الاستقرار في اختبار موجة الإرهاب
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•في الوقت الذي تستمر فيه موجة الإرهاب في شوارع إسرائيل من دون توقف، يتواصل جدل الخبراء ما إذا كان يجب تسمية هذه الموجة انتفاضة او هبة محدودة أو محلية. كما يختلفون بشأن الزمن الذي من المتوقع أن يستمر فيه ارهاب الطعن ومحاولات الدهس- هل سيستمر أشهراً معدودة أو أكثر من ذلك؟

•على ما يبدو يوجد في الشارع الفلسطيني من يستيقظ في الصباح وإذا ما سنحت له فرصة  سيحاول طعن أو دهس يهود. لكن يجب الاعتراف أن ما يجري ليس ثورة شعبية مثل تلك التي شهدناها في موجات إرهاب سابقة خلال الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات، ولا مثل الانتفاضة الثانية التي جرت في مطلع الألفين. وما يجري ليس مقاومة شعبية واسعة النطاق تخرج الجماهير خلالها إلى الشوارع للاشتباك مع الجنود الإسرائيليين. كما أنه ليس هناك تنظيم وخلايا إرهابية قادرة على تنفيذ هجمات إرهابية وعمليات انتحارية داخل إسرائيل. 

•صحيح أن المهاجمين الأفراد الذين يحاولون الهجوم على الجنود والمواطنين الإسرائيليين يحظون بدعم الشارع الفلسطيني الذي يسارع إلى التماهي معهم، لكن في الحقيقة عدد الفلسطينيين المستعدين للانضمام إلى موجة الإرهاب قليل. ومن الواضح رغبة الشارع الفلسطيني في الحؤول دون تحول العنف إلى سيل جارف سيكون الفلسطينيون أول من يغرق فيه.

•وحقيقة أن ما يجري هو هجمات يقوم بها أفراد وليس تنظيمات واسعة النطاق يعود بالدرجة الأولى إلى فعالية الجهاز الأمني الإسرائيلي الموجود على الأرض والقادر على اكتشاف أية محاولة مهمة قد تقوم بها "حماس" أو منظمات إرهابية  أخرى ومنعها من التجذّر. كما يعمل هذا الجهاز على احباط اقامة بنية تحتية مثل تلك الموجودة في غزة، والتي تعتبر ضرورية كضرورة الهواء للتنفس من أجل القيام بعمليات معقدة توقع اصابات كثيرة.

•وفي الواقع فإن سبب عدم انجرار الشارع الفلسطيني في أغلبيته الساحقة وراء المهاجمين رغم دعمه التلقائي لهم يعود إلى تفضيله استمرار الهدوء والاستقرار اللذين يسمح بهما الوضع الحالي في الضفة الغربية. لهذا تدعو المؤسة الأمنية ووزير الدفاع موشيه يعلون إلى التعامل بحزم مع المهاجمين، لكن السماح للسكان الفلسطينيين مواصلة حياتهم العادية. 

•لا يحب الفلسطينيون الوجود الإسرائيلي في يهودا والسامرة[الضفة الغربية]، لكنهم ينظرون إلى ما يجري من حولهم في العالم العربي، ويريدون أن يستمر الهدوء الذي يتمتعون به في ظل الوجود الإسرائيلي الذين يكرهونه. وفي النهاية، ورغم استمرار موجة السكاكين فإن المجتمع الفلسطيني في الضفة يعيش حياته اليومية، ووضعه جيد بالمقارنة مع وضع أغلبية المجتمعات العربية من حوله.

•في سورية لم يعد هناك سوريون تقريباً وتحولت الدولة منذ وقت طويل إلى ركام من الأنقاض. ولحسن الحظ لا يمكن اتهام إسرائيل بالدمار السوري. إن المسؤولين عن هذا الوضع هم الذين يتباهون بمساعدة الفلسطينيين- نظام بشار الأسد، وإيران وحزب الله من جهة، وأطراف إسلامية راديكالية من الجهة الأخرى. هؤلاء هم الذين قتلوا أبناء سورية وحولوا الملايين منهم إلى لاجئين. إن عدد السوريين الذين قتلوا في الحرب الأهلية في سورية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة يفوق عشرات المرات عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال مائة عام من النزاع مع إسرائيل.

•لكن سورية هي أحد الأمثلة، يمكننا أيضاً أن نذكر اليمن وليبيا والعراق. وحتى دول مستقرة نسبياً مثل لبنان ومصر اللتين تعرضتا لهجمات ارهابية أدت في الأسابيع الأخيرة إلى سقوط عدد من القتلى المصريين واللبنانيين يفوق عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال السنة الأخيرة.

•في ظل الفوضى العارمة التي فرضت نفسها على المحيط العربي، يدرك الفلسطينيون قيمة الاستقرار الذي يتمعتون به، الاستقرار الاقتصادي والأمني أيضاً. وليس من مصلحتهم المس بهذا الاستقرار. ففي النهاية، بالإمكان ألا يحبوا الوجود الإسرائيلي في المناطق، العسكري والمدني، لكن أي انسان عاقل يستطيع أن يرى ما هو البديل، وإلى أين يسير العالم العربي المحيط بنا.

 

•سيواصل المهاجمون الأفراد المفعمين بالكراهية والتطرف هجماتهم، مثلما يحاول نظراؤهم في العالم العربي من حولنا وكذلك في أوروبا. لكن الحقيقة هي أن هؤلاء الأفراد لم ينجحوا في أن يجروا وراءهم السكان كلهم إلى مواجهة مع إسرائيل.

 

 

المزيد ضمن العدد 2280