كل أكاذيب الغاز (حلقة خامسة)
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•شيلي يحيموفيتش [المعسكر الصهيوني] مبتهجة: "إنها صفعة، مصر لا تحتاج إلى غاز من إسرائيل". وعضو الكنيست ميخال روزين عن حزب ميرتس في قمة السعادة تقول: "ينبغي وقف اتفاق الغاز". وكذلك في هيئة [البرنامج الحواري في القناة العاشرة] الصراع على الغاز، هناك فرح كبير عقب إعلان مصر تجميد مفاوضات استيراد الغاز من إسرائيل ما لم تتنازل شركة الكهرباء الإسرائيلية عن التعويض الصادر بموجب قرار تحكيم [دولي قضى بتغريم مصر مبلغ 1,76 مليار دولار تعويضاً عن] وقف تزويد الشركة بالغاز [بسبب التفجيرات التي استهدفت خط الأنابيب في سيناء] في العام 2011.

حتى قبل لحظة، كان جميع هؤلاء الفرحون حالياً يزعمون أنه لا تجري أي مفاوضات مع مصر وأن كل شيء كذبة. وهم الآن سعداء لتوقف المفاوضات التي لم تكن موجودة أصلاً، حسب قولهم. والحقيقة أن الأمر يتعلق بضربة قاسية من المفترض أن تقلق كل من يحب الدولة ويريد الخير لها. لكن كل من يتمنى لها الشر مبتهج، مثل القول المأثور المنسوب للينين: "كلما ساءت الأمور كان هذا أفضل". 

•وسوف نسرد هنا الكذبة رقم (11): "لا توجد مشكلة غاز. الغاز يتدفق من حقل "تمار"، ولذلك لا ضرورة لتطوير حقل "لفيتان". وبالفعل يتدفق الغاز من "تمار"، لكن سُجل هذا العام نقص إبان أيام ذروة الطلب على الكهرباء. وهذا حدث لأن المنظومة الحالية غير قادرة على نقل كميات كافية من الغاز. أضف إلى ذلك أن هناك حالياً 2000 مصنع ومستشفى ومؤسسة يريدون وقوداً زهيد الثمن، لكن كمية الغاز المتوفرة لا تكفي الجميع. وهناك مصانع غير مستعدة للقيام بالاستثمارات الكبيرة التي يلزمها تحويل مولدات الطاقة العاملة على السولار [المازوت] للعمل على الغاز، إذا لم يضمنوا لها تزويداً منتظماً بالغاز لسنوات عديدة. وعلى سبيل المثال، منشأة غاز الأمونيا [التابعة لمصنع "حيفا كيميكاليم"] في منطقة خليج حيفا، لا يمكن نقلها إلى النقب ما لم يُضمن لها اتفاق غاز ملزم. وتبعاً لذلك من الأهمية بمكان أن يعطى ضوء أخضر الآن وفوراً لتطوير حقل "لفيتان".

•الكذبة رقم (12): "أذعنت الحكومة لمطالب ملوك الغاز ولم تلزمهم بمد خط أنابيب إضافي من تحت سطح البحر لنقل الغاز من "تمار" في الشمال إلى عسقلان في الجنوب. والعكس هو الصحيح. المسؤولون في وزارة الطاقة هم الذين قرروا أن الإسراع في تطوير حقل "لفيتان" ومد أنبوب غاز منه إلى شمال البلاد، أفضل من الاستثمار في خط أنابيب إضافي إلى الجنوب. وقالوا بحق إن هذا أفضل بكثير من ناحية وفرة [strategic redundancy] تزويد الغاز، وضمان أمن الطاقة ومستوى المخاطر، فإن خط أنابيب إضافياً إلى الجنوب لا يحل مشكلة الارتهان بمنظومة تزويد واحدة فقط. وكل عطل أو تخريب في هذه المنظومة يوقف تزويد الغاز لإسرائيل برمتها سواء لتوليد الطاقة الكهربائية أو للصناعة، في حين أنه في اللحظة التي يبدأ فيها تطوير حقل لفيتان سيتم إنشاء منصة تنقيب جديدة ومد خط أنابيب جديد إلى الشمال، وإقامة محطة جديدة لمعالجة الغاز بالقرب من الساحل. وبكلام آخر، ستكون لدينا منظومتان مستقلتان لتزويد الغاز، وهذا أفضل بكثير. 

•الكذبة رقم (13): "ممنوع تصدير حتى غرام واحد من الغاز. ينبغي المحافظة عليه كله للاستهلاك المحلي". إن من يقول هذا ينوي حقاً نسف تطوير "لفيتان" و"كريش-تنين" والتسبب بضرر هائل للاقتصاد والمجتمع. الجيد في اتفاق الغاز أنه يفرض على شركات الغاز حفر آبار جديدة في حقل امتياز "تمار" من أجل مضاعفة الإنتاج [ output]، وفي الوقت نفسه تطوير حقل "لفيتان". وفي الحالتين الكمية الأكبر من الغاز ستذهب للتصدير، والأقل ستخصص للاستهلاك المحلي. وبالتالي، من دون عقود تصدير موقعة فلا جدوى اقتصادية من الحقل. وتبعاً لذلك لن يقدم أي مصرف على إقراض المليارات المطلوبة للتطوير: مليارا دولار لتطوير حقل "تمار"، و6 مليارات دولار لتطوير حقل "لفيتان". ونهاية القول: مضطرون إلى أن نصدر.

وللتصدير مزايا أخرى، ففي اللحظة التي يبدأ فيها تصدير الغاز، سيضطر أصحاب حقوق امتيازات حقول الغاز إلى أن يخفضوا سعر الغاز المحلي إلى مستوى سعر غاز التصدير، وهذا أمر جيد للصناعة، والقطاع الفندقي، والمستشفيات، والنقل، وسائر استخدامات الغاز الجديدة. ولا يجب أن ننسى أن تصدير الغاز يؤمن عائدات بالعملة الصعبة وعشرات مليارات الشيكلات من إيرادات الضرائب. كما أن التصدير يعزز مكانتنا الاستراتيجية في مواجهة دول المنطقة التي سوف تشتري الغاز منا برغم كلّ شيء.

 

•ومن يعلم؟ قد تتفاقم حدة المواجهة بين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان إلى حد وقف تزويد تركيا بالغاز الروسي. وعندئذ فجأة، سيتذكرنا إردوغان. فهل هذا سيئ أيضاً يحيموفيتش وروزين؟