القطاع العربي ليس هو وحده دولة داخل دولة فهناك أيضاً قطاعا المستوطنين والحريديم
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•قبل بضع سنوات دخلت إلى ملحمة في مدينة سخنين. وإذا لم أكن على خطأ، فقد رويت هذه القصة هنا أو على صفحات أخرى في هذه الصحيفة. لم يكن هدفي شراء اللحم أو السمك. وتبين لي أن صاحب الملحمة محاور بارع فتشعب الحديث وطال. في لحظة معينة انتبهت إلى أن الرجل يتحدث عن قطاع  مقابل قطاع: القطاع العربي يفعل كذا وكذا، والقطاع اليهودي يفعل كذا وكذا. قاطعته قائلاً: "لحظة، نحن لسنا قطاعاً، نحن الأكثرية". رد علي بلطف: "إذا كنا قطاعاً، فأنتم أيضاً قطاع". في تلك اللحظة انتبهت إلى أن مصطلح "قطاع" يمكن أن يكون مهيناً. فقطاع هو جزء من كل، هو شيء يمكن قمعه وتجاهله وربما أيضاً رميه عندما نريد. ومصطلح قطاع يستدرج السخرية في برامج النقد الساخر. وهو يستدعي السخرية ليس فقط عندما  يكون المقصود العرب، بل وأيضاً عندما يكون المقصود الحريديم والمستوطنين. قطاع يعني أقلية.

•عندما زار نتنياهو شارع ديزنغوف في تل أبيب غداة الهجوم الذي وقع هناك، ألقى خطاباً اتهم فيه العرب في إسرائيل بأنهم  يشكلون "دولة داخل دولة". كلمة دولة هي مصطلح محترم أكثر من قطاع،  لكن ليس الاحترام هو الذي قصده الخطيب، فقد أراد توجيه الانتباه إلى واقع قائم، واقع كئيب لا يطاق، وازداد خطورة خلال فترة توليه رئاسة الحكومة. لقد بحث عن مذنبين وعثر عليهم في مليون ونصف مليون عربي.

•القطاع العربي ليس هو القطاع الوحيد الذي يشكل دولة داخل دولة، فهناك أيضاً قطاع المستوطنين الذي، بمعنى من المعاني، يتصرف كدولة داخل دولة، هذا من دون التطرق إلى القطاع الحريدي. فكل قطاع له تطلعاته نحو استقلالات ذاتية، وله سيئاته وخروجه عن القانون. إن المسؤول عن التقصيرات في فرض القانون على القطاعات المختلفة هو قبل كل شيء الحكومة، هذه هي سياستها وتلك هي رغبتها.

•إن الكميات الهائلة من السلاح غير الشرعي ومن المخالفات غير القانونية في القطاع العربي هي نموذج جيد: لو لم تخترالشرطة تجاهل الظاهرة طوال سنوات لما كانت موجودة وعلى رؤوس الأشهاد. ليس من السهل الاعتراف بذلك، لكن ثمة جزءاً كبيراً من الصدق في شكوى أعضاء الكنيست العرب عندما يقولون: عندما قتل عرب عرباً بسلاح غير شرعي تجاهلتم الأمر، فلماذا تثورون الآن عندما قتل عربي اثنين من اليهود بسلاح شرعي؟  

•يتحدث أحد البنود في قرار الحكومة المتعلق بخطة تطوير بلدات الأقليات عن تخصيص 750 مليون شيكل خلال خمسة أعوام من أجل اقامة مراكز للشرطة في القطاع. أفترض أنهم سينفذون هذا البند، وستكون هذه المساهمة المتواضعة التي قدمها نشأت ملحم للأمن الشخصي لمواطني إسرائيل اليهود والعرب. لكن السؤال بشأن ماذا سيحل بالبنود الأخرى ما يزال مفتوحاً. هناك طرفان في القدس يلتزمان بهذه البنود فعلاً: رئيس الدولة روبي ريفلين، والمعنيون بالأمر في شعبة الميزانية في وزارة المال.

•بالأمس أقرت الحكومة خطة خماسية أخرى بقيمة ملياري شيكل من أجل تطوير البلدات الدرزية والشركسية. البيان الاحتفالي الذي أصدرته الحكومة عزا الفضل لرئيس الحكومة، لكنه لم يوضح العلاقة بين خطة وأخرى (قالت لي الناطقة بلسان وزارة المال أمس إن هذه خطة قديمة أقرت سابقاً). لا علاقة بين الخطتين. ما زلت لا أفهم، إذا كانت هذه خطة قديمة فما هو سبب الاحتفال؟ وإذا كانت جديدة، فلماذا نخصص ميزانيتين للهدف عينه وللقطاع عينه، وللمدة الزمنية عينها؟

•باختصار، إن مواجهة تخلي الدولة عن مسؤوليتها نحو قطاعات معينة يتطلب تفكيراً أكثر جدية بكثير، ومالاً كثيراً وفي الأساس نية حسنة. العرب في إسرائيل لم يتمتعوا حتى اليوم بنوايا وافرة حسنة من جانب حكومات إسرائيل، وبالتأكيد ليس من جانب الحكومة الحالية، فهم لم يكونوا على جدول الأعمال.

 

•إن موجة الارهاب الحالية تدفع باليهود نحو اليمين. ويتلاشى التمييز بين فلسطيني من سكان الضفة وعربي من مواطني إسرائيل. وفي مقابلة مع القناة الثانية قالت سيدة محترمة من رامات أفيف من دون أي شعور بعدم الارتياح: "هو مواطن، لكنه عربي" [تقصد مرتكب الهجوم في تل أبيب]. تركب الحكومة هذه الموجة وتزيد في شدتها. وهي تعتقد مثل هذه السيدة، أن العربي شيء والمواطن شيء آخر.

 

 

المزيد ضمن العدد 2288