من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يوجد بين أحداث الأيام الأخيرة في سورية قاسم مشترك واحد بدأ يتضح: بدأت المعركة على السيطرة من وراء الكواليس على نظام بشار الأسد في اليوم التالي لانتصاره في الحرب الأهلية الدموية التي دمرت سورية تدميراً كاملاً تقريباً. وعاد التوتر في الدولة إلى الارتفاع أمس (الثلاثاء) بعد إرسال الروس أسطولاً ضم عشر سفن على الأقل وغواصتين إلى سواحل سورية، وانتقاد حلف شمال الأطلسي خطوات موسكو. إرسال الأسطول الروسي هو جزء من هجوم الجيش السوري على المعقل الأخير الكبير للمتمردين في إدلب شمال سورية، وجاء بعد يوم من توقيع اتفاق أمني جديد بين سورية وإيران.
- إن نشر قوة جوية روسية، قبل ثلاث سنوات، هو الذي جعل الكفة في الحرب الأهلية تميل إلى مصلحة الرئيس الأسد الذي كان يسيطر على ربع مساحة الدولة في تلك الفترة. اليوم أيضاً تحتفظ روسيا بوجودها العسكري في سورية لضمان انتصار النظام، لكن لديها مصالح استراتيجية إضافية على رأسها المحافظة على منفذ إلى البحر المتوسط بواسطة المرفأ الذي تسيطر عليه بالقرب من شاطىء طرطوس شمال سورية.
- على الرغم من كون إيران وروسيا تشكلان جزءاً من منظومة قوة واحدة تؤيد نظام الأسد، ولا تتشاجران فيما بينهما مباشرة، فإنه يوجد تناقض معين في المصالح بينهما، وعين كل منهما على عقود اقتصادية مستقبلية لإعادة إعمار الدولة (من المحتمل أن تستند جزئياً إلى مخزون النفط المتبقي في سورية)، وهما تريدان المحافظة على وجود عسكري في سورية.
- أول أمس وصل وزير الدفاع الإيراني في زيارة إلى سورية وأعلن عن توقيع اتفاق بين الدولتين، تساهم إيران في إطاره في إعادة بناء الجيش السوري والصناعة العسكرية السورية. والرسالة الإيرانية في نظر الإسرائيليين هي: نحن هنا كي نبقى. يأتي هذا الكلام بعد نحو شهر من استكمال نظام الأسد سيطرته على الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان وبعد إعلان روسيا أنها اتفقت مع الإيرانيين على إبعاد قواتهم مسافة 85 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل. لا يشمل الاتفاق الروسي-الإيراني منطقة دمشق الواقعة ضمن المنطقة الفاصلة الجديدة.
- التحذيرات الإسرائيلية بشأن إيران وُجّهت في السنة الأخيرة ضد وجود الحرس الثوري في سورية وضد نشر منظومات عسكرية إيرانية هناك. ترميم الجيش السوري الذي تدهور وضعه كثيراً بعد سنوات الحرب لم يكن موجوداً في مرتبة متقدمة في قائمة التهديدات التي تقلق إسرائيل.
- في إسرائيل يرون أنه يوجد توتر محدود أيضاً في الحلف الوثيق القائم بين سورية وإيران. ففي الأسابيع الأخيرة وقعت حادثتان في منطقة بلدة البو كمال، شرق سورية، بالقرب من الحدود مع العراق. فقد هاجم الجيش السوري مرتين ميليشيات شيعية تابعة لإيران. ويبدو أن العملية جزء من صراع داخلي على السيطرة على طول ما يسمى الجسر البري الإيراني، الطريق الذي يأتي من إيران ويمر بالعراق وصولاً إلى دمشق ومن هناك إلى بيروت. وقبل نحو شهرين جرى الحديث عن هجوم جوي نُسب إلى إسرائيل. صحيح أن المعركة في سورية حُسمت لمصلحة نظام الأسد، لكن الواقع في اليوم التالي ما يزال في قيد التبلور، وهو متصل بصراع القوة بين الأطراف المتعددة.
