•اليوم يكون قد مرّ عام على الاتفاق النووي مع إيران، ويبدو أنه لن يجري الاحتفال بهذه المناسبة. في الولايات المتحدة الإدارة الأميركية مقتنعة بالاتفاق لكنه يثير انتقادات واسعة – خاصة في الحزب الجمهوري، ومن جانب خبراء كثر. وفي إسرائيل والسعودية الرأي السائد هو أن الاتفاق سيئ برغم احتوائه على بنود ايجابية، لأنه لا يضمن أن إيران لن تصل إلى سلاح نووي.
•في نظر الإدارة الأميركية، الاتفاق سيختبر مع تطورات المشروع النووي. في هذه الأثناء تلتزم إيران بشروط الاتفاق، وقد نفذت المطلوب منها بتقليص برنامج تخصيب اليوارنيوم، وإحداث تغيير جوهري في مفاعل المياه الثقيلة، وتشديد الرقابة على المنشآت. وهذا السلوك كان متوقعاً. والرأي السائد أن إيران لن تسارع إلى خرق الاتفاق، لأن خرقاً كبيراً له سيؤدي إلى عودة العقوبات. والمشكلة ستبرز بعد مرور 15 عاماً عندما سيسمح لإيران وفقاً للاتفاق بتطوير برنامج كبير لتخصيب اليوارنيوم من دون قيود، وحتى تخصيب يورانيوم من نوعية عسكرية. لقد اعترف الرئيس أوباما أنه في مثل هذا الوضع فإن زمن القفزة نحو السلاح النووي من لحظة اتخاذ القرار سيكون صفراً. وهذا لا يمنع احتمال أن تحاول إيران القفز نحو سلاح نووي قبل رفع القيود.
•ما تزال إدارة أوباما تريد الاقتناع بأن الاتفاق انجاز تاريخي- سواء بتقليصه للخطر النووي الإيراني أم بتشجيع القوات المعتدلة في إيران. لكن الإيرانيين لا يساعدونها في ذلك، إذ تواصل إيران علناً تطوير برامج للصواريخ هي الأكبر في الشرق الأوسط، وتخرق قرار مجلس الأمن. وتواصل أجهزة الاستخبارات الأميركية تعريف إيران على انها الدولة الأكثر تورطاً في الارهاب من خلال الاستعانة بحزب الله وبتنظيمات أخرى. وإيران متورطة بعمق في الحرب الأهلية في سورية وفي صراع القوى في العراق بخلاف مصالح الولايات المتحدة الأميركية. كما أن الجناح الراديكالي في النظام برئاسة الزعيم خامنئي والحرس الثوري، هو الذي يسيطر على إيران ويعمل على منع ازدياد قوة القوى الأكثر اعتدالاً فيها. وهو الذي يمنع بدء حوار بين إيران والإدارة الأميركية ويعمل على حصره بالمسألة النووية. وفي هذه الأثناء توطد إيران علاقاتها مع روسيا- عبر تنسيق التورط في القتال في سورية، وعبر اتصالات تتعلق بصفقات كبيرة للسلاح، ومن أجل الاستعانة بروسيا لتطوير بنية تحتية نووية مدنية.
•لكن إيران لا تحتفل. فالسبب الأساسي الذي دفع إيران إلى الاتفاق هو الحاجة الملحة إلى التخلص من العقوبات الاقتصادية كمفتاح للتخفيف من الضائقة الاقتصادية. بالفعل، أدى رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي إلى تسهيلات مهمة: زيادة استخراج النفط وتصديره، توقيع اتفاقات مع شركات أجنبية من أجل بدء عملها، زيادة الاستثمارات الأجنبية في إيران إلى أكثر من 3 مليارات دولار، المصارف الإيرانية وسعت نشاطها الدولي، شراء إيران نحو 230 طائرة ركاب- لكن هذا لا يكفي، إذ توقعت إيران أن تكون الحصيلة الاقتصادية أسرع وأكثر أهمية- وهذا الأمر لم يحدث.
•هناك عدة أسباب لذلك: جزء من الضائقة الاقتصادية ليس سببه العقوبات بل تخلف النظام الاقتصادي الإيراني والسياسات الاقتصادية الفاشلة والفاسدة. ومن أجل الانخراط من جديد في النظام العالمي فإن إيران مطالبة بتنفيذ تغييرات في جهازيها المالي والمصرفي وفي قطاع الأعمال لجعلها تتلاءم مع المعايير الغربية. وهذا لم يحدث حتى الآن، لأنه في اطار الاتفاق هناك بعض العقوبات- تلك المتعلقة بمنظومة الصواريخ، ومساعدة الارهاب وخرق حقوق الإنسان- لم تُرفع.
•بالنسبة لإسرائيل لا توجد أخبار جيدة. صحيح أن التهديد النووي تأجل لبضعة سنوات، وذلك على افتراض أن إيران ستلتزم بالاتفاق، لكنه سيعود إلى جدول الأعمال بخطورة أكبر عندما سترفع القيود عن البرنامج النووي الإيراني. وفي هذه الأثناء ثمة حقيقة خطرة هي قبول الولايات المتحدة استمرار برنامج الصواريخ الإيرانية وقبولها استمرار إيران في بناء منظومة حزب الله الصاروخية وتجديد دعمها لحركة "حماس"، وكذلك حقيقة استعداد روسيا لتوقيع صفقة سلاح كبيرة مع ايران، وهذا منعه أيضاً مجلس الأمن حتى سنة 2020.