إرهاب الطائرت الورقية الحارقة يخلق واقعاً جديداً يمكن أن يؤدي إلى تدهور
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

المؤلف

•حتى اللحظة دولة إسرائيل عالقة. فقد فرضت "حماس" تحدياً عليها في قطاع غزة لا يوجد رد عليه. والأسوأ من هذا. أن الانطباع هو أن إسرائيل آخذة في الانجرار نحو سيناريو ليس مطروحاً استراتيجياً، على جدول أولوياتها أي مواجهة عسكرية واسعة.

•منذ انتزاع "حماس" الحكم في قطاع غزة من يد حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية في سنة 2007، عرفت إسرائيل كيف تدير النزاع معها في وضعين أساسيين: الأول هو مواجهة شاملة ضمن إطار جولات قتال طويلة انكشفت فيها الجبهة الداخلية أمام قصف الصواريخ المنحنية المسار.  والثاني، هو وضع هدوء نسبي تتحرك "حماس" في إطاره في منطقة القطاع من أجل الإعداد للمعركة المقبلة، بينما بذلت إسرائيل كل ما في وسعها، وخصوصاً في مجال الوسائل التكنولوجية من أجل شل قدرات الحركة العملانية مثل الأنفاق الهجومية، وحسّنت في المقابل قدرتها على مواجهة الصواريخ.

•حالياً، تفرض "حماس" على إسرائيل تحدياً جديداً - وضعاً ثالثاً هو ليس هدوءاً مطلقاً ولا معركة عسكرية شاملة، والذي أصبح يسمى إرهاب الطائرات الورقية الحارقة الذي يجري بقوة منخفضة. 

•هذا النوع من المواجهة التي تجري في إطار سلاح بدائي يحمل ناراً أو عبوات ناسفة يجتاز الحدود في اتجاه حقول مستوطنات إسرائيل، هو استمرار مباشر للمعركة التي خاضتها "حماس" في مواجهة إسرائيل في منطقة السياج. إن فشل الأحداث على الحدود، التي كان هدفها دفع حكومة نتنياهو إلى التخفيف من الحصار المفروض على القطاع، ودفع المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانب "حماس"، جعل التنظيم الإرهابي أمام وضع صعب ودفعه إلى تغيير التوجه.

•التغير التكتي لـ"حماس" أوجد صراعاً لم تخبره إسرائيل في السنوات الأخيرة.  إنه واقع يخلق عدم ارتياح مستمراً واستنزافاً ليس فقط بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية التي يجب أن تكون طوال الوقت مستعدة لمواجهة الأسوأ، بل أيضاً بالنسبة إلى مواطني غلاف القطاع الذين تلتهم النيران حقولهم، وهم عرضة أيضاً للعبوات الناسفة التي تُلقى من القطاع بواسطة الطائرات الورقية. من هذه الناحية ما نتحدث عنه هو نوع عملاني جديد من المعركة. وإسرائيل التي تعودت على نوعين من الوضع في مواجهة "حماس"، لا تملك حالياً رداً جيداً بما فيه الكفاية، وهي مضطرة إلى مواجهة مجموعة من الخيارات كل واحد منها أسوأ من الآخر.

•الخيار الأول، هو الجلوس وعدم فعل أي شيء، أو فعل القليل. معالجة موضعية لأضرار الحرائق على أمل أن يفعل الزمن فعله. المشكلة الأساسية في هذا الخيار لا تكمن فقط في أنه يعرّض إسرائيل لضرر مستمر ويؤدي إلى تآكل ردعها، بل أنه لا يقنع الطرف الآخر بالعمل على ضبط النفس.

