•أحدثت الانتخابات الرئاسية في أميركا مناخاً من الفوضى السياسية العارمة. فالمرشحان لا يحظيان بإعجاب الناخبين، ويعلن الكثير من المواطنين أنهم لا ينوون المشاركة في الاقتراع. ويجد الناخبون اليهود أنفسهم في دوامة. وبذريعة عدم الانحياز إلى أحد الحزبين، كثير من زعماء اليهود لم يُسمع صوتهم عندما شهّر أوباما بإسرائيل، لكن لا يبدو أنهم لا يضبطون أنفسهم حيال كل ما يتعلق بمهاجمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
•إيباك هي التي عبّدت الطريق عندما تعاملت مع مسألة عدم الانحياز إلى أحد الحزبين بصفتها هدفاً بدلاً من كونها وسيلة للدفع قدماً بالدعاية من أجل إسرائيل. وتجلى ذلك عندما لم تميز المنظمة بين أعضاء الكونغرس الذين أيدوا الصفقة مع إيران والذين عارضوها - وهي بذلك تحولت إلى نمر من ورق. ومثل أغلبية اليهود، فإن الجزء الأكبر من مؤيدي إيباك هم ديمقراطيون ويؤيدون الحزب، والعناصر المعادية لإسرائيل في صفوفهم آخذة في الازدياد. وبدلاً من تشجيع أعضاء إيباك على الوقوف ضد المساعي الرامية إلى أبعاد الحزب [الديمقراطي] عن إسرائيل وفي ذروة النقاش بشأن الموضوع الإيراني، قال مدير إيباك هاورد كور إن المنظمة وأوباما لديهما الأهداف عينها، وإن بينهما "فوارق في الاستراتيجيا" فقط. وبذلك عززت المنظمة حالة إنكار الحقيقة السياسية السائدة بين أغلبية النواب. كما طالبت إيباك أيضاً بكبح "البيان الجمهوري" الذي دعم إسرائيل بقوة، بحجة أنه يشدد على الفوارق بين الأحزاب إزاء إسرائيل.
•وما زاد الوضع حدة تحول أعضاء بارزين في القيادة اليهودية الأميركية إلى مشاركين رسمياً في حملة كلينتون الانتخابية. ووضع كهذا يمكن أن يلحق ضرراً كبيراً في النفوذ السياسي اليهودي في المستقبل، عندما يشعر الديموقراطيون بأنهم يضمنون دعم اليهود لهم ويتجاهلون مخاوف هؤلاء تجاه إسرائيل. وإذا انتخبت كلينتون فسيكون لها جمهور متزايد ومعادٍ لإسرائيل، ونائب رئيس [تيموتي كاين] يحظى بإعجاب منظمة جي- ستريت [اللوبي اليهودي المنافس لإيباك والمؤيد لتسوية سلمية للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وحل الدولتين].
•ومن جهة أخرى، لا يزال كثيرون غير واثقين من موقف ترامب حيال إسرائيل، وهناك من يعتقد أنه عدواني، فظ الطباع، ولا يناسب منصب الرئيس. لكن اتهامه بالعداء للسامية فضيحة. صحيح أنه كان عليه أن يدين ديفيد ديوك [نائب سابق عن ولاية لويزيانا ومن المعادين للسامية] ومنظمة كلو - كلوس كلاين- [المعادية للسود] فور إعلانهما تأييدهما له. لكن هل اتهمت المنظمات اليهودية من التيار المركزي أوباما بالعداء للسامية بسبب إصغائه لعظات القس جريميا رايت [المعارض لليهود] طوال عقدين من الزمن؟ وهل أدانوا تبادل القبلات بين هيلاري كلينتون وسهى عرفات بعد أن قيل لها إن الإسرائيليين يسمّمون الآبار؟
•يجب على الزعماء اليهود المسؤولين التوحّد وبلورة استراتيجيا تضمن بقاء الجمهور اليهودي الرسمي حيادياً حيال جميع الموضوعات التي ليس لها علاقة خاصة بإسرائيل. كما يتعين على إيباك وعلى أطراف يهودية أخرى اعلان أنهم سيميزون بين الأصدقاء الحقيقيين والذين ليسوا مستعدين للوقوف إلى جانب إسرائيل عند الحاجة. يقف الزعماء اليهود على حافة الهاوية، فهم لو فشلوا اليوم فإن ذلك يمكن أن يتحول إلى منعطف أساسي على طريق اضمحلال النفوذ اليهودي في أميركا.