خالدة جرّار معارضة للنظام
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يجب أن نسمي الولد باسمه. الفلسطينيون وحفنة من الإسرائيليين الذين يناضلون ضد الاحتلال هم معارضون للنظام. هكذا يجب أن نسميهم. إنهم منشقون معارضون للنظام القائم. هم معارضون للنظام مثل كل الذين ثاروا ضد حكم استبدادي. وهم يستحقون الاحترام والتقدير مثل الذي شعرنا به تجاه منشقين آخرين في التاريخ، من نيلسون مانديلا إلى أندريه ساخاروف، ومن ليخ فالنسا إلى نتان شارنسكي. إن النظام الذي يناضل هؤلاء ضده ويدعون إلى سقوطه، ليس أقل وحشية من الأنظمة الاستبدادية التي ثار ضدها المنشقون الأكثر شهرة في العالم. ليس لهذا النظام أي صلة بالديمقراطية التي تتباهى إسرائيل بها ويشيد العالم بها، وكيف يمكن أساساً اعتبار إسرائيل دولة ديمقراطية إذا كان هذا ما يحدث في باحتها الخلفية؟ 

•خالدة جرّار هي معارضة للنظام. ويثبت رد فعله حيالها كم هو نظام ديكتاتوري لا روادع له. هي عضو في البرلمان الفلسطيني، في الـ 54 من عمرها، أم لفتاتين، نائب انتُخبت في انتخابات ديمقراطية، ترسَل إلى السجن مرة تلو المرة، وبصورة عامة من دون محاكمة. لم تقتل جرّار ذبابة في حياتها، ولم تسِئ إلى إنسان. هي ناشطة سياسية. وتعرف ذلك أيضاً الأجهزة الظلامية المسؤولة عن سجنها. لكن جرّار معارضة صلبة، لذلك فإن مكانها في السجن، مع محاكمة أو بالأساس من دون محاكمة. 

•هكذا تتصرف الأنظمة الاستبدادية التي تدافع عن بقائها. روسيا بوتين أو تركيا أردوغان، إيران،والصين أو كوريا الشمالية،  تضع معارضي النظام في السجن. إن اعتقال جرّار وضع إسرائيل في المكان عينه معهم، وجعلها تبدو في صورة  مختلفة عن صورتها. الديمقراطية الوحيدة - كلام تافه. لا يوجد شيء كهذا - ديمقراطية ترسل نواباً  إلى السجن بسبب نشاطهم السياسي، وتعتقل مئات الناس من دون محاكمة، ونظام يسجن نواباً من دون محاكمة هو نظام ديكتاتوري. 

•إن النظام الذي يطلق النار على المتظاهرين هو أيضاً نظام غير ديمقراطي. وأي نظام أطلق النار على المتظاهرين أكثر من إسرائيل خلال الـ 50 سنة الأخيرة؟ في شارع روتشيلد التظاهر مسموح، بينما في وادي عاره يطلقون النار على المتظاهرين. في النبي صالح يطلقون النار دائماً. وهناك قتلى وجرحى بينهم أطفال، كما في إيران. وكما في إيران، التقارير عن التظاهرات في المناطق [المحتلة] في وسائل الإعلام الحر في إسرائيل، بالطبع حر، مشوهة ودعائية. يسمونها "أعمال شغب". "اضطرابات". من دون كلمة واحدة عن الأهداف وعن علاقتها بما يجري. ليس هناك كلمة واحدة عن إطلاق نار وحشي من جانب قناص في الجيش الإسرائيلي على رأس متظاهر مقطوع الأرجل  كان على كرسي متحرك، حمل علم شعبه بالقرب من الجدار الذي يسجن بلده. وليس هناك كلمة واحدة عن اعتقال جرّار.

•قمة الوقاحة كان تعليق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على التظاهرات في إيران: "إيرانيون شجعان يندفعون إلى الشوارع يطمحون إلى الحرية والعدالة والحريات الأساسية التي حرموا منها عشرات السنين". ألم يرتجف صوته عندما قال هذا الكلام؟ وكيف لم ترتجف يده عندما كتبه؟ ما الفارق بين طهران والنبي صالح؟ وما الفارق بين معارض للنظام في طهران وبين عضو البرلمان جرّار؟ هل الفلسطينيون الذين يشاركون أسبوعياً في مسيرات احتجاج ضد جدار الفصل هم أقل شجاعة من المتظاهرين الإيرانيين؟ وأقل صدقاً؟ وهل الذين يُطلق عليهم النار أقل وحشية؟ وأكثر ديمقراطية؟ النضال هو من أجل القيم عينها، ومن أجل ما وصفه نتنياهو بـ"الحريات الأساسية التي حرموا منها عشرات السنين". ومن حُرم حقوقه أكثر من أبناء الشعب الفلسطيني.

 

•إيرانيون وفلسطينيون يريدون الحرية. بكل بساطة. قوات الأمن الإيرانية والإسرائيلية تطلق عليهم النار وتعتقلهم بكل بساطة. وهذا ما يفعله كل نظام استبدادي بمعارضيه.