من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•حرب لبنان الثانية كانت حرباً كثيرة الإخفاقات. ونظراً إلى أن المجلس الوزاري المصغر عمل بإهمال والجيش عمل بصورة متعثرة، نجح تنظيم لادولتي محنك في تحقيق التعادل مع دولة ذات قدرات تكنولوجية عالية، ومن المفترض أنها دولة عظمى إقليمية. لكن الحرب حققت إنجازاً: أجلت حرب لبنان الثالثة أكثر من عشر سنوات. وليست الحرب وحدها من فعل ذلك، فخلال خمس سنوات امتنع الحزب عن اطلاق النار لأن أسياده الإيرانيين أمروه بالمحافظة على قدراته حتى صدور الأوامر. وخلال خمس سنوات أخرى فعل ذلك لأنه غرق في وحل الحرب السورية الدموية. وبذلك فإن حدثين استراتيجيين لا علاقة بهما بإسرائيل أديا إلى استقرار حدود لبنان والمحافظة على الهدوء في الجليل.
•لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن الضرر الذي ألحقته إسرائيل بلبنان وبتنظيمه الشيعي القيادي في صيف 2006 أدى إلى كيّ وعي أعدائها، وأن نتائج هذه الحرب اللعينة كانت أقل سوءاً مما بدت عليه فور انتهائها.
•لكن حتى لو تأخرت حرب لبنان الثالثة- وهي ستتأخر- فإنها واقعة لا محالة. فبعد انهيار الجيش السوري، وتبدد الجيش العراقي وتحول الجيش المصري إلى صديق، فإن حزب الله اليوم العنصر التقليدي الوحيد الذي يهدد بصورة كبيرة إسرائيل. ونظراً الى أن حرب لبنان الثانية لم تحدث كما يجب أن تحدث، فإن هذا التهديد تعاظم بصورة حادة في العقد الأخير. وكل سنة هدوء على حدود الشمال كانت سنة لتعاظم القوة ما وراء الحدود الشمالية. والحزب الذي كان تنظيماً ارهابياً تحول إلى جيش نظامي من الحجم المتوسط. وعشرات الآلاف من مقاتليه (جزء منهم تصلّب عوده وتحسّنت قدراته في سورية) وعشرات الآلاف من صواريخه يمكن أن تضرب فجأة الجمهور المدني في إسرائيل الذي تحول إلى جمهور مرتاح نعسان ومطمئن.
•لا يستطيع حزب الله التغلب على الجيش الإسرائيلي (الذي تعاظمت قوته هو أيضاً منذ 2006)، لكن في المواجهة المقبلة يستطيع التنظيم عرقلة وتيرة الحياة في جميع أنحاء البلد، والمس بالبنية التحتية الوطنية، وضرب الاقتصاد والتسبب بصدمة عميقة. فهل إسرائيل مستعدة لذلك؟
•لقد قام الجيش الإسرائيلي بواجبه، فرؤساء الأركان الذي جاؤوا بعد دان حالوتس [رئيس أركان الجيش خلال حرب تموز/يوليو 2006] استوعبوا إخفاق الماضي واستخلصوا العبر وجهّزوا رداً أفضل على التهديد الشمالي. ليس حزب الله وحده هو الذي سيفاجئ إسرائيل في المستقبل، فإسرائيل أيضاً ستفاجئ حزب الله. والمستوى السياسي يعمل بصورة صحيحة لتعزيز الردع والحؤول دون تصعيد لا لزوم له. في السنوات الأخيرة جرى التعامل بحكمة مع عدد من الأوضاع والتحديات من خلال إظهار صلابة حكيمة ومنضبطة.
•إن الإنجاز الأكبر هو ذلك الذي حققته الصناعات الأمنية التي غيرت المعادلة في مواجهة اطلاق الصواريخ ووفّرت لنا "القبة الحديدية" و"العصا السحرية". لكن هل منظومات الدفاع الإسرائيلية ممولة كما ينبغي؟ وهل يخصصون لها الموارد التي تتيح لها التوسع والتحديث والدفاع عن سمائنا؟ ليس من المستبعد أن يضلل الهدوء المستمر متخذي القرارات وأن يؤدي إلى تهاونهم بصورة خطيرة.
•بيد أن المشكلة الأساسية هي مشكلة داخلية. إن أحد أكثر الصراعات أهمية يحتدم بين من يحملون لواء القضايا المدنية - الاجتماعية ومن يحملون لواء القضايا الأمنية - القومية. لكن هناك علاقة وثيقة بين الجهتين، فمن دون مجتمع قوي لا يوجد أمن قومي، ومن دون منظومة اجتماعية قوية ليست هناك قوة عسكرية. لقد اختبرنا ذلك عندما غادر مئات الآلاف منازلهم في حرب لبنان الثانية، وكيف أدى عجز السلطة إلى شعور الناس بالتخلي عنهم.
•حرب لبنان الثالثة سواء نشبت هذه السنة أم بعد عشر سنوات، فإنها ستضعنا أمام اختبار شديد الخطورة. لكن الاستعداد لمواجهة الخطر الخارجي الوحيد الذي يتربص بنا (إلى أن تصبح إيران نووية)، يجب أن يكون قبل كل شيء داخلياً. إن سنوات الهدوء التي منحت لنا كان يجب استغلالها من أجل توحيد المجتمع المنقسم، وإصلاح نظام حكم متدهور.