•أكثر من مئة غارة نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في السنوات الأخيرة وفقاً لما قاله قائد سلاح الجو الإسرائيلي المنتهية ولايته أمير إيشل. وهذا الأسبوع أضيف إليها هجوم آخر. قد يبدو هذا واحداً من هجمات كثيرة. على الرغم من ذلك، إذا صحت التقارير الآتية من سورية، فإن التوقيت والمكان المستهدف (المركز السوري للأبحاث العلمية وسط سورية، وليس شحنات صواريخ لحزب الله)، يجعلانه مختلفاً عن كل تلك الهجمات التي سبقته.
•يجب أن نفهم هذا الهجوم، إذا كان صحيحاً أن إسرائيل هي المسؤولة عنه،على خلفية النهاية القريبة للحرب الأهلية في سورية. بالتأكيد ستحتاج النار المشتعلة في الدولة إلى أشهر كثيرة حتى تخمد تماماً، لكن من الواضح منذ الآن أن بشار الأسد هو الذي سيخرج منتصراً منها. لكن المنتصرين الحقيقيين هم من دون شك روسيا وإيران وحزب الله الذين تجندوا جميعاً لضمان انتصار الرئيس السوري.
•تقود روسيا بوتين اليوم عملية صياغة مستقبل سورية بمباركة أغلبية اللاعبين الدوليين، ومن بينهم تركيا والأردن وأيضاً الولايات المتحدة. وهذه الأخيرة التي تركز توجهها من أجل القضاء على تنظيم داعش من دون أخذ اليوم التالي [لانتهاء الحرب] في الاعتبار، اختارت تجاهل الساحة وتسليم المفاتيح لموسكو.
•في "اليوم التالي" ضمنت إيران وجوداً ونفوذاً في سورية. الروس ليسوا متحمسين لمثل هذا الوجود الإيراني، لكنهم ما يزالون بحاجة إلى إيران للمحافظة على استقرار سورية. في النهاية الطائرات الروسية تحلق في الأجواء لكن الدم ينزف من المقاتلين الذين دفعت بهم طهران إلى المعركة.
•في الأشهر الأخيرة عادت إسرائيل إلى تحذير الروس من أن ترسيخ الوجود الإيراني في سورية هو خط أحمر، ومن شأنه أن يدهور المنطقة إلى حرب شاملة. ويحاول الروس الموازنة بين التزامهم بأمن إسرائيل والتزاماتهم تجاه بشار حليفهم في دمشق، وتجاه إيران وحزب الله الحليفين لها في الصراع من أجل الهيمنة الإقليمية. لقد اعتادت موسكو التصرف بغموض، الاستماع إلى مطالب إسرائيل والاستجابة جزئياً لها، مثلاً بخصوص كل ما يتعلق بإبعاد إيران والحزب عن خط الحدود الإسرائيلي- السوري. وامتنعت أيضاً عن أي رد على هجمات إسرائيل في الأراضي السورية، التي جرت تحت عينها الساهرة. لكن في الوقت عينه، سمحت روسيا لإيران بالتمركز في سورية.
•من المحتمل أن تخدم الهجمات الإسرائيلية في سورية الروس أيضاً، لأنها يمكن أن تحول روسيا إلى "الناضج المسؤول" الذي يعمل على التهدئة وجعل زبائنه الانفعاليين أكثر اعتدالاً، وبهذه الطريقة يزيد من ارتباطهم بروسيا.
•في مثل هذا الوضع لم يبق أمام إسرائيل سوى أن تبعث برسالة واضحة إلى موسكو بشأن خطوطها الحمراء، وأن تتحرك بنفسها لمواجهة الثالوث غير المقدس: تزايد الوجود الإيراني في سورية، واستمرار تهريب السلاح إلى حزب الله من إيران، وفي النهاية احتمال أن يستخدم الإيرانيون منشآت في سورية من أجل إنتاج سلاح للحزب.
•لقد مر الهجوم المنسوب إلى إسرائيل مثل الهجمات السابقة من دون رد. لكن السؤال المطروح ما يزال على حاله: هل انتهاء الحرب في سورية سيغلق نافذة الفرص التي كانت مفتوحة أمام إسرائيل كي تنشط في أراضي ذلك البلد؟ وسؤال آخر هو: متى يقرر بوتين العمل لوقف هذا النشاط الذي قد يهدد إنجازاته في سورية، وأي تعويض أمني سيمنح إسرائيل في المقابل؟