•هذا الأسبوع صُوّر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، برفقة مقاتلي ميليشيا شيعية أفغانية تسمى "الفاطميون". وهذه واحدة من ميليشيات أخرى من بينها حزب الله، وميليشيات شيعية عراقية جنّدها سليماني للدفاع عن نظام بشار الأسد. بالإضافة إلى ذلك، ثمة هدف آخر لإيران قد يكون أكثر أهمية. وكما نُشر هنا قبل 3 أشهر، تسعى الجمهورية الإسلامية منذ سنوات إلى إيجاد تواصل برّي بين طهران، عبر العراق وسورية إلى لبنان وساحل البحر الأبيض المتوسط. وعندما يتحقق ذلك، يمكن حينها الحديث عن "هلال شيعي" برّي.
•لقد التقطت صورة الجنرال سليماني، الكاريزماتي وأحد أكثر الشخصيات تأثيراً في إيران، في سورية، وعلى ما يبدو في شمال بلدة التنف غير البعيدة عن مثلث الحدود بين الأردن والعراق وسورية. ويمكن أن تكون هذه صورة لانتصار إيران إذا نجحت في ترسيخ سيطرتها على معابر الحدود بين العراق وسورية. وبذلك تتحقق الهيمنة الإيرانية على هذا الجزء من الشرق الأوسط. وهذا السيناريو يقضّ مضجع إسرائيل.
•ثمة قلق مزدوج في إسرائيل من التمركز الإيراني في سورية، فهو يمكن أن يغري إيران بمحاولة أن توجد لنفسها موطئ قدم بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وهذه محاولة ستصطدم بمعارضة قوية من جانب إسرائيل، كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بوضوح.
•وأيضاً إذا تمركزت إيران "فقط" في سورية من دون الاقتراب من هضبة الجولان، فإن هذا سيكلف إسرائيل مالاً كثيراً. معنى ذلك إحياء الجبهة الشمالية - الشرقية التي لم تعد تشكل تهديداً منذ انهيار نظام صدام حسين في العراق والحرب الأهلية في سورية.
•وليست إسرائيل وحدها هي القلقة من الوضع الذي قد ينشأ في سورية، فالأردن والولايات المتحدة أعربا أيضاً عن قلقهما إزاء التطورات. وليست مصادفة مهاجمة الطائرات الأميركية للمرة الأولى في جنوب سورية، قوات تابعة لجيش الأسد أو للميليشيات الموالية له. وجزء من الهجمات حدث بالقرب من التنف.
•على هذه الخلفية، ووفقاً لمصادر استخباراتية غربية، يدرس الأردن التدخل العسكري في سورية. ووفقاً لهذه المصادر، يخطط الجيش الأردني لإقامة مناطق عازلة أمنية في جنوب سورية، بالقرب من الحدود المشتركة بين الدولتين. لكن لم نتمكن من الحصول على تأكيد لهذه المعلومات من مصادر إسرائيلية.
•ووفقاً لمصادر استخباراتية غربية، فقد اتخذ الملك عبد الله القرار المبدئي في هذا الشأن بعد زيارة ترامب إلى السعودية ولقائه في الرياض الزعماء العرب. ففي تلك القمة حظي عبد الله بتأييد السعودية والولايات المتحدة لهذه الخطوة. وتشكل الأردن جزءاً من التحالف الدولي العامل في سورية. كما شارك سلاح الجو الأردني في السابق في الهجمات ضد تنظيم داعش، لكن هذه الهجمات توقفت بعد إحراق داعش الطيار الأردني الذي هبط بمظلته ووقع في الأسر.
•بالإضافة إلى ذلك تنشط في الأردن سراً قوات خاصة هي جزء من جيوش التحالف التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولنده وغيرها. ومن وقت إلى آخر تقوم هذه القوات بمهمات خاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية، وتنفذ اغتيالات في سورية، كما تقوم أيضاً بتدريب مجموعات من الثوار السوريين المعتدلين. ووفقاً للمصادر الغربية، فإن الذين يعملون على بلورة خطة العمل هما رئيس أركان الجيش الأردني الجنرال محمد فريحات الذي تولى منصبه قبل 8 أشهر، ورئيس الاستخبارات العامة في المملكة الجنرال عدنان عصام الجندي الذي عُيّن قبل 3 أشهر.
•ووفقاً لتقارير أجنبية، فإن للجيش الإسرائيلي علاقات جيدة وعلاقات تنسيق مع الجيش الأردني. ونُشرت أخبار عن اجتماع رئيس الأركان غادي أيزنكوت في الأردن مع الملك عبد الله وقادة جيشه.
•وإذا دخلت الخطوة الأردنية حيز التنفيذ، فسيكون لها انعكاسات استراتيجية واسعة تستفيد منها إسرائيل. ووفقاً لهذه المصادر الاستخباراتية الغربية، يمكن أن يقوم الأردن بدعم من الأميركيين وتمويلهم، بتسليح ميليشيات وسط التجمع السكاني الدرزي الكبير في جبل الدروز الذي عاصمته السويداء. ويتماهى الدروز، لكونهم أقلية على الأغلب مع نظام الأسد، لكنهم يسمحون لأنفسهم من وقت إلى آخر بانتهاج خط مستقل، ويقيمون علاقات مع أطراف صديقة خارج سورية.
•إذا نشط الأردن عسكرياً داخل أراضي سورية وأنشأ علاقة مع جبل الدروز، فإن هذا سيساعد في زيادة الرقابة على أجزاء مهمة من الحدود العراقية- السورية، مما سيصعّب على إيران تحقيق طموحها في إقامة ممر بري، وقد يمنعها تماماً. ومع تحرير الرقة عاصمة الخلافة لتنظيم الدولة الإسلامية على يد القوات الكردية وحلفائها من المتمردين، ستقلّص الخطوة الأردنية هامش المناورة الإيرانية.