•هكذا نخلق عناوين أولى لا لزوم لها. ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي يقول في ملخص صحافي للمراسلين العسكريين إن نصر الله يجب أن يُقتل في الحرب القادمة.
•يكشف الجيش الإسرائيلي الذي يوجد لديه دائرة علاقات عامة هي الأكثر تقدماً في إسرائيل، من حين إلى آخر عن وحدات وأسلحة بواسطة وسائل الإعلام. وهذا الأسبوع جاء دور الذراع البرية. فقد حضر ضابط كبير في هيئة الأركان العامة حلقة دراسية للمراسلين العسكريين وأعطى تفاصيل تتعلق بقدرات سلاح البر العملانية والتكنولوجية، مثل استخدام طائرة شراعية انتحارية، وطائرات من دون طيار، وأيضاً تفاصيل تتعلق بالاستعدادات للمواجهة المقبلة.
•في طبيعة الأمر، يتحمل سلاح البر دائماً عبء القتال والحجم الأكبر من المصابين، وهذا سيحصل وربما بصورة أقوى، في الحرب المستقبلية التي لا يريدها أحد لكن يمكن أن تبدأ بسبب حادث بسيط يقع على الحدود.
•في مثل هذه الأحاديث والنقاشات مع الصحافيين يكشف كبار المسؤولين القليل من الخطط ومن سيناريوهات الحرب المقبلة. وهم يريدون التباهي وإثارة الإعجاب والتفاخر.
•وتتكرر في أغلبية الملخصات الصحافية مسألة المعركة المقبلة، ليس فقط كيف ستدور، بل ماذا ستكون أهدافها، وماذا يعني الكلام عن ضرورة تحقيق الحسم، وما الذي يمكن اعتباره انتصاراً.
•ونصل هنا إلى الحديث عن الملخص الحالي. لقد تحدث الضابط الكبير بالتفصيل عن مجموعة خطوات سيقوم بها الجيش الإسرائيلي وفي طليعتها مناورة برية واسعة النطاق، تنتهي باغتيال الأمين العام لحزب الله. وشدد: "إذا نجحنا في الحرب المقبلة في اغتيال نصر الله ففي رأيي هذا حسم".
•يُطرح السؤال فوراً - من أعطى هذا المسؤول الكبير صلاحية قول كلام كهذا؟ لا شك في أن نصر الله مصيره الموت. ولن يذرف أي إسرائيلي وعدد كبير في العالم السني دمعة إذا انتقل إلى العالم الآخر. لكن، قرار تحويل الأمين العام لحزب الله إلى هدف للاغتيال هو في يد المستوى السياسي وليس العسكري، وبالتأكيد ليس في يد ضابط هو واحد من مجموع 20 لواء في الجيش.
•إن مثل هذا الكلام يؤدي فقط إلى زيادة التوتر بين الطرفين، وتحديداً في الوقت الذي لا مصلحة لإسرائيل في ذلك. ويمكننا أن نتوقع أن حزب الله ونصر الله سيردّان على ذلك.
•بالإضافة إلى ذلك، يمكننا أن نقدر اليوم أن نصر الله لا يشكل هدفاً للاغتيال بالنسبة إلى إسرائيل. فقد تعلمت إسرائيل منذ سنوات الدرس من اغتيال سلفه عباس الموسوي سنة 1992. ففي أعقاب ذلك قام حزب الله بمساعدة إيران بتفجير سفارة إسرائيل في بوينس أيريس، وبعدها مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين. منذ ذلك الحين فهموا أن اغتيال زعيم تنظيم إرهابي متطرف يعمل ضد إسرائيل لا يخدم المصالح الأمنية أحياناً، لا بل يتسبب بأضرار، وأن ضرره أكبر من نفعه.
•في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] كان في المؤسسة الأمنية من فكروا باغتيال نصر الله المتغطرس، لكنه كان شديد الحذر والشكوك ويعمل بصورة سرية. ومنذ تلك الفترة وهو يخاف من اغتياله على يد إسرائيل ويقلل من ظهوره العلني.
•حتى لو كان كلام الضابط الكبير يخدم الردع الإسرائيلي، فإنه أيضاً يمكن أن يثير توتراً وردّات فعل لا لزوم لهما. ومن الأفضل أن نقلل من الكلام. وربما حان الوقت كي يقوم رئيس هيئة أركان الجيش بإغلاق أفواه الألوية في الجيش ويأمرهم بالكلام فقط في الأمور التي تدخل في مجال مسؤولياتهم.