العرب في إسرائيل بدأوا يندمجون شيئاً فشيئاً في المجتمع الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•احتلت التظاهرة التي قام بها سكان العفولة من اليهود الأسبوع الماضي احتجاجاً على حصول 43 عربياً على إذن ببناء وحدات سكنية في المدينة، مكاناً مركزياً في عناوين الصحف التي صدرت في اليوم التالي. لكن الأخبار الحقيقية، وهي أخبار جيدة، وهي أن المواطنين العرب يرغبون في السكن في العفولة التي هي مدينة يهودية.

•وهذا دليل جديد على اندماج المواطنين العرب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي في إسرائيل. والعفولة هي فقط النموذج الأخير لهذا التوجه. نحو 20% من سكان الناصرة العليا التي من المفترض أن تكون مدينة "يهودية"، هم عرب انتقلوا إليها من الناصرة ومن القرى المجاورة. ويسكن عرب من أصحاب المهن الحرة في تل أبيب، وفي أجزاء "يهودية" أو "مختلطة" من القدس، وفي الكرمل في حيفا.

•هذا الوضع لا يسرّ الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية، كما لا يرضي يهوداً مصابين بكراهية الآخر، لكن الدلائل التي تثبت أن مواطني إسرائيل من العرب بدأوا يشعرون بأنهم في موطنهم في الدولة هي علامات تبشر بالخير.

•بعد مرور 66 عاماً على حرب الحياة والموت التي خاضها هنا اليهود والعرب، يجد المواطنون العرب مكانهم في المجتمع الديموقراطي الإسرائيلي ويحسّـنون وضعهم الاقتصادي. ثمة أطباء ومحامون ومحاسبون وآخرون كثيرون يستفيدون من المؤسسات التعليمية في إسرائيل والفرص التي يتيحها الاقتصاد الإسرائيلي الحر. ومن دون أن يقولوا ذلك، فإنهم عندما يشاهدون وضع العرب من حولهم في العراق وسورية مثلاً، ووضع الفلسطينيين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وغزة، يشعرون بأنهم محظوظون لكونهم يعيشون في إسرائيل.

•إلا إنه، ما يزال هناك مجال كبير للتحسين، فبالإضافة إلى تمتع العرب في إسرائيل بالمساواة أمام القانون، فإنهم بحاجة إلى المساواة الكاملة في الفرص. ونحن نتقدم في هذا الاتجاه برغم أن أي حكومة لم تعط أولوية عليا لدمج المواطنين العرب في إسرائيل في المجتمع والاقتصاد.

•يعرف العديد من المواطنين العرب أنه إلى جانب المساواة في الحقوق يجب أن تكون هناك أيضاً مساواة في الواجبات. والعنصر الأهم في هذه الواجبات هو الدفاع عن الدولة. هناك المزيد من الشباب من المسيحيين يتطوعون في الجيش، وتعتبر الكتيبة البدوية المكونة من متطوعين بدو وحدة ممتازة. وبرغم معارضة أعضاء كنيست من القائمة العربية المشتركة، فإن عدد المتطوعين من العرب في مجال الخدمة الوطنية يزداد سنة بعد أخرى. وليس بعيداً اليوم الذي سيصبح فيه كل مواطني إسرائيل، يهوداً حريديم وعلمانيين، ودروزاً، وشركساً، وعرباً مسيحيين ومسلمين، شركاء في الدفاع عن إسرائيل في وجه أعدائها.

•يوجد الكثير مما يجب أن نقوم به لتحسين وضع العرب، وثمة حاجة بصورة خاصة لإعطاء اهتمام خاص للسكان البدو في النقب. لكن الذين بحاجة أكثر من غيرهم إلى مساعدة هم سكان القدس الشرقية. فقد ضُمت أحياؤهم داخل حدود إسرائيل قبل 48 عاماً، ولكن  منذ ذلك  الحين إلى الآن أُهموا تماماً. ومن هنا ليس مستغرباً أن يكون بعض سكان القدس متورطين في عمليات قتل قاموا بها ضد يهود. وبرغم أنهم من سكان إسرائيل ويتمتعون بحقوق المواطنية الإسرائيلية، إلا أن أحياءهم تعاني الاهمال سواء من الدولة  أو من البلدية.

 

•إن موجة العنف الأخيرة في القدس هي بمثابة تحذير لكل طرف رفض الاعتراف بتأثيرات الاهمال البعيدة الأمد. يتعين علينا الآن تخصيص الميزانيات من أجل الاستثمار في البنى التحتية لهذه الأحياء في اطار خطة  يجب أن تحظى بالدعم الاقتصادي من اليمين واليسار، كل لأسبابه الخاصة. إن مثل هذه الخطة ستعمل على تخفيف مشاعر عدم الانتماء لدى سكان القدس الشرقية من العرب، كما جرى التعبير عنها في عمليات العنف الأخيرة. وهذه مهمة جديرة بالاهتمام ويجب أن تتجاوز الانقسامات بين المعسكرات السياسية.