لم تعد كلمات فظة:"فرض السيادة"تحول فجأة إلى واقع
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

•كل شيء يبدأ هنا. تذكروا هذا دائماً. كل المبادرات، والأفكار، والتحديثات تبدأ هنا من هذه الأرض. من بعدها تحصل على اهتمام دولي. وكذلك السيادة.

•ثمة شيء يتحرك منذ زمن طويل، لكن يبدو أنه في الأسابيع التي مضت تحرك إلى الأمام بضعة سنتيمترات. لم تعد عبارة "تطبيق السيادة" فظة. كلهم يتحدثون عن السيادة، حتى لو لم يتفقوا - هم يتكلمون ويعالجون الموضوع. فجأة تحولت السيادة إلى إمكانية واقعية، إلى موضوع للنقاش، موضوع لم يعد منذ فترة يعتبر وهمياً، بل أصبح خياراً جدياً. يتحدث حزب البيت اليهودي عن السيادة، كذلك كبار المسؤولين في الليكود، وفي مركز الليكود، وفي وسائل الإعلام، وفي مراكز الأبحاث المشهورة، ودبلوماسيون أجانب، وجامعات رصينة في الخارج، وبدءاً من الأسبوع الماضي تحدث عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية أيضاً. مياه كثيرة عبرت منذ خطاب نتنياهو في جامعة بار- إيلان، خطاب لم يتراجع عنه قط، ربما لأسباب تكتية أو جوهرية؛ الأخبار الجيدة أن رئيس الحكومة المحافظ جداً بنيامين نتنياهو بدأ يتحدث عن السيادة. الأخبار الأقل جودة أن هذا الكلام لا يزال غامضاً والطريق لا تزال طويلة.

•في سنة 1990، قبل بضعة سنوات من التوصل إلى اتفاق أوسلو، كتب المرحوم أوري أليتسور [1946- 2014] مقالاً يركز على السيادة بعنوان "من يملك هذه الأرض حقاً؟". لقد كان سابقاً زمانه، لكن كلامه مصكوك جيداً كأنه كُتب اليوم. لقد دعانا منذ ذلك الوقت إلى البدء بالحديث عن السيادة وزرع الأفكار. وتنبأ منذ تلك الفترة بأن ثمة فرصة للدولة الفلسطينية بأن تتحقق، لكن هذا موقت "وهو ناجم عن أن الأقلية التي تؤيد الدولة الفلسطينية خاضت حربها منذ سنوات، لكن الأقلية المؤيدة للضم لم تبدأ بالكلام". في السنوات الأخيرة يتحدث المعسكر القومي عن السيادة، واليوم كلهم يتحدثون عن السيادة. 

•لقد أوضح أوري أليتسور "المرحلة الأولى هي للتوضيح فقط، وهي يمكن أن تستمر بضعة سنوات جيدة". والآن، بعد سنوات طويلة، بدأت إسرائيل بالحديث عن ملكيتها يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لاعتبارات أمنية، أو بسبب الانتماء والقيم. استمعوا إلى أعضاء الكنيست من الليكود، هم لا يتحدثون فقط عن الأمن، بل يتحدثون عن أرض أجدادنا. والآن يُطرح السؤال: ما هي السيادة، هل هي على كل الأرض، أو على جزء منها، وما هي الحقوق وبأي وتيرة، أين تبدأ وأين تنتهي. هذه أسئلة مشروعة مرافقة لولادة هذه الفكرة. حالياً، هناك عدة اقتراحات مطروحة على الطاولة: تطبيق السيادة على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، معالية أدوميم؛ أولاً، تطبيق السيادة على منطقة ج وغيرها. هناك خطوات يجري اتخاذها بنيوية أكثر. القانون الذي مرره الوزير بينت بشأن ضم جامعة أريئيل إلى مجلس التعليم العالي العادي، وليس إلى مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة؛ الاقتراح (الذي يأتي ويذهب) لإلغاء قانون الانفصال عن شمال السامرة؛ والتغييرات التي أدخلتها الوزيرة شاكيد التي تفرض أن كل قانون جديد يجب أن يتطرق أيضاً إلى يهودا والسامرة وغيرها. التغييرات تحدث.

