي الخروج منه حاملين معهم رسائلهم وقيمهم – لا ما يفرضه الحاخامون - إلى الجمهور. هذا تفسير تدفق الناخبين من الصهيونيين المتدينين نحو الليكود وأحزاب أخرى.
- ليس من أجل قوتهم السياسية (التي لم تتأكد بعد) يضم يائير لبيد وبني غانتس وزعماء الأحزاب الأخرى أبناء الصهيونية الدينية إلى قوائمهم الانتخابية. حتى لو نجح حزب البيت اليهودي في تجاوز نسبة الحسم، ليس هناك شك في أن زمنه قد انتهى. يائير لبيد الباحث في المجتمع الديني - القومي، يسمي ذلك "مفارقة النجاح".