مع اقتراب نهاية الحرب في سورية: الإيرانيون يغيّرون خططهم، والروس يعرضون عضلاتهم
تاريخ المقال
المصدر
يديعوت أحرونوت
–
الموقع الإلكتروني
- مع اقتراب الحرب الأهلية في سورية من نهايتها – في المعركة الحاسمة في إدلب شمال سورية - فهم الإيرانيون بضغط من الروس ومن نظام بشار الأسد أن الميليشيات الشيعية التي جاؤوا بها إلى سورية من العراق وأفغانستان وباكستان غير مرغوب فيها هناك. لا يريد السوريون عناصر أجنبية في سورية فقط ستجر إسرائيل إلى شن هجمات في داخل سورية، تحديداً في الوقت الذي بدأ النظام بإعادة إعمار الدولة. والروس أيضاً لا يرغبون في هذا الوجود، لذا من المعقول الافتراض أن الإيرانيين، وبالأساس قائد فيلق القدس قاسم سليماني، سيقومون بتغيير استراتيجي.
- جوهر التغيير في الاستراتيجيا الإيرانية هو: بدلاً من وجود عسكري كامل – يشمل عناصر ميليشيات شيعية والحرس الثوري على الأرض بالقرب من الحدود مع إسرائيل - يتم التمركز بواسطة منظومات سلاح ومنظومات استخبارات متطورة وجديدة من إنتاج إيراني تُقدم لسورية وتسمح بالمواجهة مع إسرائيل لكن، ليس من خلال صدام بري مباشر على الحدود، بل بواسطة صواريخ بالستية وقذائف صاروخية دقيقة بصفة خاصة، ومنظومات دفاع جوي. كل هذا سيحد من قدرة العمل والقدرة العملانية لسلاح الجو الإسرائيلي على التحرك في أجواء لبنان وسورية. يجب أن نضيف إلى ذلك أيضاً منشآت استخباراتية تتابع عن قرب ما يجري في إسرائيل.
- هكذا يأمل سليماني بأن يُطمئن الأسد والروس الذين يعارضون وجود قوات برية شيعية تعمل بإمرة إيران على أراضي سورية. لذا ليس من المستبعد أن يبدأ سليماني في وقت قريب بتنفيذ تمركز نوعي مع سلاح نوعي بدلاً من تمركز في أماكن عسكرية عادية برية، واستخباراتية وجوية في إمكان إسرائيل أن تعمل ضدها بسهولة.
- هكذا تبدو اليوم الاستعدادات الجديدة قبيل انتهاء الحرب الأهلية في سورية، وبينما يقود الروس التسوية السياسية، فهم الأميركيون على ما يبدو مدى أهمية وجودهم في سورية، ولذا هم لا ينوون مغادرتها بسرعة بخلاف ما أعلنه ترامب قبل عدة أشهر. الإيرانيون سيبقون في سورية، لكن في شكل جديد، وإسرائيل تتابع ما يجري عن قرب، وإذا تبين لها أن أسلوب التمركز الإيراني الجديد في سورية يشكل خطراً عليها فإنها لن تتردد في التحرك. فيما يتعلق بالروس ما تزال إسرائيل تتعامل معهم باحترام، كجارٍ يجب أخذه في الحسبان، لكن ليس هناك في إسرائيل من يعتقد أن بوتين سيطرد الإيرانيين من سورية من أجلنا، وعلى ما يبدو سنضطر إلى أن نفعل ذلك بأنفسنا.
- انتصار الأسد وأسياده الروس والإيرانيون في الحرب الدموية مضمون. بقيت فقط محافظة إدلب التي يتمركز فيها عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المتمردين، وهم في أغلبيتهم جهاديون سُنة متعصّبون من عناصر القاعدة وداعش، أجانب وسوريون على حد سواء، وهناك أيضاً تنظيمات أُخرى استسملت ووافقت على الانتقال إلى إدلب في إطار تسويات في مناطق أُخرى استسلمت للنظام.
- والتقدير كان أن إدلب ستشهد ما يسمى المعركة الأخيرة - ستالينغراد التي سيخوضها المتمردون السُنة ضد نظام بشار الأسد العلوي، لكن يبدو الآن أن المعركة التي كان يجب أن تكون أكثر المعارك شراسة وفتكاً في السنوات السبع للحرب الأهلية، لن تكون رهيبة إلى هذا الحد. الروس وأيضاً الأتراك، الذين غزوا سورية وموجودون على حدود محافظة إدلب، يعملون على "تسوية". فيما يتعلق بإدلب يجري الحديث، عملياً، على استسلام المتمردين وسيطرة جيش بشار الأسد من دون مقاومة على المحافظة المتمردة التي يتمركز فيها المتمردون السُنة الذين نجحوا في النجاة من المناطق التي سبق أن احتلها الأسد.
