•زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لأفريقيا مهمة جداً. فهي تنهي فترة طويلة امتنع خلالها رؤساء حكومة إسرائيليين من زيارة أفريقيا. في الثمانينيات زار يتسحاق شامير الكاميرون، وفي الستينيات زار ليفي أشكول ست دول في القارة.
•الزيارة هي استمرار للتوجّه المرحب به للإدارة الإسرائيلية الحالية من أجل تحسين مكانة إسرائيل الجيو-استراتيجية، وتوسيع علاقات القدس السياسية والأمنية مع مجتمعات جديدة بالإضافة إلى حلفائها التقليديين في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية. وانسجاماً مع هذه الاستراتيجية جرى تحسين العلاقات مع الهند والصين، وأقيمت علاقات عمل ممتازة مع روسيا ودول أخرى في آسيا الوسطى، كما أقيم مثلث مصالح وثيق مع قبرص واليونان، وطورت علاقات عمل جيدة مع القاهرة، والأردن، ودول عربية أخرى، وفي الفترة الأخيرة ذُلّلت الصعوبات مع تركيا بعد توقيع اتفاق المصالحة مع أنقرة.
•بدأ تدخل إسرائيل في أفريقيا في الخمسينيات من القرن الماضي. وتطورت علاقاتها مع دول القارة وتركزت في العقود الأولى من إقامة دولة إسرائيل في مجال تطوير الزراعات المحلية وإدارة قطاع المياه، وكذلك في تطوير خطط وبناء البنى التحتية.
•في مطلع القرن الحادي والعشرين تحتاج القدس إلى تعميق وترسيخ علاقاتها بدول القارة الأفريقية كوسيلة من أجل تحسين مكانتها في العالم. والمصلحة الإسرائيلية في أفريقيا ثلاثية الأبعاد، في طليعتها البعد الأخلاقي. يقطن أفريقيا أكثر من مليار نسمة، ويعيش أغلبيتهم في ظروف مخيفة ومع مستوى حياة متدن. وإسرائيل بصفتها دولة عظمى في مجال التكنولوجيا المتقدمة وتملك قدرات إدارية متقدمة يتعين عليها مساعدة أفريقيا المنكوبة والضعيفة من أجل التقدم نحو مستقبل أفضل، مع "التصرف بتواضع" والأخذ في الحسبان الحاجات الاقتصادية والثقافية الخاصة للسكان المحليين.
•إن العامل الاقتصادي مهم أيضاً ويمكنه أن يساعد إسرائيل والدول الأفريقية في آن معاً. حالياً هناك تجارة واسعة النطاق مع دول كثيرة، وتشمل دعماً إسرائيلياً من أجل تعزيز منظومة "الأمن الداخلي" في عدد من دول القارة، كما تشمل تعاوناً استخباراتياً من أجل إحباط تسلل تنظيمات إرهابية. لكن يتعين على إسرائيل أن تتجاوز دائرة التجارة الأمنية التي تميز فيها نشاطها في القارة. فزيادة التجارة المدنية مع دول أفريقيا وكذلك استغلال مشترك للموارد الطبيعية سيؤديان إلى رفاه السكان المحليين وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي.
•إن زيادة الدول الأفريقية دعمها الدبلوماسي لإسرائيل هو عامل مهم جداً في تعزيز المكانة الجيو – استراتيجية لإسرائيل، لذا يجب أن يشكل هذا الهدف الأساسي لرئيس الحكومة في زيارته الحالية ومن بعدها. إن لـ 54 دولة في أفريقيا وزناً كبيراً في المنتديات الدولية المركزية. وكون ربع مقاعد الجمعية العامة في الأمم المتحدة يشغلها ممثلو الدول الأفريقية يزيد كثيراً من أهمية القارة في نظر إسرائيل. ويتعين على القدس بذل أقصى جهدها من أجل زيادة دعم الدول الأفريقية للمصلحة الإسرائيلية في الأمم المتحدة وكذلك في منتديات دولية أخرى.
•يعيد رئيس الحكومة نتنياهو في رحلته إلى أوغندا رسم مسار الرحلة التي قام بها مقاتلو الجيش الإسرائيلي في عملية انقاذ الرهائن المخطوفين في عِنيبي. لقد ضحى شقيقه يونتان بحياته في هذه العملية، قبل أربعين عاماً، وهي تعتبر إحدى أشجع عمليات الكوماندوس التي قام بها جيش في العالم. هذه العملية البطولية عززت أمن إسرائيل القومي عبر زيادة قوتها على الردع ومن خلال مد "ذراع إسرائيل الطويلة" نحو أماكن بعيدة خيالية لم تكن مشاهدة من قبل. وستثبت الأيام ما إذا كانت رحلة الأخ الأصغر بنيامين ستحسن هي أيضاً مكانة إسرائيل الاستراتيجية في الساحة الدولية الطافحة بالتحديات.