- ليس لإدارة ترامب في المرحلة الحالية سياسة واضحة حيال مسألة إعادة إعمار سورية، باستثناء مبدأ واحد: تحميل روسيا ونظام الأسد المسؤولية الكاملة في هذا الشأن. ولقد أوضحت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي ذلك في مؤتمر أمني عُقد في واشنطن أمس عندما قالت: "سورية اليوم تنتمي إلى الأسد وروسيا". وتابعت: "لقد حطموا سورية، والمنطق يفرض عليهم إصلاح ما فعلوه. هم يتوقعون أن تقوم الولايات المتحدة بذلك، لكننا نحن نتّجه نحو البقاء خارج هذه العملية".
- تثير مقاربة الإدارة الأميركية قلقاً وسط خبراء في واشنطن يحذرون من أنه في غياب التدخل الأميركي، سيكون من الأسهل لإيران أن تربح من عملية إعادة الإعمار، تحديداً في هذه الفترة التي يعاني فيها الاقتصاد الإيراني ضائقة جرّاء العقوبات الأميركية. وكلام وزير الدفاع الإيراني هذا الأسبوع هو بمثابة تلميح إلى نوايا بلاده.
- تحاول إيران السيطرة على سوق الاتصالات في سورية، الذي صمد جزء من بنيته التحتية خلال الحرب، وخصوصاً في منطقة دمشق. وفي السنة الماضية جرى توقيع اتفاق في هذا الشأن بين دمشق وطهران. ماثيو برودسكي الخبير الأميركي في السياسة الخارجية الذي نشر مؤخراً بحثاً عن النشاط الاقتصادي لإيران في سورية، قال للصحيفة إن الاتفاق، بالإضافة إلى كونه مصدر دخل ثابت ويمكن أن ينمو مع مرور السنوات، فإن السيطرة على سوق الاتصالات بموجبه من المتوقع أن تخدم الإيرانيين من الناحية الاستخباراتية.
- وأضاف أن إيران قامت بأمر مماثل في العراق. وبحسب كلامه: "يجري نقاش حيوي بشأن محاولاتهم إقامة تواصل لوجودهم العسكري من العراق إلى لبنان. والسيطرة على البنى التحتية للاتصالات تساعدهم على الدفع قدماً بهذا الهدف". وشرح برودسكي في بحثه كيف يخطط النظام السوري للتأميم بواسطة سن قانون خاص بالأراضي الزراعية التي تركها اللاجئون الذين فروا من سورية وراءهم، وتوزيعها على مقاتلي الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. ومن المتوقع أن تشيّد على جزء من هذه الأراضي مشاريع سكنية سيشرف على بنائها مقاولون إيرانيون.
- بالإضافة إلى ذلك، حصلت شركات إيرانية لها علاقة بالحرس الثوري على السيطرة على بيع الفوسفات في سورية. وهناك شركات بناء إيرانية تعمل في منطقة دمشق. "الإيرانيون لا يرون في سورية ساحة قتال فقط بل أيضاً ساحة نشاط اقتصادي سيكونون بحاجة إليها في السنوات المقبلة" قال برودسكي.
وقال د. إريان طبطبائي الخبير بإيران في معهد راند لـ"هآرتس": "الإيرانيون لن يوافقوا على الخروج من سورية في السنوات القادمة. لأنهم يريدون أن يربحوا أموالاً طائلة هناك. وتزيد عقوبات إدارة ترامب من الضغط على النظام لاستغلال عملية إعادة إعمار سورية من أجل تحسين وضعه". وفي رأيه في تقدير الزعامة الإيرانية أنه "حتى لو كان واضحاً أن إيران تربح من عملية إعادة الإعمار فإن هذا لن يمنع أوروبا ودول الخليج من دفع المال. لا أحد يريد أن تتحول سورية إلى نسخة عن ليبيا". من جهته يحاول نظام الأسد مؤخراً إقناع رجال الأعمال السوريين الذي غادروا البلد في بداية الحرب بالعودة إلى سورية والاستثمار فيها على الأقل في منطقة دمشق.