احتلال؟ عن أي احتلال تتحدثون؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يوم الاثنين، وفي الجزء المغلق من جلسة عقدتها كتلة الليكود، قال بنيامين نتنياهو الكلام التالي: "الشعوب تحترم الأخلاق حتى حدود معروفة وتحترم القوة أكثر بكثير. نحن نرفض مفهوم الاحتلال. إذا كان الاحتلال هو الموضوع، هناك عدة دول تحتل دولاً أُخرى ولا أحد يقول كلمة عنها. دول كبيرة معروفة، لم يقل أحد كلمة عن تركيا وعن شمال قبرص".
- بعد مرور 30 عاماً من حياته السياسية أخيراً سمعنا الحقيقة من نتنياهو: الاحتلال ليس هو الموضوع. السكان الواقعون تحت الاحتلال ليسوا مهمين. ملايين الأشخاص الذين تُداس حقوقهم يوماً بعد يوم، وحياتهم ليست حياة، لا يهمون رئيس حكومة إسرائيل. فهو غير معني بذلك. القوة هي الأمر الوحيد المهم. قوة يهودية. ومن هذه الزاوية تحديداً نتنياهو راض. في تلك الجلسة قال نتنياهو: "من المهم الحديث عن هذه الأشياء لأنهم تحدثوا عن تسونامي وأن علينا حل الموضوع الفلسطيني. يجب ألاّ يوقفنا هذا إزاء النجاح الدبلوماسي الكبير الذي نحققه".
- في جنوب الخليل بنى أشخاص موقعاً استيطانياً على أرض مسروقة، بينما سكان الخان الأحمر سيجري إجلاؤهم. من حق المستوطنين أن يبنوا بسبب "الزيادة الطبيعية"، بينما التخطيط للبناء غير مسموح فيه للسكان في المناطق "بأوامر من المستوى السياسي"، كما اعترف مؤخراً رئيس الإدارة المدنية. السكان ليس لهم صفة انسانية، لذلك يمكن أن ندوس عليهم، أو "نستبدلهم" كما نعيد غرضاً اشتريناه من دكان.
- على الرغم من فظاعة هذه الأمور، يجب أن نقول شيئاً عن القوة التي يظهرها نتنياهو مثل أزعر هوليودي. القوة هي أكبر من مجموع القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة. اقتصاد إسرائيل وقوتها العسكرية يعتمدان على تحالفاتها، وهذه التحالفات تستند أيضاً إلى القيم. إسرائيل وثيقة الاستقلال هي دولة استطاعت أن تحقق ما يكفي من القوة لتدخل في تحالف مع الولايات المتحدة ودول أوروبا. إسرائيل في عهد نتنياهو تسعى وراء أي طاغية محلي مستعد لنقل سفارته [إلى القدس].
- الدول القوية لا تنجر إلى مساعدة فيكتور أوربن الهنغاري، الذي تطفح حملاته الانتخابية بالعداء للسامية، أو إلى جايير بولسونارو البرازيلي، الذي يتحدث عن إعادة الديكتاتوريات العسكرية إلى بلده. لكن يبدو أنه وراء تطابق المصالح التي في أساس سلسلة هذه التحالفات توجد أيضاً أخلاق مشتركة.
- لم يحظ كلام نتنياهو تقريباً بالاهتمام. لم يطلب أحد منه توضيح كلامه وتفسير كيف يمكن أن ينسجم مع الأكاذيب التي نشرها في خطاب بار إيلان. ربما لأننا لا نتوقع منه أن يقول الحقيقة.
- بشأن مستقبل المناطق تجري انتخابات في إسرائيل، ورئيس الحكومة يعتقد أنه من المشروع أن يحافظ على الغموض. من السهل فهم ذلك، اذا أخذنا في الحسبان السياسة التي يؤيدها. الأكثر صعوبة هو فهم لماذا يقبل الجمهور هذا الازدراء.
- ربما تحدث نتنياهو عن علاقات دولية، لكنه يدفع قدماً بسياسة تفتقر إلى قيم. وإذا لم نكن حذرين فإن إسرائيل ستصبح شبيهة له: دولة مصابة بجنون العظمة، تتحدث عن "الولاء" لكنها تحب الإطراء، دولة جميع مواطنيها هم أعداء محتملين. نحن نقف على حافة هاوية، وفي قاعها يبدو لنا وجه نتنياهو.