أزمة الكهرباء في قطاع غزة تُسرّع التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يقترب قطاع غزة مرة أخرى هذا الصيف من نقطة الغليان. ومن دون أن يكون التصعيد هدفاً معلناً لأي طرف من الطرفين، ومن دون أن يكون لأي منهما مصلحة في التصعيد، يبدو أن إسرائيل و"حماس" على مشارف مواجهة محتملة، بتشجيع فعال وشاذ من السلطة الفلسطينية.

•إن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيادة الضغط الاقتصادي على سلطة "حماس" في القطاع هو السبب الأساسي للتوتر الجديد. فبعد عشر سنوات من طرد كبار مسؤولي حركة "فتح" من غزة، وبينما ترفض زعامة "حماس" بإصرار الاعتراف بأن تكون للسلطة الفلسطينية [في رام الله] أي سلطة في القطاع، يبدو أن عباس ضجر من تمويل خصومه السياسيين. وشملت العقوبات المفروضة على غزة خفض رواتب موظفي السلطة في القطاع إلى الثلث، وتقليص الدعم المالي المقدم للأسرى المحررين، واضطرابات كبيرة في التزود بالكهرباء. 

•تعتبر الكهرباء العنصر الأكثر أهمية في الصورة. في الأيام العادية تزود إسرائيل القطاع بـ123 ميغاوات من الكهرباء بواسطة عشرة خطوط، كما تصل 60 ميغاوات إضافية من محطة الطاقة في غزة (التي تعمل بنصف طاقتها وتعتمد على السولار الذي يأتي من إسرائيل)، وهناك 23 ميغاوات يجري التزود بها بواسطة خطين كهربائيين من مصر عندما لا تحدث مشكلات. لقد توقفت السلطة عن دفع الرسوم على السولار (التي تُحسم من عائدات الضرائب التي تحصل عليها من إسرائيل) وتهدد بوقف تمويل خطوط الكهرباء من إسرائيل إلى غزة. ويمكن أن يؤدي تضافر هاتين الخطوتين إلى خفض تزود القطاع اليومي بالكهرباء إلى ما دون المستوى الحالي- الذي هو بمعدل 4 ساعات يومياً - الأمر الذي سيجبر السكان على الاعتماد بقدر طاقتهم على المولدات، وسيضر بصورة كبيرة بعمل المستشفيات، ويعرقل تنقية مياه الصرف الصحي، وتوفير المياه الصالحة للشرب.

•يجري هذا في بداية الصيف في غزة حيث ترتفع درجات الحرارة بصورة لا تحتمل. وقد أجرت القيادتان السياسية والأمنية في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، سلسلة نقاشات بشأن أزمة الكهرباء في غزة، وخطر التصعيد العسكري هناك. واليوم سيبحث في ذلك الطاقم الوزاري المصغر. وأعلن كبار المسؤولين الإسرائيليين ومن بينهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أن إسرائيل لا تستطيع أن تحل محل السلطة وتدفع المبالغ المتراكمة بدلاً منها. ولا تريد حكومة نتنياهو أن تظهر وكأنها خضعت للابتزاز الفلسطيني. ولكنها مضطرة، من جهة أخرى، لأن تأخذ في حسابها أن المبالغ المتراكمة - والبالغة عشرات ملايين الشيكلات شهرياً - أقل من الثمن الاقتصادي ليوم واحد من القتال في القطاع، وهذا من دون ذكر الخسائر المتوقعة. 

•كما تؤثر الأزمة بين قطر والسعودية على المزاج العام في غزة. ففي الفترات الماضية عندما كانت "حماس" بحاجة إلى مساعدة اقتصادية، كانت تهبّ قطر إلى تقديم المساعدة بموافقة مصر. حالياً قطر مشغولة بالحصار الذي فرضته عليها السعودية بدعم معلن من القاهرة. وهذه التطورات يمكن أن تدفع "حماس" إلى أحضان إيران من جديد.

•في خلفية هذا كله، تجري أحداث أخرى. فقد أعلن الشاباك إحباط خطة أعدتها "حماس" في غزة بواسطة أصحاب سوابق من العرب في إسرائيل لاغتيال ضابط في الجيش الإسرائيلي انتقاماً لمقتل الناشط في الحركة مازن فقهاء، و"حماس" التي كبحت في الماضي قيام تظاهرات بالقرب من السياج الحدودي في قطاع غزة، تشجعها الآن (في نهاية الأسبوعين الماضيين قُتل مواطنان من القطاع بنيران الجيش الإسرائيلي بعد اقترابهما من السياج). وفي الأسابيع المقبلة من المتوقع أن توسع وزارة الداخلية بصورة كبيرة أعمال بناء عائق جديد ضد الأنفاق على الحدود مع القطاع. وسيزيد بناء العائق من الضغط على "حماس"، لأن الذراع العسكرية للحركة تتخوف أن تحرمها هذه الأعمال رصيداً استراتيجياً راكمته في السنوات الأخيرة بجهد كبير.

•في الأسبوع الماضي، اضطرت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا التابعة للأمم المتحدة، إلى إعلان عثورها على نفق حفرته "حماس" تحت مدرسة في القطاع. وأجّج هذا الإعلان حجة إسرائيلية قديمة جرى إثباتها إبان عملية الجرف الصامد، عن استغلال مقصود من جانب حركة "حماس" للمواقع الإنسانية كأهداف عسكرية. واستغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذه الفرصة ليدعو اليوم في بداية جلسة الحكومة الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في استمرار وجود الوكالة المخصصة نشاطاتها لدعم عائلات قدامى اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم. 

•يعرف نتنياهو موقف إدارة ترامب السلبي حيال تمويل نشاطات الأمم المتحدة. وفي الأسبوع الماضي زارت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إسرائيل. ودعاها مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي إلى القيام بجولة على الحدود مع القطاع، حيث عرض لها الجنود نفقاً هجومياً حفرته "حماس" ويصل إلى أراضي إسرائيل. 

 

•إن مطالبة نتنياهو الحالية تُحرج وكالة الأونروا، وقد تسجل نقاطاً لإسرائيل في الحرب الدعائية في مواجهة الفلسطينيين، لكنها يجب ألا تحوّل النقاش عن الأمر الأساسي، وهو منع حرب أخرى لا لزوم لها في القطاع.

 

 

المزيد ضمن العدد 2630