القصف الجوي في سورية، نجاح آخر، لكن ليس هناك حصانة إلى الأبد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•هناك موضوع واحد يوحّد المجتمع الإسرائيلي: كل عملية هجومية إسرائيلية تحظى هنا بتصفيق حاد، سواء عرف الناس ما المقصود أم لم يعرفوا، وسواء فرضها الواقع أم لا - المهم أننا نقصف. وهذا جيد دائماً. ولماذا يكون سيئاً حدوث قصف آخر في سورية؟ لقد سبق وفعلنا ذلك 100 مرة، ومرّ الأمر بسلام، ما السيئ في وقوع هجوم آخر؟ وما الخطأ في أن نغرز خنجراً في هذا الثور الذي ينزف دماً؟ فهو في النهاية غير قادر على الرد. وإذا كان في إمكاننا أن نقصف، هذا يبقي على أهبة الاستعداد سلاح الجو الذي ليست لديه منذ سنوات ساحة قتال جوي يقاتل فيها - من الصعب استخدام طائرة إف-35 ضد فتاة تحمل مقصّاً على حاجز قلندية - هذا يضيف له هالة بطولة، الجميع يهتفون له. المعلقون يقولون إن قصف سلاح موجه إلى حزب الله "يوجد ردعاً"، لكن حزب الله يملك 150 ألف صاروخ وقذيفة برغم القصف والردع.

•وراء هذا كله التوق إلى ضرب العرب، ضربهم كلما كان ذلك ممكناً، وبكل قوانا؛ وما دمنا لا ندفع ثمناً، ضربهم من الجو والبحر والبر - ليس من المهم كيف ولماذا ومتى، المهم أن نضرب. منذ زمن طويل تحول جيش الدفاع الإسرائيلي إلى جيش الهجوم الإسرائيلي. كل شيء مسموح لإسرائيل. ففي النهاية هي تدافع عن نفسها فقط، هي دولة مسالمة ليس هناك مثلها مناصرة للسلام. غطرستها تسمح لها كلما يحلو لها بانتهاك سيادة جارتها لبنان، وخرق أجوائه يومياً وقصف سورية من هناك- من هو لبنان كي يقول لإسرائيل أين تحلق؟  ليس صعباً  تصور ما يمكن أن يحدث لو اخترق بالون استطلاع لبناني الأجواء الإسرائيلية، حتى لا نتحدث عن طائرة. الأجواء اللبنانية سترتج وتهتز. من يجرؤ على انتهاك سيادتنا؟ لكن إسرائيل مسموح لها بذلك.

•مسموح لها أيضاً بأن تقصف شحنات سلاح في أي مكان، لأنها هي نفسها لا تتسلح أبداً. مسموح لها لأنها تقدر على ذلك. هنا أيضاً ليس صعباً تصور ما سيحدث إذا قرر سلاح جو ما قصف شحنات سلاح لإسرائيل. هي مسموح لها التسلح بأي سلاح، سواء كان مسموحاً أو ممنوعاً. ومسموح لها قصف منشآت تطوير، مثل التي قصفتها بالقرب من مصياف، لأن السلاح المنتج هناك "كاسر للتوازن"، قول مثير للضحك نسمعه من المصادر العسكرية والمتحدثين بلسانهم، كما لو أن هناك توازناً يمكن أن يكسره هذا السلاح. وتستخدم إسرائيل هذا المصطلح العبثي مع "حماس" في غزة. تخيلوا ذلك.

•وفقاً للمنطق الإسرائيلي، فإسرائيل فقط مسموح لها بالتسلح في المنطقة ومن حقها منع أي طرف آخر من التسلح، سواء بالقوة أو بواسطة الضغط الدولي. لقد أردات السعودية البعيدة الحصول على طائرات تجسس من طراز أواكس. أقامت إسرائيل الدنيا وأقعدتها، مثلما فعلت تقريباً ضد كل صفقة سلاح. لو كان الأمر في يد إسرائيل، لكانت جميع الدول العربية صارت منزوعة السلاح. وحدها هي تواصل تسلحها بكل أنواع السلاح الموجودة.

•وعلى ما يبدو ليس هناك ما يدعو للشكوى، إسرائيل قوة إقليمية عظمى وتريد المحافظة على قوتها. والواقع في الشرق الأوسط عنيف للغاية، والتهديدات ضد إسرائيل حقيقية وملموسة، على الأقل جزئياً، وإذا كان في إمكان إسرائيل تحييد أعدائها فيجب عليها أن تفعل ذلك. لكن هذا طريق قصير النظر. القصف المتكررعلى سورية يمكن أن يكون له ثمن. هكذا ولدت حروب، وبهذه الطريقة نشعلها، من قصف إلى قصف يمر بنجاح. أيضاً فكرة أن الطرف القوي عسكرياً ينتصر دائماً راسخة في التجربة التاريخية. إسرائيل التي تعتمد في وجودها في الشرق الأوسط على السيف لا يمكنها الاعتماد عليه إلى الأبد. قصف آخر ونجاح آخر، لكن ليس هناك حصانة إلى الأبد. ستتذكر سورية أنه في أوقاتها الصعبة إسرائيل أهانتها. الشعوب والدول لا تنسى ذلك. وحالياً روسيا موجودة أيضاً في الجوار.

•القصف الذي جرى في نهاية الأسبوع كان عملية عسكرية. مع كل الاحترام للجيش الإسرائيلي، ففي القصف رقم 102 وربما في القصف رقم 200 يمكن أن نسدد الحساب.