من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•هناك مثل معروف يقول إنه في كل أزمة هناك أيضاً فرصة، وهو ينطبق بصورة خاصة على الوضع في غزة ما بعد عملية "الجرف الصامد". لقد كان الهدف المعلن لـ"حماس" - من خلال المصالحة الفاشلة مع السلطة الفلسطينية عشية العملية وأيضاً خلال العملية - التخلص من طوق الخناق الاقتصادي المضروب حول قطاع غزة. لم تستطع الحركة تحقيق هذا الهدف وما تزال تتطلع إلى ذلك. وهذا هو جوهر الفرصة. فهي تكمن في رغبة "حماس" في خرق الحصار حول القطاع من جهة، ومن جهة ثانية في رغبة إسرائيل في التوصل إلى وقف للنار طويل الأمد وصولاً في النهاية إلى تجريد القطاع من السلاح.
•قبل نحو عام ونصف العام، مباشرة بعد "الجرف الصامد"، نشرت خطة سياسية بهذه الروحية تحت عنوان "غزة، الفرصة". فإلى جانب المصلحة الإسرائيلية في تجريد غزة من السلاح ومصلحة سكان غزة في الانفتاح على العالم، هناك أيضاً تضافر في المصالح الدولية والإقليمية لمصر والأردن والسعودية والإمارات والسلطة الفلسطينية من أجل تحقيق هذا الهدف. ونظراً إلى أن ما يجري الحديث عنه هو عملية طويلة تتضمن على الأقل أربع مراحل (اعتراف دولي بالعملية، تخطيط، وتنفيذ، وتفعيل) فمن المنتظر أن تستمر قرابة خمسة أعوام، ولا حاجة إلى الموافقة على جميع شروطها في بداية الطريق. وهكذا على سبيل المثال، ليس هناك ضرورة للانشغال حالياً بتفاصيل تفاصيل الترتيبات الأمنية التي سيجري تطبيقها في المرفأ والمطار اللذين سيفتتحان بعد أربع سنوات. في المرحلة الراهنة يكفي أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق، بحيث يجري الاتفاق على ترتيبات أمنية عشية تطبيقه، وإذا لم يتم الاتفاق فإن تطبيق هذه الترتيبات يؤجل.
•لقد ترددت بين عنوانين للخطة السياسية التي اقترحتها: "غزة، الفرصة" أو "غزة أولاً"، مثل عنوان مقال آرييه شافيط (12/2). وعلى عكس الرأي السائد، كنت شخصياً معه حتى عملية "الجرف الصامد"، بأن في الإمكان التوصل إلى حل ما مع الفلسطينيين بشأن يهودا والسامرة [الضفة الغربية] من دون قطاع غزة، فإنني بعد حرب صيف 2014 غيّرت رأيي: أي اتفاق سياسي لا يتضمن قطاع غزة مصيره الفشل. إن موجات العنف المتكررة والآخذة في الاتساع بين إسرائيل وحركة "حماس" في القطاع، لن تسمح لوقت طويل بالتوصل إلى أي تسوية مع الفلسطينيين في يهودا والسامرة.
•بناء على ذلك، فإن الأمر الصحيح من الناحية السياسية هو أن نفعل العكس تماماً- غزة أولاً. يجب أن نمسك الثور من قرنيه، وألا نخاف من البطاطا الساخنة التي اسمها قطاع غزة. يجب السعي تحديداً إلى حل - وعدم ترك القطاع إلى الآخر. إن نجاح مثل هذه الخطوة ولو جزئياً يمكن أن يقنع مواطني إسرائيل والفلسطينيين أيضاً، بأنه من الممكن التوصل إلى حلول أكثر شمولاً أيضاً في يهودا والسامرة.
•إن الاعتراف بمعقولية ومبرر وضرورة عملية سياسية في قطاع غزة تهدف في المدى البعيد إلى تجريد القطاع من السلاح مقابل مرفأ ومطار، يزداد حتى داخل الحكومة نفسها. فقد نشر وزير المواصلات يسرائيل كاتس قبل عام ونصف العام خطة لـ"جزيرة - فصل" تعتمد على إقامة جزيرة مقابل شواطئ القطاع، يكون فيها مرفأ ومطار. كذلك دعا وزير الزراعة أوري أريئيل في الفترة الأخيرة لإقامة مرفأ في القطاع بعد أن أدرك على ما يبدو أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمواجهة "حماس" والأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
•شيئاً فشيئاً ينتشر الإدراك بأن عملية سياسية حقيقية بيننا وبين الفلسطينيين لا يمكن أن تبدأ وتنتهي باتفاق سلام شامل، ويجري الحديث عن عملية انفصال ستستمر بضعة أعوام. قبل بضعة أشهر نشرت خطة سياسية محدّثة بعنوان "الانفصال" شملت قطاع غزة أيضاً، ومن دواعي سروري أن حزب العمل تبناها. وحتى الجهات الأميركية التي على علاقة بموضوعات الشرق الأوسط التي التقيتها في واشنطن كي أعرض عليها الخطة، كانت منفتحة عليها من خلال فهمها بأن مثل هذه العملية سيؤدي في نهاية الأمر إلى حل الدولتين ومفاوضات من أجل تطبيقه.
•بعد ثلاث سنوات عرضت خلالها هذا المنحى في التفكير، يبدو أن كثيرين في إسرائيل وحالياً في الولايات المتحدة أيضاً اقتنعوا بأن نموذج مفاوضات بين الطرفين لإنهاء النزاع قد أفلس، ويجب التفكير بطريقة مختلفة. وللأسف فهمت في أعقاب محادثات مكثفة أجريتها في واشنطن بشأن "غزة أولاً" أو "غزة، الفرصة" - لا يهم ماذا نسميها - بأن الخطة لم تلق تفهماً، لا لدى الأميركيين ولا لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهذا الأخير يواصل وبعيون مفتوحة قيادتنا جميعاً من عملية [عسكرية] إلى أخرى، يفصل بينهما هدوء وهمي، وندفع نحن الثمن من دماء شعبنا. من الصعب أن نتساهل تجاه هذا الجبن الذي يقودنا إلى حافة الهاوية.