•تتناول الاتصالات بين إسرائيل وروسيا حالياً موضوعين منفصلين، لكنهما مترابطان بعضهما ببعض: موضوع سعي روسيا للسماح للجيش السوري بمواجهة المتمردين في جنوبي غربي سورية، والسيطرة على المنطقة الواقعة على الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان، وصولاً إلى الحدود بين سورية والأردن. والموضوع الثاني التمركز الاستراتيجي الإيراني في سورية، ليس فقط في المناطق القريبة من الحدود في هضبة الجولان ، بل في كل الأراضي السورية.
•منطقة جنوبي غربي سورية هي مهمة الآن بالنسبة إلى الأسد، وهو يريد إعادتها إلى سيطرته في إطار سيطرته على الدولة كلها. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصر على مساعدته في هذا الشأن.
•يريد بوتين ألاّ تزعج إسرائيل الأسد لدى توجهه جنوباً نحو الحدود مع الأردن وسيطرته على جميع أراضي هضبة الجولان السوري. وفي المقابل الرئيس الروسي مستعد لأن يضمن لإسرائيل عدم تواجد الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة لإيران في المناطق التي سيسيطر عليها الجيش السوري.
•ويقترح الروس على إسرائيل، أن تبقى القوات الموالية لإيران، بينها حزب الله، على مسافة تترواح بين 60 و70 كيلومتراً شرقي خط وقف إطلاق النار في الجولان الإسرائيلي [الذي تحتله إسرائيل]، وعلى أية حال، لا تتخطى الطريق التي تربط بين دمشق ومدينة السويداء التي تُعتبر عاصمة المنطقة الدرزية وحدود الأردن.
•المفاوضات على الموضوع الأول، أي سيطرة الأسد على جنوب سورية، يجريها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، مع وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي دُعي إلى اجتماع جرى يوم أمس في موسكو. الموضوع الثاني الاستراتيجي يعالجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مباشرة مع بوتين.
•وعلى الرغم من وجود ليبرمان في موسكو، فقد تحدث نتنياهو مع بوتين على انفراد لتزويده بمعلومات جديدة حصلت عليها إسرائيل بشأن التمركز الإيراني، وبصورة خاصة كي يوضح لبوتين أن إسرائيل حتى لو وافقت على تسوية محلية تتعلق بجنوبي غربي سورية، فإنها لن تقبل ببقاء الإيرانيين والميليشيات الموالية لهم بمن فيهم حزب الله، في أراضي سورية، حتى لو لم تتخط طريق دمشق- السويداء غربي خط وقف إطلاق النار في الجولان.
•تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنه جرى في الصيف الماضي توقيع اتفاق بشأن جنوبي غربي سورية بين الأردن والولايات المتحدة وروسيا، يحدد المنطقة الواقعة جنوبي دمشق وحتى الحدود السورية – الأردنية "مناطق خفض التصعيد". يحاول الروس التوصل إلى تهدئة على مراحل للحرب الأهلية في سورية من خلال خلق مثل هذه المناطق لخفض التصعيد، بهدف التوصل في نهاية الأمر إلى وقف كامل للقتال في تلك المناطق، وفي مناطق أُخرى وهلم جرا.
•الولايات المتحدة الحريصة على مصالح الأردن، والمملكة بحد ذاتها، وافقتا على تأسيس منطقة يوجد فيها متمردون على علاقة بالولايات المتحدة والأردن، في المنطقة الواقعة شمالي الحدود مع الأردن، وألاّ يتحرش هؤلاء بالقوات السورية على خط التماس. إسرائيل لم تتمثل في محادثات الصيف الماضي.
•الأميركيون الذين كان يجب أن يكونوا حريصين على مصالح إسرائيل حرصوا بصورة أساسية على الأردن الذي يتخوف دائماً من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من سورية إلى أراضيه، ومن زعزعة الميزان الديموغرافي. لذا ضغطت الدولتان على تنظيمات المتمردين السوريين المؤيده لهما والتي تسيطر على منطقة الحدود بين سورية والأردن، من أجل قبول المطالب الروسية.
•بحسب مصادر روسية، إن هدف الجيش السوري هو السيطرة على ثلاث نقاط: معبر الحدود نصيب جنوبي- شرقي مدينة درعا الواقع على الحدود بين الأردن وسورية، وعلى تل الحارة المطل على الجولان الإسرائيلي وعلى خط وقف إطلاق النار في الجولان على بعد 12 كيلومتراً شرقي الحدود مع إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أنه قبل سيطرة المتمردين على هذه التلة بعامين، كان يوجد هناك موقع للاستخبارات الإيرانية لجمع المعلومات من خلال المراقبة والتنصت، ليس فقط على المتمردين في القسم السوري من الجولان، بل أيضاً بصورة أساسية على إسرائيل. المكان الثالث هو بلدة بصر الحرير الواقعة على مسافة 30 كيلومتراً شمالي شرقي درعا.
