من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد أن تفوز هيلاي كلينتون على دونالد ترامب، وتحتفل أميركا الديمقراطية بانتصارها على أميركا الجمهورية، وينتهي كابوس السنة الأخيرة، سيبقى لدى أوباما 70 يوماً في الحكم. وبارتياح لا بأس به سينظر شمالاً ويميناً ويسأل نفسه: ما الذي لم يفعله بعد؟ وماذا ستكون معركته الأخيرة وكلمته الأخيرة؟ وما هو العمل الذي يرغب في أن ينهي به ولاية رئاسية تاريخية.
•الموضوع الأول الذي سيناضل الرئيس من أجله هو تعيين مرشحه للمحكمة العليا. والموضوع الثاني سيكون إقرار اتفاق التجارة مع منطقة المحيط الهادئ. ولكن هل سيكون هناك موضوع ثالث يرغب الرئيس الأميركي الـ44 في دفعه قدماً؟ وهل سيكون هذا هو الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني؟
•إن المعضلة التي سيواجهها أوباما ستكون صعبة بصورة لا مثيل لها. فمن جهة ثمة شك في أن لديه الوقت الكافي وموارد سياسية كي يخوض ثلاث معارك مختلفة في آن معاً خلال وقت قصير بهذا المقدار. ليس من مصلحة رئيس سابق شاب للغاية (ما تزال أمامه عشرات السنوات الجيدة) الدخول في شجار جديد ومرهق مع الجالية اليهودية. أليست كل خطوة سيبادر إليها ستغضب الإسرائيليين وتثير حنق الفلسطينيين، وحنق نصف واشنطن من دون أن تؤدي إلى السلام؟ فلماذا يفعل هذا؟
•لكن من جهة أخرى هناك اعتبار آخر شديد الأهمية. فمن وجهة نظره، نجح أوباما في مجموعة من الموضوعات الأثيرة لديه، لكنه فشل تحديداً في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني. فهو لم ينجح في تجميد المستوطنات، ولم يتمكن من تحقيق مبادرة (هيلاري) كلينتون، وشاهد المسعى الطموح لوزير الخارجية جون كيري ينهار أمام عينيه. ثمانية أعوام كاملة مرت على رئيس نصير للسلام يتألم مع ألم الفلسطينيين ويقلق على مستقبل الإسرائيليين من دون أن تثمر إنجازاً حقيقياً. كيف يمكن لرئيس مثل أوباما يثق بنفسه ويتمتع حالياً بشعبية كبيرة جداً أن يترك وراءه مثل هذا الفشل المدوي؟
•وثمة اعتبار آخر مكمل. في سنة 2011 أنقذ الرئيس الأميركي وإدارته إسرائيل من تسونامي سياسي كان يهدد باجتياحها [الفيتو الأميركي في سنة 2011 ضد مشروع قرار دولي يطالب بإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية]. وعلى الرغم من عداوته الشخصية والأيديولوجية مع رئيس الحكومة شمّر أوباما عن ساعديه وخاض في غمار الأمواج العاتية وحولها إلى أمواج لطيفة وخفيفة. فهل قالت حكومة الليكود شكراً؟ كل ما فعله اليمين الإسرائيلي هو الاستفادة من الإنجاز الذي منحه إياه الرئيس الديمقراطي - الليبرالي كي يدفع قدماً بجدول أعمال غير ديمقراطي وغير ليبرالي، وهلّل القوميون قائلين لا توجد مشكلة دولية، وبناء على ذلك يمكننا مواصلة بناء عمونه وما وراء وراء عمونه. وبذلك يمكننا تأبيد الاحتلال وقمع الشعب الذي نحتله والمضي قدماً. وبالإمكان أن نبصق في البئر الأميركي الذي نشرب منه، وتشجيع قيم تتعارض بصورة مطلقة مع قيم أميركا الأساسية.
•يدركون في البيت الأبيض أن عدم القيام بشيء لا يؤدي إلى تثبيت الوضع القائم بل إلى المزيد من التدهور. وإذا اتضح في نهاية الـ70 يوماً أن اليمين تحدى أميركا وتصارع معها ووصل إلى شاطئ الأمان، فإن التوجهات القومية ستقوى أكثر فأكثر. وإذا استطاع بنيامين نتنياهو الوقوف في 20 كانون الثاني/يناير أمام ناخبيه والتباهي بأنه انتصر على رئيس الولايات المتحدة، فإنه سيكون مثل قيصر. والدعم الذي حصل عليه المستوطنون من خلال إبعاد تسونامي 2011 سيكون بمثابة لا شيء بالمقارنة مع الدعم الذي سيمنحه لهم الانتصار على إدارة أوباما.
•أمام الرئيس [أوباما] أربعة احتمالات معروفة: عدم القيام بشيء، إلقاء خطاب الإرث، تمرير قرار في مجلس الأمن في موضوع المستوطنات، تمرير قرار في مجلس الأمن بشأن موضوع الخطة الشاملة لحل الدولتين. لا أحد يعرف أي طريق سيختار أوباما. وثمة شك في أنه هو بنفسه يعرف ماذا سيقرر. لكن حالياً وبعد أن اتضحت هوية الرئيس المقبل، فإن السؤال الذي يبقى مطروحاً هو: ماذا سيكون الإرث الشرق أوسطي للرئيس المنتهية ولايته؟.