4 ملاحظات على العقوبات ضد إيران التي دخلت في حيز التنفيذ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • حذر إيراني ملحوظ في المجال النووي

بصورة مفاجئة، امتنعت إيران من الرد على الصعيد النووي ضد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات. لقد كان متوقعاً ألاّ تتغاضى طهران عن المسّ بكرامتها وتواصل الانصياع للاتفاق في الوقت الذي تتعرض للعقوبات، وأن يغريها استخدام مراقب ومدروس لمشروعها النووي كأداة ضغط تدفع من خلالها أوروبا إلى الوقوف ضد العقوبات الأميركية.

لم يحدث ذلك (حتى الآن). وباستثناء تصريحات رئيس اللجنة الإيرانية للطاقة النووية، صالحي، والمرشد الأعلى خامنئي بشأن الاستعدادت لتوسيع المشروع، لم تخرق إيران التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي. ماذا يمكن أن نتعلم من ذلك؟ أنه تحت ضغط العقوبات الأميركية، يتخوف النظام الإيراني من خرق الاتفاق كي لا يثير الأوروبيين ضده أيضاً، بصورة تجعله في مواجهة عزلة اقتصادية، وهو ما سيفاقم الاحتجاج الداخلي وسيؤثر في استقراره.

 

  • عدم حذر إيراني ملحوظ في مجال الإرهاب

نشاطات إيران التي تهدف إلى اغتيال معارضين للنظام على أراض أوروبية (في فرنسا ومؤخراً في الدانمارك) مثيرة للدهشة، ولا سيما في ضوء اعتماد إيران على الدول الأوروبية على خلفية العقوبات الأميركية، وفي ظل تجربة الماضي الطويلة التي أثبتت أن لعمليات من هذا النوع تأثيراً مدمراً في العلاقات الثنائية (يُذكر في هذا السياق "قضية ميكونوس") [اتهام إيران بحادثة تفجير ملهى ميكونوس في برلين في سنة 1992]. لماذا والحال كذلك تطلق إيران النار على قدمها؟

الجواب هو أن النظام يعيش حالة ضغط على خلفية الاحتجاج الذي يرفض أن يتلاشى في إيران وعودة التنظيمات الانفصالية (كما يدل الهجوم الكبير في منطقة الأهواز). لذلك ما يجري هو واحد من اثنين: إما أن يكون قد ارتكب خطأ تحت الضغط، أو أن الأمر يستحق أن يدفع النظام ثمنه لإزالة تهديدات مباشرة له.

 

  • من استراتيجيا "أقصى قدر من الضغط" ودفعة واحدة، إلى زيادته التدريجية.

قرار إدارة ترامب منح إعفاءات موقتة من العقوبات لثماني دول والانتظار في هذه المرحلة، مع خطوات تمنع إيران من القيام بعمليات من خلال SWIFT (آلية المقاصة ومركز عصب النظام المالي الدولي) لا تعكس تردداً أميركياً. لقد أدركت الإدارة الأميركية أن ضغطاً عنيفاً جداً يمكن أن يزعزع سوق النفط ويؤدي إلى قفز أسعاره بشكل غير مضبوط، على نحو يعادل تأثير تقليص تصدير النفط الإيراني (الذي انخفص منذ أيار/مايو أكثر من 30%) في الاقتصاد الإيراني.

الصعوبات  في دفع السعودية إلى زيادة إنتاج النفط، على خلفية قضية الخاشقجي (التي يمكن أن تبدو أيضاً فرصة)، ومؤشر السوق عندما وصل سعر بيع البرميل إلى حوالي 80 دولاراً قبل شهر، أقنعا الإدارة بتخفيف الضغط قليلاً. علاوة على ذلك، من الممكن أن يبدو الضغط التدريجي كاستراتيجيا لا تقل نجاعة، فهو لا يتيح فقط حشر الإيرانيين في الزاوية، بل سيبقى فوق رأسها سيفاً مسلطاً هو إلغاء الإعفاءات ومنع القيام بعلميات الـSWIFT.

إصرار الإدارة الأميركية على مواصلة شد البراغي برز في تهديدات وزير المال ستيفن منوشين في نهاية الأسبوع، عندما قال إنه إذا قامت أوروبا بوضع آلية تلتف فيها على الـSWIFT فإن الولايات المتحدة سترد بصورة عنيفة.

 

  • تركيز الاستراتيجيا الأميركية

تعلن الولايات المتحدة أن هدف الضغوطات هو إحداث تغيير جذري في سلوك نظام آيات الله. في خطاب ألقاه في أيار/مايو قدم وزير الخارجية الأميركي بومبيو 12 طلباً تفصيلياً إلى إيران، يرى البعض فيها إملاء لا يمكن قبوله ومؤشراً إلى نية الإدارة الأميركية عموماً تغيير النظام الإيراني الحالي. في ظل مثل هذه الظروف، كلما تعمق شعور الإيرانيين بأن هذا هو فعلاً الهدف الأعلى للإدارة، فإن فرصة دخول إيران في مفاوضات جوهرية تصير أقل بصورة دراماتيكية ومن جهة أُخرى يزداد خطر إقدام إيران على الرد من خلال توسيع مشروعها النووي، أو من خلال عمليات إرهابية يقوم بها عملاؤها ضد القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.

من أجل تغيير هذه الدينامية الإشكالية، يتعين على الإدارة الأميركية تركيز مطالبها: تعديل الاتفاق النووي، منع تقديم مساعدة بالأسلحة وبالعتاد العسكري إلى جهات إرهابية وإلى دول، انسجاماً مع قرارات مجلس الأمن، وكبح مشروع نظام الصواريخ المتنقلة. وبالإضافة إلى ذلك، من المهم أن تبلور الإدارة وتقدم لإيران مجموعة "جزرات" في مقابل التعاون، وأن تواصل التوضيح أنها لا تسعى لتغيير النظام (كما أعلن مستشار الأمن القومي بولتون، في أثناء زيارته لإسرائيل).