هل غيّر ترامب موقف الولايات المتحدة إزاء موضوع القدس؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG
المؤلف

•هل يعبّر تصريح ترامب عن تغيير تاريخي في سياسة الولايات المتحدة بشأن موضوع القدس؟ من جهة، اشتمل هذا التصريح على أمر جديد، لأن سياسة الولايات المتحدة التقليدية لم تتضمن اعترافاً رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل. وطوال سنوات كانت السياسة الأميركية كما عبّر عنها تصريح السفيرغولدبرغ (1967)، وتصريح السفير ويست (1969)، وتصريح السفير سكرانتون (1976)، ورسالة الرئيس كارتر إلى السادات (1978)، وخطة ريغان (1982)، ورسالة وزير الخارجية الأميركي بايكر إلى الوفد الفلسطيني في مدريد (1991)، وهي أن الاتفاق على الوضع الدائم للقدس يجب أن يتم التوصل إليه من خلال مفاوضات بين الطرفين، وقد اعتبرت هذه السياسة القدس الشرقية جزءاً من الأراضي التي احتُلت في سنة 1967، كما عارضت ضم إسرائيل القدس الشرقية، وبناء أحياء ومستوطنات على هذه الأرض. كما تحدث الرئيس كلينتون (سنة 2000) ووزير الخارجية كيري (2016) علناً عن دولتين، أو عاصمة مشتركة في القدس. لكن ترامب قال كلاماً مختلفاً.

•لقد أوضح ترامب في خطابه أن الولايات المتحدة لن تتخذ موقفاً من القضايا الجوهرية، بما فيها مسألة حدود السيادة الإسرائيلية في القدس التي يجب على طرفي النزاع الاتفاق عليها، وهو بذلك شدد على أهمية محدودة لتصريحه، وعلى التزامه هو أيضاَ بالموقف التقليدي القائل إن مسألة حدود القدس مرتبطة بمفاوضات إسرائيلية – فلسطينية.

•لم يوضح ترامب ماذا يقصد باستخدام مصطلح "القدس"، فهو لم يميز في كلامه بين القدس الشرقية والقدس الغربية (مع أن المؤسسات الإسرائيلية التي تحدث عنها موجودة كلها في القدس الغربية)، ويمكننا تفسير كلامه بأنه انتقال من اعتراف أميركي بحكم الأمر الواقع بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل (جرى التعبير عنه من خلال الاجتماعات والزيارات التي قام بها زعماء أميركيون طوال سنين لهذا الجزء من المدينة)، إلى اعتراف قانوني (يمكن أن يوافق الفلسطينيون عليه أيضاَ، لكن فقط ضمن سياق اتفاق سلام شامل يعتبر القدس الشرقية عاصمة لفلسطين). 

•يبدو أن هدف تصريح ترامب هو موازنة قرارتأجيل توقيعه الأمر الرئاسي بنقل السفارة إلى القدس إلى نصف سنة أُخرى، والبيان الذي تحدث عن أن انتقال السفارة من المتوقع أن يستغرق من ثلاث إلى أربع سنوات، وهذا أسلوب عمل شبيه بالأسلوب الذي انتهجه ترامب في موضوع الاتفاق النووي مع إيران، إذ حاول هناك أيضاً طمس قراره بعدم الانسحاب من الاتفاق، من خلال خطاب هجومي ضد إيران.

 

•يمكن اختبار تصريح ترامب من خلال انعكاساته ونتائجه، فبالنسبة إلى حكومة إسرائيل التصريح إنجاز سياسي مهم، لكنه يمكن أن يؤدي إلى ردات فعل معارضة تضر بإسرائيل. 1- في إمكان ردات فعل الشارع العربي على تصريح ترامب المساهمة في ابراز وتوضيح الإجماع الدولي بشأن القدس، وتصوير موقف ترامب كخروج عن المشهد الدولي (مثل موضوعات أُخرى اختار فيها ترامب خروج الولايات المتحدة عن الموقف المعتمد في الساحة الدولية مثل اتفاق المناخ في باريس)؛ 2- إن القدس قضية لها أهمية رمزية عميقة في العالمين العربي والإسلامي، وهناك أطرف كثيرة تستطيع استخدام تصريح ترامب من أجل تعبئة الرأي العام وتأجيجه، وإعادة النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني إلى رأس جدول الأعمال، وتوحيد المعسكرات والفصائل المختلفة حوله، في فترة تتميز بالخلافات والنزاعات الداخلية؛ 3- ستبرهن لنا الأيام المقبلة كيف ستؤثر الخطوة التي اتخذها ترامب في دور الولايات المتحدة التاريخي، كوسيط في عملية السلام. لقد قال الطرف الفلسطيني إن تصريح ترامب يلغي هذا الدور. إن نشوء وضع لا يوجد فيه طرف دولي مهم مقبول كوسيط من جانب طرفيْ النزاع هو وضع خطير، وبصورة خاصة مع إمكان حدوث تصعيد ونشوب مواجهات على الأرض.