•هذه النقاط الثلاث ستسمح للجيش السوري بالسيطرة فعلياً على كل المنطقة التي يسيطر عليها حالياً بصورة جزئية فقط. في هذه المنطقة يبلغ عدد المتمردين نحو 35 ألفاً، بينهم عناصر تنظيم داعش الموجودون في المنطقة الحدودية بين سورية وإسرائيل والأردن. ويحاول النظام السوري عزل المتمردين السوريين الموجودين في منطقة اللجاة التي تتوسطها السويداء، وإبعادهم عن حدود الأردن حيث يتلقون الدعم الأميركي. والهدف هو إدخال شرطة عسكرية روسية إلى المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون وتسليم سلاحهم الثقيل. هذه هي الخطة الروسية الطموحة لكنها تواجَه بمعارضة إسرائيلية وأردنية.
•يطلب الروس من إسرائيل ألاّ تمنع الجيش السوري من الدخول إلى هذه المنطقة، وإذا حدث انزلاق لإطلاق نار من جانب الجيش السوري بقيادة بشار الأسد، ألاّ ترد إسرائيل وألاّ تخرب المساعي العسكرية للنظام، وأيضاً ألاّ تمس بالمستشارين الروس الموجودين مع القوات السورية.
•إسرائيل تميل على ما يبدو إلى قبول الطلب الروسي، لكنها تطالب بالتعهد بعدم وجود القوات الإيرانية وأعضاء الميليشيات الموالية لإيران بمن فيهم حزب الله مع الفرقة الخامسة للجيش السوري، التي انضمت إليها وحدة تعمل برعاية إيران. هناك أيضاَ لواء القدس الفلسطيني، الموالي على ما يبدو لإيران. هؤلاء لا توافق إسرائيل على وجودهم ضمن القوة التي ستتوجه جنوباً وتقترب من الحدود مع إسرائيل، وهي تقول ذلك علناً للروس الذين يضعهم هذا الأمر أمام مشكلة، لأن الجيش السوري وحده ليس مؤهلاً على ما يبدو لمواجهة قوات المتمردين من دون مساعدة أفراد الميليشيات الإيرانية التي تقاتل على الأرض. الروس مستعدون للتعهد بأنه فور سيطرة جيش الأسد على جنوبي غربي سورية يغادر الإيرانيون ووكلاؤهم وينسحبون إلى غربي طريق السويداء- دمشق.
•ثمة طلب إسرائيلي آخر هو عدم وجود القوات الإيرانية وفروعها في كل المنطقة الواقعة جنوبي دمشق وفي ضواحي العاصمة السورية، وليس فقط شرقي طريق دمشق- السويداء.
•ثمة نقطة أُخرى لم يجرِ الاتفاق عليها هي ماذا سيقول الأميركيون والأردنيون إذا تقدم جيش الأسد جنوباً في اتجاه الحدود الأردنية - السورية، الأمر الذي سيؤدي إلى موجة لجوء من القرى السورية المحلية في اتجاه الأردن.
•ملك الأردن الذي يواجه صعوبة في تمويل وإعالة هؤلاء اللاجئين في المخيمات الموجودة شمال الأردن، ليس مستعداً لموجة إضافية، والأميركيون يؤيدونه في هذه النقطة. لذا حتى الآن لا توجد موافقة لا إسرائيلية وأيضاً لا أميركية أو أردنية، لإطلاق الحرية للأسد للسيطرة على جنوبي غربي سورية.
•الروس يضغطون، لكنهم يوضحون أيضاً أنهم مبدئياً يؤيدون إسرائيل فيما يتعلق بخروج جميع القوات الأجنبية من سورية، باستثنائهم طبعاً، لكن عندما يقول الروس ذلك، فإنهم يقصدون المستقبل، بعد التوصل إلى تسوية سياسية في سورية.
•في المقابل، تطالب إسرائيل بأن يجري هذا الآن وليس في المستقبل، بعد سنة أو أكثر. لذا فإن المفاوضات الدائرة بين إسرائيل وروسيا سواء بشأن موضوع جنوبي - غربي سورية، أو بشأن الموضوع الاستراتيجي لمنع التمركز الإيراني في سورية، ما تزال في ذروتها، ولا يوجد حتى الآن اتفاق نهائي.