•نافذة الفرصة التي انفتحت أمام إسرائيل، والتي تتيح لها أن تكون شريكاً في ائتلاف عربي - سني في مواجهة خطر التمدد الإيراني في سورية أولاً ثم في الشرق الأوسط، قد أغلقت.
•إن الإنجاز السياسي - العسكري الذي حققته روسيا التي نجحت في تثبيت نظام الأسد، والتمدد الإيراني نحو المعاقل التي هجرها تنظيم داعش في سورية، دفعا العالم العربي - السني إلى إعادة التفكير بكل ما له صلة بعلاقته بالأسد. وتتحدث تقارير علنية عن جهود أردنية للتوصل إلى تفاهمات مع نظام الأسد لتشمل، بين أمور أخرى، مثلاً، إعادة فتح المعابر الكبرى بين الأردن وسورية لأغراض التجارة، بالإضافة إلى استئناف التفاهمات الاستخباراتية بين الدولتين. وهذا أحد انعكاسات الإخفاق الكبير لإسرائيل وللائتلاف الغربي في سورية برئاسة الولايات المتحدة.
•لكن ليست دولاً فقط تبحث عن طريق يوصلها إلى نظام الأسد المؤيد لإيران. فقد تحدث رئيس الشاباك نداف أرغمان هذا الأسبوع في جلسة الحكومة عن توثيق العلاقات بين إيران وحزب الله و"حماس"، وهذه خطوة يمكن أن تكون لها انعكاسات أمنية بعيدة المدى. وفي الحقيقة، عرفت علاقة الذراع العسكرية في "حماس" مع حزب الله وإيران صعوداً وهبوطاً، لكنها لم تنقطع أبداً. لكن حالياً، وعلى خلفية إنجازات إيران في سورية، تسعى "حماس" في غزة إلى الانضمام إلى "القوى القيادية الجديدة" في الشرق الأوسط، وتسمح قيادة الحركة لنفسها بإعلان تأييدها للأسد وللترتيب الجديد الذي قرره الروس والإيرانيون في سورية. في مطلع هذا الشهر أعلن زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار أن علاقة الحركة بإيران لم تعد فقط إلى مسارها بعد سنوات من الصعوبات، بل هي أصبحت أفضل بكثير. وأضاف أن إيران هي اليوم أهم مؤيد للذراع العسكرية في "حماس".
•بالفعل، ووفقاً لتقارير أجنبية، تحوّل إيران نحو 70 مليون دولار سنوياً إلى الذراع العسكرية لـ"حماس" في غزة، وهي تقدم للحركة مساعدة لوجستية وتقنية أيضاً. كما يقصد أعضاء "حماس" إيران ودولاً أخرى حيث يحصلون على التدريب العسكري من جانب مدربين إيرانيين. ووفقاً للسنوار، فإن هذه العلاقات تتوثق أكثر فأكثر.
•إن العلاقة بين "حماس" في غزة وبين الإيرانيين وحزب الله ليست علاقة طبيعية ولا تقع على خلفية ناضجة. فالرأي العام في غزة الذي يتابع بقلق العمليات الشيعية ضد السنّة في العراق معاد لإيران، لكن فشل السياسة الأميركية في سورية وتراجع نفوذ الغرب في الساحة يجبران دول المنطقة، وكذلك تنظيمات مثل "حماس"، على الارتماء في أحضان إيران أو على الأقل محاولة التحاور معها.
•إن الذي يقود التقارب بين "حماس" وإيران وحزب الله هو رئيس فرع "حماس" في لبنان صلاح العاروري الذي يعتبر المسؤول العسكري عن إرهاب "حماس" في الضفة، وهو مقرب من خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة، ويشكل الرجلان معارضة لقيادة "حماس" في غزة برئاسة السنوار. وبرز الخلاف بين الطرفين خلال المؤتمر المنعقد في القاهرة الذي يشارك فيه أكثر من 20 عضو قيادة في "حماس". وبينما يشد السنوار في اتجاه الاعتماد على مصر واتحاد الإمارات، يضغط العاروري ومؤيدوه في اتجاه الاعتماد على تركيا وقطر وإيران. وأي عودة لـ"حماس" إلى أحضان إيران ستحدث على حساب مصر وستشكل بالتالي انتصاراً للمعارضة برئاسة مشعل. ويطالب العاروري حالياً بمنصب نائب إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ"حماس".
•لم يكن لإسرائيل أدوات، في الأساس، سياسية لمحاولة التأثير في ما يحدث في سورية. لقد اضطرت إلى الموافقة على الائتلاف الأميركي المخيب للأمل. وحالياً بعد خمس سنوات وبعد تمركز الإيرانيين في سورية بموافقة ائتلاف عربي - سني، هي تسعى إلى تدارك ما يمكن تداركه.
•مع الأسف، لقد كان أمام إسرائيل فرصة جيدة للتوصل إلى قاسم مشترك مع دول سنية في المنطقة بشأن مستقبل الشرق الأوسط ووضعها فيه، بما في ذلك حل متفق عليه للمشكلة الفلسطينية بالاتفاق مع الدول السنية المؤثرة. لكن هذا الأمر ضاع على الطريق. فهناك من انتظر وقتاً طويلاً، ولعب مع السعوديين والأردنيين، وكان واثقاً بأن "المعجزة" في سورية ستستمر وقتاً أطول. لكن الأسد لم يسقط، وازدادت قوة الإيرانيين وحزب الله، وبذلك تكون إسرائيل سجلت لنفسها فشلاً سياسياً آخر.