بالتدريج وبصورة متعمدة، "حماس" تعمل على توتير الحدود
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • اليوم الدموي في قطاع غزة أول أمس - سبعة قتلى، بينهم ولد في الاثني عشر، وشاب في الرابعة عشر عاماً، وعشرات الجرحى بنيران الجيش الإسرائيلي، هو اليوم الأخطر منذ قرابة شهرين. يبدو أن ازدياد قوة العنف هو نتيجة مباشرة لقرار تدعمه "حماس". فزعماء الحركة في القطاع واصلوا التهديد في الأسابيع الأخيرة، بزيادة حدة الاشتباكات مع إسرائيل بالقرب من السياج الحدودي، في ضوء الجمود في الاتصالات بشأن إعادة إعمار القطاع. وخلال هذه الفترة، ارتفعت وتيرة التظاهرات، التي أصبحت يومية تقريباً، بالإضافة إلى محاولات اختراق السياج. ونجح يوم أمس أيضاً عشرات المتظاهرين في اجتياز السياج وتخريبه، إلى أن قام الجنود بإبعادهم.
  • الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أعلن عن مشاركة نحو 20 ألف متظاهر فلسطيني في تظاهرات يوم الجمعة، أي ضعف عدد المشاركين في الأسبوع الماضي، كما جرى رمي أكثر من 100 عبوة متفجرة محلية الصنع وقنبلة يدوية على الجنود. وتدل هذه الأرقام، على ما يبدو، على تخطيط وإعداد مسبقين. صحيح أن مسيرات العودة بدأت في 30 آذار/مارس من هذا العام كمبادرة مستقلة، محلية، لكن يبدو أن كل ما يجري منذ ذلك الوقت ينمّ عن خطة عمل منظمة لـ"حماس" التي تسيطر على قوة العنف حتى اليوم، وأيضاً تكبحه في كل مرة يبدو لها أن الأمور قد تتدهور إلى عملية عسكرية إسرائيلية ضد القطاع.
  • الجولة الأخيرة للعنف بين "حماس" وإسرائيل حدثت في 8 آب/أغسطس، عندما أطلق الفلسطينيون نحو 200 صاروخ على أراضي إسرائيل وهاجم سلاح الجو عشرات الأهداف في منطقة القطاع. حينها، جرى التوصل إلى وقف إطلاق نار موقت، بوساطة من مصر والأمم المتحدة، وبدأت اتصالات مكثفة للتوصل إلى تسوية بعيدة الأمد. لكن المفاوضات التي كانت أغلبيتها تدور في القاهرة بين "حماس" والسلطة الفلسطينية وصلت إلى حائط مسدود. وفي غياب التقدم بدأت "حماس" بالتدريج بتأجيج الأجواء على طول الحدود.
  • الأمل المصري بالتوصل إلى اتفاق بعيد الأمد ما يزال يعتمد على مساهمة رئيس السلطة محمود عباس. لكن عباس ليس مهتماً بالمساعدة في التوصل إلى تسوية تدفع قدماً بخصومه السياسيين، وتنقل رسالة إلى الشعب الفلسطيني مفادها أن من يقاوم إسرائيل بالقوة، هو فقط قادر على أن ينتزع منها تنازلات. كل ما حققه المفاوضون حتى الآن، هو تحويل مزيد من الأموال إلى الأونروا. أمّا الاتفاق الآخذ بالتبلور مع قطر لتمويل نقل الوقود التي تستخدمه محطة الكهرباء في القطاع، فهو في النهاية بدائل موقتة للعقوبات التي فرضتها مؤخراً الولايات المتحدة على الفلسطينيين، وفرضها عباس على القطاع. وتأثير هذه الخطوات يمكن أن يتفاقم أيضاً في الأشهر المقبلة.
  • هذا هو أساس التقدير المتشائم الصادر عن أجهزة الاستخبارات في الجلسات الأخيرة للمجلس الوزاري المصغر والحكومة بشأن احتمال حدوث تصعيد أكثر قساوة في القطاع. في نهاية الأسبوع قال رئيس الحكومة للمراسلين الإسرائيليين الذين رافقوه في رحلته لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن الحكومة والمؤسسة الأمنية مستعدتان "لكل سيناريو. وهذا ليس كلاماً فارغاً". حتى الآن كبح نتنياهو الأصوات الأكثر صقرية في ائتلافه، التي حاولت الدفع باتجاه عملية عسكرية واسعة في غزة رداً على إطلاق الطائرات الورقية الحارقة. لكنه لا يقول ما الذي فعله من أجل الدفع قدماً بتسهيلات اقتصادية في القطاع ربما في إمكانها تأجيل انفجار العنف هناك من جديد فترة زمنية طويلة.

بالصدفة، على ما يبدو، يُعتبر شهر أيلول/ سبتمبر وشهر تشرين الأول/ أكتوبر شهرين حسّاسين في المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين. ومثل يوم أمس قبل 18 عاماً، نشبت المواجهة الأشد قساوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في العقود الأخيرة، أي الانتفاضة الثانية التي لم تخمد إلاّ بعد مرور ستة أعوام. وهذا الأسبوع، قبل ثلاثة أعوام، نشبت "انتفاضة السكاكين"، موجة هجمات الطعن والدهس وإطلاق النار التي كبحتها القوى الأمنية بعد مرور عام تقريباً. أيضاً الأسابيع المقبلة لا توفر سبباً للتفاؤل.