•بالأمس بدأت في بوينس آيريس الزيارة التي وصفت "بالتاريخية" لرئيس حكومة إسرائيلية إلى ثلاث دول في أميركا اللاتينية، الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك. وتشمل زيارة الأرجنتين إحياء ذكرى ضحايا إرهاب إيران وحزب الله ضد السفارة الإسرائيلية (سنة 1992)، وضد مركز الجالية اليهودية (سنة 1994).
•التحقيق في الهجومين لم ينته بعد، ويجب أن نتذكر أيضاً مقتل المدعي العام اليهودي الأرجنتيني ألبرتو نيسمان في كانون الثاني/يناير 2015 في ظروف غامضة. ووقعت هذه الجريمة قبيل كشف المدعي العام عن العلاقات التي كانت موجودة بين الحكم السابق للرئيسة كريستينا كريشنر والإيرانيين.
•امتازت العلاقات بين الأرجنتين وإسرائيل بصعود وهبوط طوال سنوات: فقد قدم الرئيس خوان بيرون ملجأ إلى بعض المجرمين النازيين (أشهرهم أدولف أيخمان الذي خطفه الموساد وأحاله على المحاكمة في إسرائيل في أيار/مايو 1960)، لكنه في المقابل اعترف بإسرائيل في سنة 1949 وأقام علاقات دبلوماسية معها، على الرغم من عدم تصويت الأرجنتين على قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1947.
•تشمل زيارة نتنياهو إلى الأرجنتين لقاء مع زعماء أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية (نحو 120 ألف شخص)، وتوقيع عدة اتفاقات في مجالات الأمن والمكوس الجمركية والضمان الوطني، واستخدام أرشيف ذكرى المحرقة النازية. في كولومبيا سيلتقي نتنياهو الرئيس سانتوس بضع ساعات. وتعتبر كولومبيا دولة قريبة جداً من إسرائيل من ناحية التعاون الأمني والدبلوماسي، وهي الدولة الوحيدة في القارة (باستثناء بنما) التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية، وامتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة مع رفع مستوى التمثيل الفلسطيني.
•ستكون المكسيك، ثاني أهم دولة في القارة، المحطة الأخيرة في الجولة. توجد بين إسرائيل والمكسيك علاقات اقتصادية متشعّبة جداً (نحو 700 مليون دولار سنوياً)، وكذلك في مجال الاستثمارات الخارجية. ويتعين على رئيس الحكومة أن يصحح الانطباع الخطأ والسلبي الذي نتج عن حصيلة حادثة دبلوماسية لا لزوم لها، من جراء ثناء نتنياهو على نية الرئيس ترامب بناء جدار على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. ومن المتوقع أن توقع المكسيك وإسرائيل اتفاقات في مجالات الفضاء والطيران والاتصالات والتطوير. إن الدولة الغائبة عن هذه الجولة السريعة (التي تتضمن أيضاً لقاء مع رئيس البراغواي في الأرجنتين) هي البرازيل، الدولة المركزية في أميركا اللاتينية التي تعاني حالياً أزمة سياسية داخلية.
•لماذا لم يقم رئيس حكومة قبل اليوم بزيارة إلى أميركا اللاتينية؟ على الرغم من أن العلاقات بين إسرائيل وأغلبية هذه الدول تميزت بالاستقرار والود المتبادل، وعلى الرغم من الدور الحاسم الذي لعبته هذه الدول في اتخاذ قرار التقسيم سنة 1947، فإن هذه المنطقة لم تكن مركز جاذبية استراتيجية واقتصادية لسياسة إسرائيل الخارجية (التي ركزت على أوروبا وأميركا الشمالية). في السنوات الأخيرة برز توجه في الدبلوماسية الإسرائيلية نحو توسيع دائرة العلاقات، لذا زار نتنياهو ويزور دولاً لم يزرها أي رئيس حكومة إسرائيلية قبله (في أفريقيا وأستراليا، وفي جنوب شرق آسيا، والآن في أميركا اللاتينية). من الصعب توقع حدوث تغيير كبير في مواقف دول هذه القارة حيال إسرائيل والنزاع القائم، لكن ثمة أهمية رمزية لإظهار وجود إسرائيلي هناك بعد أن حظيت المنطقة بزيارات لزعماء إيران ومنظمة التحرير في السنوات الأخيرة. وبناء على ذلك، يجب تشجيع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين إسرائيل وجزء من هذه الدول.