إسرائيل ومصر، شراكة استراتيجية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•في الأسبوع الماضي وصلنا خبر توقيع اتفاق تزويد إسرائيل مصر بالغاز بقيمة 15 مليار دولار. ويعتبر توقيع الاتفاق خطوة مهمة في تأسيس والدفع قدماً بالشراكة الاستراتيجية بين الدولتين الآخذة في الازدهار في السنوات الأخيرة.

•تنجم هذه الشراكة عن وجود مصالح سياسية وأمنية بين إسرائيل ومصر، ووقوفهما في مواجهة تهديد الإسلام الراديكالي وأيضاَ التهديد من جانب إيران. وإذا كانت مصر في الماضي قد ترددت في ترجمة هذه المصالح إلى خطوات عملية واكتفت بالمحافظة على سلام بارد، لم تعد القاهرة حالياً تتردد في إضفاء حرارة على العلاقات.

•قبل أسابيع فقط تحدثت تقارير في وسائل الإعلام الأجنبية عن مساعدة إسرائيل الجيش المصري في حربه ضد تنظيم داعش في سيناء، مساعدة تتطلب تعاوناً مكثفاً بين الجيش الإسرائيلي والجيش المصري، الأمر الذي لم يكن مطروحاً قط في الماضي. والآن يضاف إلى التعاون الأمني تعاون اقتصادي.

•لقد وجدت مصر نفسها في السنوات الأخيرة في خضم حرب ضد الإرهاب الإسلامي. والمقصود قبل أي شيء آخر فروع داعش التي يخوض الجيش المصري ضدها عملية واسعة النطاق، تتطلب انتشاراً كبيراً وغير مسبوق لقواته في شبه جزيرة سيناء حيث فقد المصريون السيطرة على جزء منها. إضافة إلى إرهاب داعش، تقف مصر أيضاً في مواجهة تهديد تحالف القوى الإسلامية بدءاً بـ "الإخوان المسلمين" في الداخل الذين لم يتخلوا عن رغبتهم في العودة إلى السلطة في بلدهم، مروراً بحركة "حماس" في قطاع غزة الحركة المتفرعة عن الإخوان المسلمين والتي لم تتردد في الماضي عن التعاون مع داعش، وانتهاء بتركيا في ظل حكم أردوغان، الذي يجد صعوبة في مسامحة النظام المصري الذي وضع في السجن الرئيس محمد مرسي الذي يحظى بحماية تركيا. 

•يسود اليوم توتر كبير بين مصر وتركيا ليس فقط بسبب دعم أردوغان العلني للإخوان المسلمين ولـ"حماس"، اللذين تعتبرهما الدولة المصرية خطراً على أمنها القومي، بل أيضاً بسبب الخلاف بشأن مسألة استغلال حقول الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط. وتعتبر صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر رداً مصرياً على الضغوط التركية وعلى الخلاف التركي مع أنقره.

•تضاف صفقة الغاز الأخيرة إلى تلك التي وُقعت مع الأردن قبل أكثر من سنة، وكانت هي أيضاً بحجم نحو 15 مليار دولار. وفي ما يتعلق بالأردن فهو بالاضافة  إلى تعاونه مع إسرائيل في مجاليْ الطاقة والأمن، فهو أيضاً تابع لها في موضوع التزود بالمياه.

•لكن جميع هذه الأمور معروفة وحتى توقيع اتفاق الغاز الإسرائيلي- المصري كان متوقعاً منذ وقت. بيد أن الجديد والمثير هو رد الفعل في مصر على توقيع الاتفاق، وخصوصاً رد فعل السلطة.

•ومثلما يحدث في مجالات أُخرى، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يعتذر ولا يتردد، ولا يلمح. وبخلاف سلوك حكم حسني مبارك فإن حكومة السيسي لا تخاف من الاعتراف بوجود تعاون اقتصادي وحتى أمني مع إسرائيل. علاوة على ذلك، فهي ترغب في أن تثقف الجمهور المصري بثقافة السلام والأمن مع إسرائيل، الأمر الذي لم يتجرأ من سبقه على فعله قط. وهكذا بينما حاولت قناة الجزيرة في قطر تجييش المشاعر في القاهرة، من خلال تصوير الاتفاق الإسرائيلي  المصري كاتفاق خيانة (وكأنه مسموح لقطر وحدها التفاوض مع إسرائيل)، سارع السيسي إلى الإعلان أن المقصود اتفاق يلبي مصالح مصر.

 

•لقد كان أسلوب السيسي منذ وصوله إلى السلطة يقوم على عرض الوقائع أمام الجمهور المصري. مؤخراً فقط في الذكرى السنوية لسقوط نظام مبارك، لم يتردد السيسي عن الوقوف أمام أبناء شعبه وأن يعلن أنه سيضحي بحياته كي لا يتكرر ما حدث في مصر قبل سبعة أعوام. وهو يقصد أن يقول إن الثورة كانت خطأ، وهي التي أدت إلى عدم الاستقرار والفوضى، والأخطر من ذلك، هي التي أدت إلى صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة. يشكل هذا بالتأكيد نموذجاً جديداً لسلوك زعيم يجب أن يتعلمه زعماء آخرين في المنطقة، وخصوصاً ملك الأردن. 

 

 

المزيد ضمن العدد 2799