الفلسطينيون يعلمون أن لديهم ما يخسرونه
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•إن العمليات الفردية التي جرت أخيراً تطرح السؤال من جديد: هل نحن على عتبة انتفاضة ثالثة؟ والانتفاضة، للتذكير، هبّة وثورة شعبية. إن النقاش العام السطحي هو الذي يُطلق مع الأسف الشديد، هذه التسمية الخطأ على كل حادث عنف أو سلسلة من الأعمال الإرهابية.

•لقد شهدت إسرائيل، في الظاهر، انتفاضتين. الأولى كانت انتفاضة "بيضاء"، عصيان مدني حقيقي شمل أساساً رشق حجارة وزجاجات حارقة، لقيت تأييد جمهور مشاهدي الشاشة الصغيرة في جميع أنحاء العالم، وأملوا أن ينتصر داوود الفلسطيني على غوليات الإسرائيلي. 

•أما الانتفاضة الثانية التي هي "انتفاضة الأقصى" التي بدأت في العام 2000 واستمرت بضعة أعوام، فلا تستحق هذه التسمية على الإطلاق، إذ كانت بمثابة هجوم إرهابي وحشي بأبشع الأساليب مثل عمليات انتحارية وقتل جماعي. وهي تعتبر الخطأ الاستراتيجي الصعب للجيل الأخير من الفلسطينيين، إذ تبخر وتلاشى التأييد والدعم اللذان راكمهما الفلسطينيون في الحملة "البيضاء"، مع كل تفجير انتحاري في مقهى أو مجمع تجاري.

•عندما حصل ياسر عرفات على المليارات الأولى من الدول المانحة لإنشاء البنى التحتية الفلسطينية، امتنع عن إقامة مبان ومؤسسات ومصانع ومواقع استراتيجية. ودأب أبو عمار على قول: "المعركة لم تنته بعد. نحن نتوقع أن يتم هدم هذه البنى التحتية من قبل العدو الإسرائيلي في كل لحظة مواجهة معه". قال عرفات بكلمات منمقة، ما كان يدركه كل فلسطيني عادي: "إذا لم يكن للفلسطينيين ما يخسرونه، فسيكونون دائماً مستعدين للخروج إلى الشارع والمواجهة". هذه كانت أيديولوجيا عرفات.

•تميزت حقبة أبو مازن التي بدأت قبل عقد من الزمن بكونها خالفت كلياً هذا التوجه. كان أبو مازن يعتقد أنه "يمكن إجراء ثورة وتأسيس اقتصاد سليم في آن معاً". وفي عهده شهدت الضفة الغربية ازدهاراً. لكن لا ينبغي أن تختلط علينا الأمور، فمعدلات البطالة لا تزال مرتفعة، وفي أماكن معينة الوضع الاجتماعي - الاقتصادي صعب جداً. ولكن مقارنة بفترات سابقة، هناك تطورات جديدة تشهدها الضفة. إن "مدن التماس" مثل جنين وطولكرم وقلقيلية، أخذت تستعيد بالتدريج مكانتها الاقتصادية الراسخة بفضل العلاقات التجارية مع العرب في إسرائيل ومع قسم من الجمهور اليهودي. وفي المنطقة الصناعية التي أعيد ترميمها في جنين، يشتغلون فقط بصيانة السيارات الإسرائيلية تقريباً. والزبون الإسرائيلي يعود أيضاً إلى عيادات طب الأسنان في الضفة، مثلما كان يفعل بالضبط في سبعينيات القرن الماضي.

• كما أن رام الله وبيت لحم هما على خط اقتصادي صاعد. ومن يتجول في وسط المدينتين يشعر كأنه  سائح في الخارج، يستمتع بمطاعم الشيفات المهرة، وبماركات الأزياء العالمية المنتشرة. ويكفي النظر إلى مشروع الشقق الفخمة على مداخل رام الله، [مدينة] "الروابي"، كي نفهم طول المسيرة التي قطعها المجتمع الفلسطيني من أجل تحسين نوعية حياته.

•لماذا إذاً لا تندلع انتفاضة ثالثة؟ تسمع في الشارع الفلسطيني أسباب متعددة لذلك، بدءاً بـ"نضج السكان"، مروراً بالخشية من صعود حركة "حماس"، وانتهاء بخيار "الانتفاضة السياسية" داخل منظمات الأمم المتحدة. لكن السبب الحقيقي يكمن في أن الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية ينظرون جنوباً إلى قطاع غزة، وشمالاً إلى لبنان، وشرقاً إلى سوريا والعراق وحتى الأردن، وليسوا مشتاقين إلى خوض تجارب مشتركة. لدى الفلسطينيين الآن في الضفة الغربية الكثير ليخسروه.