•كي نفهم الأزمة الجديدة- القديمة بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الاتفاق الجديد حول المساعدة العسكرية، يتعين علينا الدخول إلى رأس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وهذه مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة.
•من غير الواضح ماذا يريد نتنياهو تحقيقه من خلال رفضه المضي قدماً بالمفاوضات مع الإدارة الأميركية. وسلوكه في هذه القضية وضعه على مسار تصادمي ليس فقط مع الرئيس الأميركي باراك أوباما فحسب، بل وأيضاً مع كل القيادة الأمنية في إسرائيل التي انضم إليها في الفترة الأخيرة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. لا تقول هذه القيادة ذلك بوضوح، وبالتأكيد ليس علناً، لكنها في الغرف المغلقة تعبر عن استغرابها من تصرفه.
•ينتهي مفعول اتفاق المساعدة بين الدولتين في نهاية هذه السنة. ووفقاً لهذا الاتفاق حصلت إسرائيل في العقد الأخير على نحو 31 مليار دولار. وزيادة على ذلك حصلت في السنوات الماضية على مساعدة اضافية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، لاستثمارها في برامج البحث والتطوير لمنظومات الدفاع ضد الصواريخ: القبة الحديدية، والعصا السحرية، و[صاروخ] حيتس. باختصار، كانت إدارة أوباما أكثر سخاء من كل الإدارات الأميركية في مساعدتها لأمن إسرائيل وفي الدفاع عنها.
•قبيل انتهاء سريان مفعول الاتفاق العسكري وعلى خلفية الاتفاق النووي مع إيران، اقترحت الولايات المتحدة على إسرائيل البدء بمفاوضات على اتفاق جديد ومحسَّن. لكن نتنياهو الذي كان في ذروة معارضته للاتفاق النووي وصديقاً للحزب الجمهوري، رفض ذلك. وحدث هذا التصرف برغم امتعاض مستشاريه الأمنيين وبينهم وزير الدفاع السابق موشيه يعلون وقيادة الجيش، وحتى رئيس مجلس الأمن القومي آنذاك يوسي كوهين، رئيس الموساد حالياً. وهكذا ضاعت أشهر ثمينة.
•بعدها تعقل رئيس الحكومة وصار مستعداً للبحث في رزمة مساعدة عسكرية جديدة، لكنه طالب بمبالغ كبيرة بصورة مبالغ فيها. رفضت إدارة أوباما الطلب، لكنها كانت مستعدة لزيادة المساعدة من 3.1 إلى 3.5 مليارات دولار سنوياً (لمدة عشر سنوات). لكن نتنياهو اعتبر أنه قد أُهين ورفض الاقتراح.
•لاحقاً وبعد أن تعقل مجدداً، طلب إدخال الزيادة المخصصة لمواصلة تطوير منظومة إسرائيل للدفاع الجوي في الاتفاق. وهذه المرة جاء دور الإدارة كي تشعر بالإهانة، وتنتقم من خلال رفض إدخال الزيادة في الاتفاق.
•وبدأ نتنياهو ويده اليمنى سفير إسرائيل في واشنطن رون درومر بالتحرك، فقاما بتجنيد إيباك، اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن، الذي نجح في إقناع أعضاء من الكونغرس بفكرة المبادرة إلى خطوة تقضي بتثبيت الزيادة المتعلقة بالخطط الدفاعية ضد الصواريخ بقانون [صادر عن الكونغرس]. لكن الإدارة وقفت ضد ذلك، وردّت بأنها تعارض إدخال زيادة على ميزانية الاتفاق الأساسي للمساعدة.
•إن رئيس الحكومة يلعب بالنار على حساب مصالح دولة إسرائيل. إدارة أوباما السخية مستعدة لزيادة المساعدة على الرغم من استيائها الكبير من نتنياهو ومن صراعه ضد الاتفاق النووي مع إيران. ونتنياهو الذي يمثل دولة هي أشبه بشحاذ، لا يجوز أن يرفض المساعدة والتصرف كأنه يملك الملايين.
•في هذه الأثناء الوقت يمر وهو لا يعمل لصالح إسرائيل، فالإدارة المقبلة لن تكون أكثر سخاء. وإذا انتُخب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فمن المحتمل أن يقلص المساعدة الخارجية. أما إذا انتُخبت هيلاري كلينتون، فهي ستمنح إسرائيل ما اقترحه أوباما. وإسرائيل لن تحصل على أكثر من ذلك.