•الخيار الثاني؛ مهاجمة مطلقي الطائرات الورقية والمنظومة الجوية البدائية لـ"حماس". لقد حاذرت إسرائيل حتى الآن القيام بهذه الخطوة على الرغم من تصريحات وزير الدفاع، بصورة أساسية لأنها تنطوي على احتمال تدهور شامل للوضع في القطاع، ويمكن أن تؤدي إلى جولة عسكرية واسعة. إن معركة إضافية ليست في مصلحة الدولة حالياً، وبصورة خاصة لأنه أيضاً في جولة كهذه، هناك مصلحة استراتيجية لإسرائيل في المحافظة على الواقع الحالي في القطاع الذي تكون فيه "حماس" هي العنوان السياسي المركزي.

•في الخلفية يوجد تخوف من واقع أن يؤدي انهيار السلطة المركزية في غزة إلى انهيار كامل لأجهزة الحكم الفلسطينية والتعرض لسيناريوهات أسوأ كثيراً. مثلاً السعي إلى احتلال شامل للقطاع، أو السعي لإضعاف المنظومة الفلسطينية من خلال تقسيمها إلى وحدات – فرعية جيو-سياسية منفصلة في الضفة وفي القطاع.

•إن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يخوض معركة ضد "حماس" فقط من خلال طريقتين غير فعاليتين. إن عملية جوية لا يمكن أن تؤثر بسرعة في روحية القتال لدى الطرف الثاني. الطريقة الثانية، احتلال كامل للقطاع، يمكن أن يورط إسرائيل أكثر، ويفرض على المستوى الرسمي- السياسي حذراً أكبر عندما سيكون عليه التشدد في رده على مطلقي منظومة طائرات الإرهاب الورقية ومشغّليها.

•الخيار الثالث؛ الاستعداد للتوصل إلى تسوية جديدة في القطاع بواسطة الحوار غير المباشر مع "حماس"، تشكل مجموعة موضوعات مثل تجريد القطاع من السلاح، وإعادة المواطن الذي ضلّ الطريق أبراها منغيستو وجثامين الجنود في مقابل التخفيف من الحصار الاقتصادي، وربما أيضاً تسهيل عملية إعادة إعمار القطاع. حالياً المقصود هو خيار من الصعب على إسرائيل و"حماس" قبوله على الرغم من أن كل مكوناته موجودة منذ وقت على طاولة النقاشات المفترضة. وبحسب مؤشرات معينة فقد وضعت "حماس" فيتو على فكرة نزع السلاح بينما تصر جهات في إسرائيل على ذلك بقوة، الأمر الذي يقلص من معقولية التوصل إلى مثل هذه الصفقة. 

•الدلالات العامة للأمور واضحة. نظراً إلى أن إسرائيل ليس لديها خيار جيد بما فيه الكفاية ولا حتى حلول على المستوى التكنولوجي، نحن في مواجهة وضع سيكون فيه "الحل" الأخير الذي بقي للدولة وللجيش الإسرائيلي هو "الخطوات التدريجية التصعيدية " المعروفة. أي تصعيد تدريجي في الرد على مطلقي الطائرات الورقية، ومواصلة مهاجمة أهداف تابعة لـ"حماس" من الجو من أجل محاولة تجديد الردع الآخذ في التآكل. في مثل هذا الواقع يبدو أن الطرفين على منزلق خطر يمكن في المستقبل أن يدفع الاثنين، وخصوصاً إسرائيل، إلى معركة عسكرية أُخرى في قطاع غزة.

•ثمة شك في الظروف الحالية لإسرائيل التي تعمل للمحافظة على سلطة "حماس" أن يكون في استطاعة قتال واسع تغيير الواقع في قطاع غزة فوراً. لكن من المحتمل بالتأكيد، مثلما حدث في الصورة التي انتهت فيها عملية "الجرف الصامد" و"عمود سحاب" والرصاص المسبوك"، أن تحصل إسرائيل على ما تحتاجه لإطفاء النيران الحالية، وربما أيضاً دفع الطرفين إلى التفكير بالخيارات العسكرية والسياسية التي تبدو لهما حالياً غير معقولة. في الخلاصة ينطوي الوضع الحالي في قطاع غزة على واقع عملاني جديد يمكن أن يجعل حرارة الصيف المقبل عالية جداً.  

 

 

المزيد ضمن العدد 2872