التحرش الجديد لليبرمان: وجد من يتخاصم معه
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG

•يقول المثل: "لا تكن صادقاً كن حكيماً". ومن أي زاوية تقريباً نظرنا إلى هجوم وزارة الدفاع على إدارة أوباما، يمكن تأكيد أن الهجوم لم يكن حكيماً أبداً.

•في نهاية الأسبوع ادعى أوباما أنه "حتى وزارة الدفاع الإسرائيلية تعتقد أن الاتفاق مع إيران حسّن الوضع الأمني في الشرق الأوسط". ورداً على كلام أوباما أصدرت وزارة الدفاع يوم الجمعة بياناً جاء فيه "تعتقد وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الاتفاقات قيمة فقط إذا كانت تستند إلى واقع قائم على الأرض، وليست لها قيمة إذا كانت الحقائق على الأرض مخالفة تماماً لتلك التي يستند إليها الاتفاق. إن اتفاقات ميونيخ لم تمنع الحرب العالمية الثانية والمحرقة، لأن الافتراض الأساسي الذي استندت إليه والقائل بأن ألمانيا النازية يمكن أن تكون شريكة في أي اتفاق كان خطأ، ولأن زعماء العالم آنذاك تجاهلوا التصريحات الواضحة لهتلر ولسائر زعماء ألمانيا النازية. وينطبق هذا أيضاً على إيران التي تصرح بوضوح وعلانية بأن هدفها هو تدمير دولة إسرائيل" بحسب ما ورد في بيان وزارة الدفاع الإسرائيلية.

•من يعرف إجراءات التحدث بلسان وزارة الدفاع وأسلوب وزير الدفاع ليبرمان، لا يمكن أن يختلط عليه الأمر، إذ ليس هناك أدنى شك في أن وزير الدفاع الجديد هو الذي يقف وراء البيان ، فاللغة هي لغته والأسلوب أسلوبه. ولأسباب يحتفظ بها لنفسه استخدم ليبرمان من ينطق بلسان وزارة الدفاع وليس الناطق الشخصي بلسانه، لكن من الواضح أن البيان صادر عنه، وإذا لم يكن كذلك فهو يحظى بمباركته. وإذا لم يكن صادراً عنه أو يحظى بمباركته وصدر من دون علمه، فمعنى ذلك أن ليبرمان لا يسيطر على الوزارة التي يديرها - وهذه بحد ذاتها أخبار سيئة.

•لم يسبق للناطقين بلسان وزارة الدفاع قط أن تطرقوا إلى موضوعات تتعلق بالسياسة الخارجية. فهم يعلنون تعيينات أو بيانات، وليس خطوات استراتيجية. من هنا، فإذا كان ليبرمان يحاول الاختباء وراء ناطق بلسان وزارة الدفاع، فيمكن القول إن المحاولة قد فشلت.

•لكن خطوة ليبرمان فشلت أيضاً لأسباب أكثر أهمية بكثير. أولاً؛ وفقاً لكلام رئيس الأركان أيزنكوت قبل بضعة أشهر، يوجد في الاتفاق مع إيران مزايا ليست قليلة. وهذا يعني أن أوباما استند إلى موقف علني لقيادة الجيش الإسرائيلي. من المحتمل أن يكون ليبرمان غير موافق على ذلك ويفضّل لو أن أيزنكوت لم يقل ما قاله، لكنه تأخر كثيراً، وما قيل لا يمكن إستعادته.

•ثانياً؛ ما هي الفائدة من إعادة إحياء المواجهة مع الأميركيين؟ في السنة الماضية حدث جدل قاس ومرير وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه، وإسرائيل والولايات المتحدة ليستا معنيتين بجولة معارك ثانية. فما هو الهدف من هذا البيان؟

•ثالثاً؛ الأسلوب. لنفترض أنه من أجل المجتمع الدولي ومن أجل التاريخ، من المهم أن يوضح ليبرمان أن إسرائيل ما تزال ضد الاتفاق - وهذا موقف مشروع. لكن هناك طريقة للتعبير عن ذلك بلغة أكثر تهذيباً ولطفاً. لا شك في أنه بالاتفاق مع إيران تصالح أوباما مع المعتدي، وأجّل زمن  الوصول إلى القنبلة. وعلى الرغم من ذلك، فعندما يكون من يتكلم هو وزير الدفاع الإسرائيلي الذي يختلف في رأيه مع رئيس الولايات المتحدة، فيجب أن يكون أسلوب الكلام أكثر انضباطاً.

•وهذا يوصلنا الى النقطة الرابعة وهي نفاد صبر ليبرمان. يدل بيان يوم الجمعة على أن محاولة ليبرمان ادعاء الصبر الطويل باءت بالفشل الذريع، الأمر الذي يطرح شكوكاً كبيرة حول أدائه كمسؤول عن الأمن. 

•وكما ذكرنا، سواء كان ليبرمان أصدر البيان الحاد نتيجة الغضب أو بعد تفكير متأنّ، فإن النتيجة مقلقة. من المفترض بوزير دفاع إسرائيل أن يقود بلاده في معارك مع أعدائها وليس مع أصدقائها. ومن الغريب والمخيف أن تكون من بين خطواته الأولى تحدي أهم أصدقاء لنا في العالم، هذا بغض النظر  عن أنه يتعين على وزير الدفاع أكثر من أي وزير آخر، تعزيز العلاقات مع واشنطن.

•النقطة الخامسة وربما الأهم من جميع النقاط، تتعلق برغبة إسرائيل في إنجاز اتفاق المساعدة من الولايات المتحدة للعقد القادم. لكن ليبرمان في بيانه يوم الجمعة ركل الدلو قبل لحظة من إنجاز الصفقة، وهو فعل ذلك على الرغم من أنه ليس وزيراً للخارجية. وثمة شك في أن تصريحاته تدخل في نطاق صلاحياته. أين التفكير السليم وأين برودة الأعصاب عندما نكون بحاجة إليهما؟ 

 

•إذا كان أوباما لن يدفّع إسرائيل ثمن هذا البيان، فإن هذا يعود إلى أنه ومنذ زمن طويل، يتسامح مع أخطاء زعمائنا.

 

 

المزيد ضمن العدد 2428