•تأثير سوري. التوتر المتصاعد حول سورية ناجم عن سببين: الأول هو الصدام العسكري بين إيران، التي تبني قوة لها هناك، وبين إسرائيل التي تحاول منع ذلك. والسبب الثاني هو العملية المتوقع أن تنفذها الولايات المتحدة رداً على الاستخدام الوحشي للغاز ضد المدنيين من جانب نظام الأسد. تتخوف روسيا التي تنتشر قواتها في المنطقة من تدهور في أعقاب الحدث الأول، وهي لا تريد أن يتضرر الأسد الواقع تحت رعايتها من الحدث الثاني.
•حرب اقتصادية. نشأ هذا التوتر على خلفية قضيتين مختلفتين زادتا مؤخراً الاحتكاك العالمي. فقد قرر الرئيس الأميركي أن المنظومة الاقتصادية التي تم صوغها خلال عشرات السنوات الأخيرة قد أضرت بالمواطنين الأميركيين. وفي رأي ترامب، الولايات المتحدة "أخطأت" في تأييدها لـ"اقتصاد عالمي"، تخفض بموجبه كل دولة رسوم الحماية عند الدخول إليها. على ما يبدو، كانت نتيجة هذا الاقتصاد مخيبة للأمل من وجهة نظر الولايات المتحدة، التي تشتري أكثر مما تبيع. وكانت النتيجة أن عدداً كبيراً من المواطنين الأميركيين خسروا وظائفهم، في ضوء عجز مشاريع في الولايات المتحدة عن منافسة مشاريع شبيهة بها في الصين مثلاً، حيث يصنعون بأسعار أرخص ولذلك يبيعون منتوجاتهم في الولايات المتحدة وليس العكس.
•حارب ترامب هذه الظاهرة ورفع الضرائب على الحديد الصلب والألومينيوم اللذين تستوردهما الولايات المتحدة، على أمل رفع أسعار المنتوجات التي تعتمد على هذه المواد، وبهذه الطريقة سيكون في إمكان المشاريع الأميركية منافسة هذه المنتوجات. ردت الدول التي ستعاني جرّاء رفع هذه الضرائب، فأعلنت الصين أنها ستفرض ضرائب على المنتوجات الأميركية التي تصدّر إليها، وبهذه الطريقة سينخفض التصدير الأميركي الذي سيصبح أكثر غلاء، وهلم جراً. في هذا الواقع الناشىء لا يوجد سبيل إلى وقف التدهور نحو "حرب اقتصادية" إلاّ بالاعتماد على الاتفاق الذي كان موجوداً قبل قرار ترامب.
•دائرة النزاع: نشأ توتر دولي إضافي، لأن بريطانيا تشك بأن روسيا اغتالت بالغاز السام الجاسوس الروسي المزدوج، الذي جنده البريطانيون، واعتُقل في وطنه ثم جرى الافراج عنه في إطار تبادل للجواسيس. يزعم البريطانيون أن نوع الغاز الذي تسبب بتسميم الجاسوس موجود فقط في روسيا، وهي الوحيدة التي لديها دافع للتخلص منه. وعلى الرغم من عدم وجود دليل واضح لدى البريطانيين على أن القتلة أرسلهم الحاكم الروسي، فإن لديهم إثباتات ظرفية تستند إلى ما جرى العثور عليه في موقع الجريمة، وأيضاً إلى الاستخبارات. وقد قررت بريطانيا وحلفاؤها الغربيون طرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي عقاباً، وكردّ حاد على الهجوم. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مقربين من بوتين، وردت موسكو بإعلان طرد عشرات الدبلوماسيين الغربيين ، وهذا ليس نهاية النزاع.
•المشكلة النووية. في الأشهر المقبلة من المتوقع وقوع حدثين إضافيين سيزيدان التوتر في العالم. الأول هو لقاء ترامب مع حاكم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وإذا أقام الاثنان قناة حوار سينخفض التوتر الدولي بصورة كبيرة، ونأمل بألاّ يحدث العكس لأن كوريا الشمالية عندئذ ستستأنف تجاربها النووية.
•الحدث الثاني أيضاً له علاقة بالنووي الإيراني. إذا أعلن الرئيس الأميركي أمام الكونغرس، كما وعد في الانتخابات، عدم تقيد إيران بالاتفاق الموقع في سنة 2015، ولذا قد يطالب بإلغاء الاتفاق، سيزداد التوتر في المنطقة وفي العالم كله. وبصورة غير مخطط لها يمكن للولايات المتحدة أن تحسن مكانتها في مواجهة كوريا الشمالية وإيران إذا تحركت ضد الأسد بسبب استخدامه السلاح الكيميائي بقوة تتلاءم مع قوة عظمى.
•المصلحة الإسرائيلية. إسرائيل أصغر من أن تؤثر في الحرب التجارية، لكن من الأفضل لاقتصادها وجود عالم من دون قيود. ومهمة أيضاً شبكة العلاقات الخاصة لإسرائيل مع الروس، الذين يتحركون في منطقة لدينا فيها مصالح أمنية، ولهذا السبب لا تتدخل إسرائيل في صراع الغرب مع الروس. في مقابل ذلك، إسرائيل معنية بالوضع بين إيران والولايات المتحدة، التي على ما يبدو ليست لديها سياسة واضحة تتعلق بالوضع بعد إلغاء الاتفاق، ويمكن أن تجد إسرائيل نفسها معزولة سواء في نضالها من أجل منع تحول إيران إلى دولة نووية أو في محاولتها احتواء إيران في سورية.