لا وجود للوضع القائم

•كي تتحقق رؤيا السيادة بطريقة أو بأخرى هناك مدماك مهم، هو مدماك البنى التحتية، ليس فقط "ماذا" بل أيضاً "كيف". يجب أن تأتي الحركة من فوق ومن تحت، من الزعماء، ومن الأرض، ومن الكلام، ومن الممارسة. صحيح أن الكلام يخلق وقائع لكن في النهاية يجب أن نفكر كيف نخلق سيادة. عندما وضع مهندسو أوسلو الاتفاق هم لم يضعوا الرؤيا فقط، بل أقاموا طواقم تفكير وتخطيط لبلورة الواقع الذي سيسمح بتحقيقه. لقد كان هناك منظومات كاملة من الجهات غير البرلمانية، كما كان هناك مؤسسات حكومية فكرت كيف يمكن تحقيق رؤيا الدولتين. وكيف ستكون شبكات الصرف الصحي والمياه، وجباية الضرائب، والتنسيق الأمني، والسلطة الفلسطينية، والبنية التحتية القانونية، حتى آخر تفصيل. هذا يجب أن يحدث هنا، لأن ليس لدينا كثيراً من الوقت، ونحن نسبح ضد تيارات قوية.

•يجب أن نفهم أن هذه الأرض قد اختيرت لنا. المنطقة ج اليوم لم تعد المنطقة ج كما كانت في الأمس، وبالتأكيد ليست كما كانت في سنة 2012، حين اقترح بينت "خطته للتهدئة" التي شملت ضم المنطقة ج. لقد وضعت السلطة الفلسطينية هذه المنطقة هدفاً لها وهي تدافع عنها بكل قوتها. جميع السهام توجَّه إلى السيطرة على هذه الأراضي بواسطة الزراعة والبناء ونقل السكان. هذه المشاريع تُمول بالملايين، جزء منها يأتي من السلطة الفلسطينية، وجزء آخر يأتي مباشرة من حكومات أجنبية. لكن كثيراً من المال هدفه منع إسرائيل من معالجة المخالفات في أعمال البناء هذه بواسطة إغراق المحاكم في إسرائيل بطلبات الالتماس وشل الجهاز. هنا أيضاً توجد أموال أجنبية ومنظمات إسرائيلية تقوم بعملها جيداً. باختصار، ليس لدينا وقت، لا وقت للوضع القائم، ولا يوجد مثل هذا الوضع القائم.

•ماذا سيقول العالم؟ العناوين الأولى الاستهزائية والشماتة بنتنياهو بعد رد البيت الأبيض بشأن السيادة الذي جاء فيه "الكلام عن محادثات تتعلق بموضوع الضم كذب" تخلق أجواء حارة. المهم هو أن البذرة قد غُرست. هذا لن يحدث اليوم وبالتأكيد لن يحدث إذا لم نبدأ بالحديث عن الموضوع أكثر فأكثر. فكرة الانفصال ولدت هنا. وفكرة البنادق التي أُعطيت لهم في أوسلو ولدت هنا. اللوبي المعارض  لتقليص ميزانية الأونروا وُلد تأييده هنا. إذا لم تقل إسرائيل إن هذا لها وإن هذا محق وعادل، ماذا تريد من العالم؟

•لدينا ميل إلى الاستخفاف بما نفكر فيه وتضخيم ما يفكر فيه العالم. العالم لم يتغير وينظر جيداً إلى ما يفكر فيه الجمهور في إسرائيل، ويهمه الجو السائد، وأنماط التصويت وماذا يؤيد الجمهور وكيف يريد صوغ حياته. العالم لا يبتسم دائماً ولا يوافق دائماً، والمجتمع الدولي كثير التعقيد، ورئيس الحكومة نتنياهو يوجه الدفة بحكمة كبيرة. لكن المدماك الأساسي المهم هو أن نفهم أن كل شيء يبدأ هنا. أنا لا أستخف "بما سيقوله العالم"، يجب ألاّ نستخف بذلك مسبقاً، لكن يجب ألاّ يصبح هذا هو كل شيء، والأكيد أنه يجب ألاّ  ندخل في حالة من الشلل وأن نضايق أنفسنا بسبب ذلك.

 

•في الأسبوع الماضي حدث شيء ما، وتحرك شيء ما. لكن يجب ألاّ نغفو، تصريح نتنياهو مهم لكنه تصريح فقط، والواقع على الأرض له وتيرته الخاصة. يجب علينا ان نواصل التقدم إلى الأمام.

 

 

المزيد ضمن العدد 2794