من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد مرور شهر على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، ما يزال الغموض يلف الاستراتيجيا الأميركية بشأن الاستمرار في كبح مساعي إيران النووية وتمددها الإقليمي. يبدو أن هذه فرصة ذهبية لبنيامين نتنياهو، الذي عمل بلا كلل لإلغاء الاتفاق. وفي الواقع، يبدو أن ليس لدى الإدارة الأميركية استراتيجيا متماسكة حيال إيران، وهي تركزحالياً على كوريا الشمالية. والمقلق أكثر أنه ليس من الواضح ما إذا كان لدى إسرائيل استراتيجيا أكثر تماسكاً وعملية.
•طبعاً، في الفترة المقبلة من المنتظر أن يستفيد معارضو الاتفاق من فترة مريحة قصيرة. يظهر الأوروبيون، الذين من مصلحتهم المحافظة على مدخل إلى السوق الأميركي، أن ليس لديهم خيار سوى الانصياع إلى نظام العقوبات المستحدث. وعلى المدى القصير سيضطر الإيرانيون أيضاً إلى مواصلة التقيد بالاتفاق من أجل المحافظة على علاقاتهم بأوروبا. لكن من المعقول الافتراض أن صبرهم سينفذ خلال أشهر، وسيبدأون بخطوات التخلي عن الاتفاق. عندئذ يحين وقت الأزمة.
•السؤال، كما هو دائماً ما هي الخيارات؟ لقد سبق أن أعلن دونالد ترامب ونتنياهو أن هدفهما الأساسي هو أن يفرضا على إيران اتفاقاً محسّناً. وهدف استئناف العقوبات هو ممارسة ضغط كبير عليها لإجبارها على الانصياع لما هو مطلوب. ولكن في ظل غياب نظام عقوبات دولي متشدد كما كان موجوداً في الماضي، فإن احتمال قبول إيران بتقديم تنازلات رفضتها في الماضي ضئيل.
•الخيار الثاني هو جهد أميركي لتشكيل جبهة إقليمية معادية لإيران تستند إلى دول الخليج ومصر والأردن، وإلى تدخل غير مباشر، على الأقل، من جانب إسرائيل. يتطلب تشكيل هذه الجبهة زيادة بيع العتاد العسكري، وتعزيز الوجود الأميركي العسكري في المنطقة، وإعلان أميركا نشر مظلة أمنية فوق حلفائها، وتنسيقاً كبيراً بين هؤلاء وبين إسرائيل. لكن ترامب سبق أن أعلن نيته تقليص حجم القوات الأميركية في سورية. ومن هو غير مستعد للتوظيف في سورية، سيجد صعوبة في إقناع الآخرين بجدية نواياه المتعلقة بإيران.
•خيار ثالث هو سعي ترامب ونتنياهو لتغيير النظام في إيران. هذا هدف مهم بحد ذاته، لكن حتى الآن جميع محاولات زعزعة النظام الإيراني من الخارج فشلت. ويبدو أن مثل هذا التغيير يجب أن يأتي من الداخل.
•في مرحلة معينة قريبة، وعندما يتبين أن العقوبات والبدائل الأُخرى لم تؤت ثمارها المرغوبة، أو أن إيران استأنفت نشاطها النووي، يمكن أن نبقى مع الخيارين التاليين فقط. الأول، هجوم أميركي لتدمير المشروع النووي الإيراني، وهناك من يقول، وبينهم مسؤولون كبار في الإدارات الأميركية السابقة، وأصدقاء كبار لإسرائيل، إن هدف نتنياهو الأساسي هو خلق الظروف التي تفرض عملية كهذه. لكن الاحتمال ضئيل في أن يتحرك ترامب الذي يبالغ في الكلام الانشائي، لكنه يسعى لتقليص تدخّل الولايات المتحدة في الخارج ضد إيران. إذا تحرك، ونجحت العملية، سيكون هذا إنجازاً تاريخياً لإسرائيل، وإذا لم يتحرك فإن إسرائيل ستُتهم بأنها حاولت دفع الولايات المتحدة إلى مغامرة عسكرية فاشلة في المنطقة.
•الخيار الثاني هو هجوم إسرائيلي على إيران. قبل بضعة أعوام فقط عارضت القيادة الأمنية ذلك. هل نحن مستعدون لذلك؟ هل نضمن غطاء أميركياً. وهل يوجد اتفاق حيال الرد إذا استأنفت إيران مشروعها بعد الهجوم؟
•إذا كنا لا نريد الوصول إلى مرحلة لا مفر فيها من هجوم إسرائيلي، بعد استنفاد الخيارات الأُخرى، يجب أن نتحرك بحكمة، وليس من خلال الإملاءات من أجل إعادة إيران إلى المفاوضات.
•إن الفرصة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق جديد ومحسّن مرتبطة بقدرة الاتفاق على اقتراح إنجازات محسّنة لإيران أيضاً. سيكون هناك حاجة أيضاً إلى التغلب على الشكوك الإيرانية، والمحقة في هذه الحالة والمتعلقة بالصدقية الأميركية في احترام الاتفاقات.
•من أجل التوصل إلى اتفاق، المطلوب توزيع حكيم للعمل بين الدول العظمى. يتعين على الولايات المتحدة (وإسرائيل) زيادة الضغط على إيران بما في ذلك طرح تهديد حقيقي بالهجوم. في المقابل على الأوروبيين استخدام نفوذهم لدى إيران كي تستمر في هذه الأثناء في التقيد بالاتفاق القائم، وأن يوضحوا لها أن خرقها الاتفاق سيجبرهم على تأييد السياسة الأميركية المتشددة. إيران لن توافق مجدداً على المفاوضات إلاّ تحت ضغط خطر.
•ثمة خيار آخر، هو محاولة ترامب ركوب موجة التأييد الكبير بعد نجاحه مع كوريا الشمالية للتوصل إلى اتفاق سريع وخطر أيضاً مع إيران. عندما تعطي العدو طلبه الأساسي من دون تفاصيل بشأن المقابل أو وسيلة رقابة، لا غرابة في حدوث "منعطف". لقد أعلن الرئيس ترامب زوال خطر كوريا الشمالية النووي، لكن القنبلة لم تفكك. يجب على إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها لمنع "نجاح" مماثل مع إيران. لو كان في واشنطن إدارة مختلفة صقرية لكن مسؤولة أكثر، ولو كان في القدس رئيس حكومة لا يحارب من أجل مستقبله السياسي وحريته الشخصية، لكن من الممكن المراهنة على السياسة الحالية التي تبناها ترامب ونتنياهو. لكن يوجد في واشنطن رئيس من الصعب عليه التفريق بين الوقائع وبين أمنياته، ويتخلى عن حلفاء تاريخيين، وفي القدس يمكن أن تبدأ الخطوات القانونية ضد رئيس الحكومة بالتزامن مع تصعيد الوضع في مواجهة إيران. في هذه الظروف الرهان خطر.