حرب الغرب ضد تنظيم داعش أحد أسباب تحسن علاقات إسرائيل بالعالم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إعلان الشاباك يوم الإثنين كشف أسرار الهجوم على مجمع سارونا في تل أبيب، الذي أدى إلى مقتل أربعة مواطنين إسرائيليين في 8 حزيران/يونيو، يؤكد التقدير الصادر عن أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية مساء يوم الهجوم. فالمخربان اللذان أطلقا النار في مقهى عملا بإيحاء من تنظيم داعش (الدولة الإسلامية).

•لم يكن هذان خلية منظمة تنتمي إلى داعش وتتلقى الأوامر من عاصمة الخلافة التي أقامها التنظيم في مدينة الرقة شرقي سورية. لكن اتضح أن أحد المخربَين كان من المؤيدين للتنظيم خلال دراسته في الأردن، وأن الإثنين قررا القيام بالهجوم تضامناً مع داعش، والتقطا صورة لهما على خلفية علم التنظيم قبل خروجهما لتنفيذ الهجوم. نحن أمام "دافع محلي" (في هذه الحالة، وضعت الخطة في الأساس للانتقام لمقتل أبناء عائلة الدوابشة في تموز/يوليو الماضي) قد تضافر مع ايديولوجيا داعش. وقد برز تفسير مشابه أيضاً لدى وقوع الهجوم الكبير في تل أبيب في كانون الثاني/يناير هذا العام، عندما قتل ملحم نشأت، مجرم عربي إسرائيلي، ثلاثة مواطنين بإطلاق النار عليهم في مركز المدينة. يومها ذُكر أيضاً أن ملحم مر بفترة تطرف راديكالي بإيحاء من مواقع الإنترنت التابعة للتنظيم.

•من المحتمل أن هذه مؤشرات أولى على ظاهرة "الذئاب الوحيدة" المعروفة في دول كثيرة، أو خلايا صغيرة من الشبان المسلمين المتطرفين الذين يخططون وينفذون هجمات تنسجم مع روحية داعش أو مع التعليمات العامة التي ينشرها التنظيم في الإنترنت، من دون علاقة فعلية بقيادة تابعة له أو بنشطاء محليين. في الوقت عينه، يستخدم داعش خلايا منظمة تعتمد على قدامى المحاربين في حربه في سورية أو على أعضاء أكثر تدريباً هم أعضاء تنظيمات محلية يدينون بالولاء لقيادة داعش ويتلقون منها التمويل والتوجيهات التفصيلية. 

[.......]

•لإسرائيل دور مهم في الحرب التي يخوضها الغرب ضد داعش، لكن معظمه يجري من وراء الكواليس. وبالاستناد إلى مصادر استخباراتية غربية، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية أكثر من أي دولة أخرى في تزويد حلفائها بمعلومات استخباراتية وفهم متبصّر لها. وهذه المساهمة تعرفها جيداً الدول المجاورة وتحظى بالتقدير الملائم. ويمكن الافتراض أن هذا هو أحد أسباب تحسن علاقات هذه الدول بإسرائيل خلال فترة حكومة نتنياهو على الرغم من الخلاف المتعلق بالمشكلة الفلسطينية.

•بالنسبة إلى المناطق [المحتلة]، يتركز الجهد الإسرائيلي هناك على مطاردة خلية مطلقي النار التي قتلت ميخائيل مارك في جنوب الخليل، بالإضافة إلى محاولة كبح موجة عمليات تقليد بعد الهجمات الأخيرة في الخليل. وتبدو هذه الخلية أكثر تنظيماً بقليل، وليس من المستعبد أن تكون نشطت كجزء من تنظيم ارهابي إسلامي. إن المطاردة الواسعة من شأنها أن تقرب القبض على الخلية، لكن من المحتمل أيضاً أن يدفع ذلك أفرادها إلى محاولة القيام بهجوم اضافي أو المبادرة إلى الاشتباك مع قوات الأمن قبل القاء القبض عليهم. الطوق الأمني الذي يفرضه الجيش بتوجيهات المستوى السياسي ورداً على انتقادات اليمين والمستوطنين لا يفرض بصورة صارمة. وإذا لم تقع سلسة هجمات من المعقول أن تتلاشى التعليمات تدريجياً، بينما تواصل المؤسسة الأمنية القيام بخطوات استعراضية أخرى مثل هدم منازل المخربين، بالإضافة إلى تجدد اهتمام الحكومة بخطط البناء في المستوطنات.

•إن الفوارق في وجهات النظر بين الحكومة والمستوى العسكري، خاصة في مسألة العقاب الجماعي للفلسطينيين في الخليل ستزداد حدة إذا ما طالت سلسة الهجمات. وهناك خطر أساسي آخر مؤجج للتصعيد يتعلق بالصراع الداخلي – الفلسطيني الدائر حول وراثة محمود عباس (أبو مازن). فسيطرة عباس على الأرض تزداد ضعفاً، وهذا يؤكده النقاش المكثف في الضفة الدائر حول المرشحين للحلول محله، وأيضاً التصريحات المتشددة الصادرة عن كبار مسؤولي فتح دعماً للهجمات. وكلما تزعزعت مكانة الرئيس الفلسطيني كلما ضعف التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة، التي ينسب إليه الجيش الإسرائيلي جزءا كبيراً من النجاح في كبح الارهاب، إلى أن تفاقم من جديد.

•وبينما يتبارى نتنياهو مع وزرائه في التصريحات الحادة التي تدين ارهاب الأفراد ولامبالاة قيادة السلطة في الضفة، فإنه يبدو أيضاً أكثر استعداداً لفحص تقديم تسهيلات وتغييرات في قطاع غزة.  في الفترة الأخيرة جرت نقاشات في مجلس الأمن القومي وفي الجيش وفي مكتب منسق الأنشطة في المناطق [المحتلة] حول ظروف الحياة المخيفة في القطاع وتدهور البنية التحتية المدنية هناك. وتاريخ الهدف هو 2020، أي السنة التي وفقا ًلتقارير دولية مختلفة من المتوقع حدوث كارثة انسانية في غزة، التي تعاني من نقص في مياه الشرب ومن مشكلات التزود بالكهرباء وخدمات الصرف الصحي، بالإضافة إلى معدل البطالة المرتفع (نحو 38%) والقيود الخطيرة على الخروج من القطاع من طريق إسرائيل ومصر.

•لقد طرحت المشكلة مجدداً في النقاش في المجلس الوزاري المصغر لدى اقرار اتفاق المصالحة مع تركيا الأسبوع الماضي. ويبدو أن الأمل بأن تساعد تركيا قليلاً- بالأمس وصلت الشحنة الأولى من البضائع من تركيا إلى مرفأ أشدود- كان له دور في الاعتبارات التي دفعت رئيس الحكومة إلى توقيع الاتفاق. قبل أشهر كبح نتنياهو ووزير الدفاع السابق موشيه يعلون التصويت في المجلس الوزاري المصغر على اقتراح وزير المواصلات يسرائيل كاتس إقامة مرفأ على جزيرة اصطناعية مقابل شواطئ غزة. وكاتس الذي يحظى بدعم مبدئي من الجيش للفكرة، بادر إلى طلب مناقشة المسألة من جديد.  من الصعب معرفة كيف سينتهي هذا، لكن في مواجهة التوقعات المتشائمة بشأن الوضع في القطاع، من المحتمل أن يبدي وزراء آخرون انفتاحاً أكبر على الفكرة.