التوتر بين عباس و"حماس" يدهور الوضع الأمني في غزة في توقيت غير مريح لنتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تجدُّد ارتفاع التوتر الداخلي بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، هو الذي يشعّ على الوضع الأمني على حدود قطاع غزة. فكلما زاد رئيس السلطة محمود عباس من توجهه نحو الانفصال عن القطاع، كلما زاد الضغط الاقتصادي الذي تعانيه "حماس". تبادل الاتهامات وحوادث العنف بين المعسكرين الفلسطينيين المتنافسين يهددان بتخريب الهدوء (النسبي والجزئي جداً) الذي جرى التوصل إليه في الأسابيع الأخيرة بين "حماس" وإسرائيل. تجري هذه الأمور في توقيت غير مريح بالنسبة إلى رئيس الحكومة نتنياهو في ضوء الانتخابات التي تقترب.
  • في الأيام الأخيرة، قرر عباس سحب عناصره من معابر الحدود في القطاع، وكانوا قد جاؤوا إلى هناك كخطوة أولى في إطار تفاهمات مصالحة لم تتحقق بين السلطة و"حماس". في هذه الأثناء  يرفع عباس من وتيرة تهديداته بتقليص مبالغ إضافية من المساعدة التي تحولها السلطة إلى "حماس" من أجل التزود بالمياه والكهرباء. يشعر رئيس السلطة بالقلق حيال الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها هو نفسه، على خلفية تقليص المساعدة الأميركية للسلطة ولوكالة الأونروا التي تساعد الفلسطينيين في الضفة الغربية. هذا هو أحد أسباب تهديداته المالية الموجهة إلى "حماس".
  • لكن في خلفية خطوات عباس يوجد أيضاً خيبة أمل أكبر بكثير، تعود إلى شعوره بأن "حماس" تحصل على المال منه من دون أن تقدم شيئاً في المقابل، بالإضافة إلى أن إسرائيل تعوض على "حماس" باعتراف غير مباشر بسيادتها على القطاع من خلال وقف إطلاق نار كأمر واقع (defacto) وتخفيف الحصار، بينما تتجاهل جميع دعوات السلطة إلى معاودة المفاوضات السياسية. ومن المفيد التذكير بأن موجات التصعيد العنيف في القطاع بدأت في نهاية آذار/مارس الماضي، مع بداية "مسيرات العودة" إلى الحدود، وذلك نتيجة تقليصات أولى في المساعدة التي تقدمها السلطة إلى "حماس". وفي الأسبوع الماضي وقعت حوادث عنيفة بين عناصر "حماس" و"فتح" في القطاع. أرادت "فتح" الاحتفال بالذكرى السنوية لتأسيسها في 1 كانون الثاني/يناير في احتفال كبير، منعته "حماس". وفي وقت لاحق جرى الحديث عن مهرجان شعبي، بمبادرة، على ما يبدو، من أنصار محمد دحلان، رجل "فتح" الذي اختلف مع عباس على قيادة السلطة. وفي هذه الأثناء وقع حادث آخر عندما قام بضعة أشخاص - هناك خلاف بشأن انتماءاتهم التنظيمية - باقتحام محطة تلفزيون تتماهى مع السلطة الفلسطينية في غزة، ودمروا معداتها.
  • تثير خطوات عباس قلقاً لدى "حماس"، كونها قد تمس التزود بالكهرباء في ذروة الشتاء. ويبدو أن زعماء "حماس"، وربما مصر، يجدون صعوبة في قراءة خطوات عباس المقبلة. التوتر الداخلي ينزلق أيضاً إلى الجبهة الأمنية. أول من أمس أطلق مجهول عبوة ناسفة بواسطة بالونات إلى النقب. رد الجيش بهجوم قامت به طوافات جرى خلاله تفجير موقعين لـ"حماس". خلال ساعات الليل، وبعد هدنة طويلة نسبياً، أُطلق صاروخ من القطاع على عسقلان اعترضته بطارية القبة الحديدية.

حالياً يتعرقل دخول المساعدة المالية الشهرية القطرية إلى القطاع التي تبلغ 15 مليون دولار، والمخطط لتنفيذها حتى 10/1. يبدو أن التأخير مرتبط أيضاً بظروف فترة الانتخابات القاهرة. فوزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان يهاجم باستمرار نتنياهو لسماحه بانتقال المال القطري إلى "حماس". صور المال الذي يُنقل بالحقائب ليست مريحة لنتنياهو، بسبب تأثيرها السيء على ناخبي اليمين. مع ذلك، لم يخرج رئيس الحكومة عن السياسة التي انتهجها طول السنة الأخيرة في القطاع. ومؤخراً هدد "حماس" من خلال رسائل نقلتها الاستخبارات المصرية بألاّ تحاول تأجيج حدود القطاع خلال فترة الانتخابات لأن إسرائيل سترد بعنف غير مسبوق. لكن في الجانب الثاني، التعليمات الموجهة إلى قادة الجيش الإسرائيلي بشأن استخدام القوة في القطاع ما تزال على حالها: انتهاج مقاربة مضبوطة، وبذل كل ما يمكن للمحافظة على الهدوء، من دون التسبب بتصعيد.

 

المزيد ضمن العدد 3003