- من المحتمل جداً أن يضطر الروس إلى قصف بعض البلدات والقرى وتدميرها من أساسها كما فعلوا في محافظات أُخرى في سورية وبذلك سمحوا لجيش النظام بالسيطرة عليها، وآخر محافظة كانت محافظة درعا الواقعة جنوب غرب سورية والقريبة من الحدود مع إسرائيل. من المحتمل هنا وهناك أن تضطر الميليشيات الشيعية التي جلبها الإيرانيون إلى سورية إلى التدخل والاحتلال من خلال القيام بهجمات برية على بعض الأماكن قبل أن يقرر المتمردون، على الأقل جزء منهم، إلقاء سلاحهم. لكن في نهاية الأمر سيكون هناك تسوية، استسلام بواسطة ورعاية الروس والأتراك.
- مع ذلك، يتخوف جنرالات بوتين من معركة إدلب. هم يتخوفون من أن يستخدم الأسد مرة أُخرى سلاحاً كيميائياً لإخضاع المتمردين الذين سيُظهرون مقاومة شرسة، ومن دخول الجيش السوري إلى المنطقة وارتكابه مجزرة كبيرة انتقاماً في عدد من البلدات التي تحصن فيها المتمردون. حينئذ ستوجَّه إليهم الاتهامات من جانب الرأي العام العالمي والأمم المتحدة. هذا ما جرى عندما قاتل بشار الأسد بمساعدة الروس لاستعادة الغوطة وبلدة دوما في ضواحي دمشق.
- يدّعي الأسد أنه استخدم غاز الكلور فقط، الذي لا يُعتبر غازاً قاتلاً، لكن توجد دلائل كثيرة على أنه استخدم غاز السارين. كذّب الروس ذلك وادّعوا أن هجمات الغاز كانت من عمل المتمردين أنفسهم من أجل تعبئة الرأي العام الدولي ضد روسيا وضد نظام بشار الأسد. اليوم عندما حان دور إدلب يقول الروس علناً إنهم يتخوفون من أن الأميركيين ينوون مرة أُخرى بمساعدة المتمردين السُنة تلفيق هجمات بالغاز في إدلب ضد السكان الذين لم يتورطوا في القتال، لتبرير الهجوم الشامل الذي ينوي التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة شنه على نظام الأسد، مثلما فعل الرئيس ترامب في المرة السابقة.
- لهذا الغرض استقدم الروس أسطولاً كبيراً من السفن الحربية، شمل غواصات، إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وهذه أكبر استعدادت للأسطول الروسي بالقرب من شواطىء سورية منذ بدء التدخل الروسي قبل 3 سنوات. وبحسب الصحيفة الروسية "أزفستيا" تشمل الاستعدادت الروسية في مقابل شواطىء سورية 10 سفن وغواصتين، معظمها مزود بصواريخ بحرية. وبحسب الصحيفة توجد سفن أُخرى في طريقها إلى هناك.
- يملك هذا الأسطول وسائل لاعتراض صواريخ وطائرات وبذلك يلمّح بوتين لترامب أنه إذا رد على هجوم بالسلاح الكيميائي يفتعله المتمردون بحسب كلامه بهجوم على سلاح الجو السوري، فإنه سيصطدم بمقاومة روسية. وهذا ما قاله الناطقان بلسان الجيش الروسي والخارجية الروسية بصراحة.
- مع ذلك لا يهدف عرض القوة الروسي إلى تخويف الأميركيين لأن الروس لا يستطيعون القيام بشيء كثير إذا قرر الأميركيون إطلاق صواريخ من البحر أو إذا قرروا أن يقصفوا منشآت للجيش السوري من طائرات موجودة على بعد مئات الكيلومترات. لكن عرض القوة هذا يذكّر بشار الأسد من هو سيّده الحقيقي وأنه من دون الكرملين سينهزم مثلما حدث في سنة 2015 قبل دخول الروس في أيلول/سبتمبر لإنقاذه. يومها لم يساعده الإيرانيون. فقط الروس فعلوا ذلك، وأيضاً اليوم.
- بالإضافة إلى هذه المخاوف، يتخوف الروس، وخصوصاً الأتراك، من أنه إذا بدأت معارك عنيفة في إدلب وإذا حدث قصف شديد واستخدم سلاح كيميائي، فإنه ستحدث عمليات فرار جماعي لمئات آلاف اللاجئين، وخصوصاً إلى تركيا، وأيضاً إلى أجزاء أُخرى من سورية، وهم يريدون منع حدوث ذلك، لأن تركيا غير قادرة على أن تواجه اقتصادياً المزيد من اللاجئين وهي سترسلهم إلى أوروبا. واللاجئون من إدلب الذين سيفرّون إلى مناطق أُخرى في سورية يمكن أن يشنوا حملات انتقام دموية، لذا للروس مصلحة واضحة في التوصل إلى تسوية. وأيضاً للمتمردين السُنة مصلحة مشابهة لأنهم فهموا أنهم خسروا الحرب.