نشوء جبهة أميركية - أوروبية في مواجهة إيران: مصلحة إسرائيلية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•قبل شهرين، أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه لن يصادق على الاتفاق النووي الموقّع بين إيران والدول الكبرى، وهدّد بالانسحاب منه إن لم يتعاون معه  الكونغرس الأميركي والدول الأوروبية التي وقعت الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) من أجل تعديله. 

•في أعقاب الخطاب أُعطي الكونغرس نحو 60 يوماً لمناقشة خطوات إصدار تشريع جديد. انتهت هذه الفترة يوم الثلاثاء الماضي، ويبدو أنه لم ينجح أي جهد من الجهود لسن تشريع في الوصول إلى مرحلة النضج والحصول على التأييد المطلوب، إذ يطالب جزء من المشرّعين الجمهوريين بتشديد تهديد العقوبات، وأمّا الديمقراطيون فهم ليسوا مستعدين للدفع قُدُماً بخطوات تعرّض الاتفاق النووي للخطر، والانطباع هو أن الكونغرس في أغلبيته الساحقة لا يرغب في توقيع خطوة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد في مواجهة أوروبا أو إيران.

•لقد سبق أن أوضح الزعماء الأوروبيون علناً عدم استعدادهم لدعم مبادرة ترامب لتعديل الاتفاق. ويقود الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون محاولة للبدء بمفاوضات مع إيران بشأن وقف مشروع الصواريخ الإيرانية، الذي لا يدخل ضمن الاتفاق النووي. وكان قرار مجلس الأمن الذي رافق الاتفاق قد ألغى قرار منع التجارب الصاروخية الذي كان موجوداً في قرارات سابقة، واكتفى بدعوة إيران إلى الامتناع من القيام بتجاربها.

•الإيرانيون، من جهتهم، غير مستعدين للبحث في المسألة بحجة أن المشروع ذو طابع دفاعي وهدفه الردع، ولا علاقة له بالمشروع النووي. ومع ذلك، فالتمييز بين المشروع النووي ومشروع الصواريخ، هو تمييز مصطنع ومُضلل. وكما تدل عليه الأزمة بشأن صواريخ كوريا الشمالية: دولة مؤهلة لإطلاق صواريخ باليستية بحاجة إلى جهد تكنولوجي غير معقد وغير طويل كي تستطيع هذه الصواريخ حمل سلاح نووي. وعملياً فإن قدرة إيران على ترجمة الإنجازات التكنولوجية في المجال النووي إلى تهديد عسكري نووي موثوق خلال زمن قصير، سيكون له اعتبار قاطع في قرار طهران المضي قُدُماً نحو قنبلة نووية في المستقبل. وعدم وجود مثل هذا الإمكان سيشكل عاملاً رادعاً مهماً لمنع قدرة إيرانية من الوصول إلى قنبلة نووية عملياتية.

•حالياً، عاد القرار إلى طاولة الرئيس الأميركي. لقد أظهر ترامب خلال السنة الأخيرة نفوره من عدم الوفاء بوعوده لناخبيه في المعركة الانتخابية، وإذا لم ينسحب من الاتفاق، وفي حال غياب إنجاز تشريعي في الكونغرس أو عدم مساهمة أوروبا في خطوة مهمة حيال إيران، فإنه سيكون عرضة لانتقادات من جمهور ناخبيه في هذا الموضوع.

•في تقديري، سيكون إلغاء الاتفاق النووي الذي يقيّد المشروع النووي الإيراني خلال السنوات القريبة المقبلة خطأ استراتيجياً، فالاتفاق يسمح للولايات المتحدة وإسرائيل بإعداد نفسيهما استخباراتياً وعملياتياً وسياسياً لمواجهة المخاطر المتوقعة من إيران في الفترة التي ستُرفع فيها عنها قيود الاتفاق. إن إلقاء تهمة إلغاء الاتفاق على الإدارة الأميركية سيؤدي حالياً إلى عزلها، تحديداً في الوقت الذي يقيّد فيه الاتفاق المشروع النووي ويتيح الاستعداد لمواجهته على المدى البعيد. بالنسبة إلى ترامب المقصود هو فتح جبهة في وقت تتوجه فيه أغلبية الموارد الأميركية والاهتمام الأميركي نحو تهديد ذي قدرة نووية أخرى وأكثر إلحاحاً، في شبه الجزيرة الكورية.

•بناء على ذلك، من المهم أن يشدّد الرئيس على تمسكه بهدف تعديل الاتفاق، لكن المقصود كهدف بعيد المدى. في هذا الوقت يتعين على الإدارة الأميركية التركيز على فرض قيود على مشروع الصورايخ الباليستية والصواريخ البحرية القادرة على حمل رأس حربي نووي. وحتى لو عارضت روسيا والصين، يجب على الرئيس إنشاء جبهة موحدة تدعمها الزعامة الأوروبية.

 

•إن تأجيل مناقشة الاتفاق النووي والتركيز على تهديد الصواريخ الذي لم يعالَج في الاتفاق مع إيران، سيسمح ببلورة ائتلاف حول هدف مقبول من جميع الأعضاء وسيحسن الموقف الأميركي الاستراتيجي في مواجهة إيران. هناك مصلحة إسرائيلية أيضاً في أن تقود الولايات المتحدة ائتلافاً يستطيع التحرك ضد إيران إذا خرقت الاتفاق، أو العمل على تعديله قبل انتهاء القيود المفروضة على المشروع النووي. ومن أجل تحقيق هذا الغرض المطلوب الصبر، أو بحسب كلام المرشد الأعلى خامنئي: المطلوب تبنّي استراتيجيا "مرونة بطولية".

 

 

المزيد ضمن العدد 2754