•إن السؤال الأساسي الذي يشغل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ إعلان الهجوم في قلب إسطنبول هو: هل كان المخرب الانتحاري يقصد هدفاً إسرائيلياً؛ أم أن مجموعة السياح الإسرائيليين كانت هدفاً عشوائياً؟ وحتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو صرّح بأن المسـألة قيد الفحص.
•في ضوء ذلك، يمكن افتراض أنه فور وقوع الهجوم انطلقت إلى إسطنبول جهات لها علاقة بالتحقيق، ستحاول فحص ما القصد من وراء الهجوم، وهل توجد نوايا للقيام بهجمات أخرى ضد إسرائيليين، وذلك بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات التركية ودول أخرى، وبصورة مستقلة أيضاً.
•وقبل أن يدخل التحقيق مرحلة متقدمة، هناك حقيقة أساسية هي: وجود أطراف لديها مصلحة في مهاجمة مجموعة السياح الإسرائيليين.
•المشبوه المباشر هو تحديداً تنظيم حزب الله، الذي نفذ في الماضي هجمات انتحارية ضد سياح إسرائيليين، على سبيل المثال في بورغاس في بلغاريا. وللحزب حسابات مفتوحة مع إسرائيل من وجهة نظره، تشمل الوعد بالانتقام لاغتيال سمير القنطار في نهاية سنة 2015، الذي في أعقابه قام الحزب بهجوم على الحدود لم يوقع اصابات داخل الجيش الإسرائيلي. لكن ما نُشر عن هوية المخرب، صاباز يلديز، مواطن تركي من منطقة مدينة أضنة [وبالاستناد إلى وزير الداخلية التركي منفذ الهجوم هو محمد أوزتورك من مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا] يسلط الأضواء على تنظيم داعش الذي ينتمي إليه المخرب.
•وفي الواقع، ثمة مصلحة لتنظيم داعش في مهاجمة هدف إسرائيلي. فقد نُشر على الإنترنت خلال الأشهر الأخيرة عدد غير قليل من الأشرطة هدد فيها داعش بمهاجمة إسرائيل، وكي يحافظ التنظيم على صدقيته يحرص أعضاؤه قدر استطاعتهم على الوفاء بوعودهم. وفي ضوء ذلك ليس من المستبعد أن يكون ما جرى هجوم أراد تنظيم داعش من خلاله أن يحقق هدفاً مزدوجاً: مهاجمة إسرائيليين وتوجيه ضربة مؤلمة جديدة إلى السياحة التركية وإلى هيبة الرئيس رجب طيب أردوغان.
•وهذا أسلوب معروف لدى داعش: ضرب عصفورين بحجر واحد. قبل بضعة أسابيع فقط قُتل في تركيا عشرات الأشخاص في هجوم موجه في آن واحد ضد الدولة التركية وضد عدوها الكردي المكروه بحد ذاته.
•ومع ذلك، فإن ما نشر عن وصول تحذير مسبق إلى القنصلية الألمانية القريبة من مكان الهجوم بشأن هجوم متوقع، يثير تساؤلات بشأن ما إذا كان الهجوم فعلاً موجهاً سلفاً ضد هدف إسرائيلي من جانب قيادة داعش. وثمة احتمالات أخرى: مثلاً، أن المخرب لم يكن على علم مسبق بوجود سياح إسرائيليين، لكنه اختار تفجير نفسه بالقرب منهم بعد أن سمعهم يتحدثون بالعبرية فيما بينهم.
•وماذا بشأن الأكراد الذين قاموا بتفجير سيارة مفخخة في وسط أنقرة قبل أيام؟ يبدو أنه ليس لهم أي علاقة بتفجير إسطنبول.
•وسوف نرى أن الظروف الكاملة المتعلقة بالهجوم ستتضح بسرعة على الرغم من الكم الهائل من الشكوك الموجودة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والتركية في السنوات الأخيرة. يوم الجمعة الماضي قال نائب رئيس الأركان في خطاب ألقاه في جامعة بار إيلان إنه ما دام أرودغان في السلطة، فمن المتوقع أن تواجه إسرائيل مشكلات مع الجانب التركي. اليوم توجد مصلحة مشتركة للجانبين الإسرائيلي والتركي في التوصل إلى توضيح ملابسات الهجوم بأسرع وقت ممكن.
•في المقابل تتواصل الاتصالات الحارة بين وزارتي الخارجية في إسرائيل وتركيا بشأن مسألة التعاون في موضوع الطاقة. وسوف تستغل إسرائيل الهجوم من أجل تعزيز هذه القناة في العلاقة بين الدولتين، ولهذه الغاية قصد أنقرة مدير عام وزارة الخارجية دوري غولد.
•في هذه الأثناء، من المهم أن نعرف أن إسرائيل التي تواجه موجة هجمات أفراد على أراضيها، نجحت من خلال استخدام سياسة حكيمة في الحؤول دون انزلاق الحرب الأهلية في سورية إليها، وليس هذا حال تركيا حيث آلاف الكيلومترات من حدودها مكشوفة أمام تهريب السلاح والمخربين، سواء من العراق أو من الأراضي السورية. وفي جنوب تركيا على طول الحدود السورية، ثمة حكم ذاتي كردي يضم ملايين السكان آخذ في النشوء، وهذا يسبّب لأردوغان صداعاً كبيراً.
•في المدة الأخيرة بدأت عودة السياح الإسرائيليين إلى تركيا، لكن من دون شك ستشدد هيئة محاربة الإرهاب في ديوان رئيس الحكومة بعد الهجوم في إسطنبول تحذيراتها من السفر إلى هذه الدولة. والآن سيتعامل الجمهور مع هذا التحذير بجدية أكبر.