على إسرائيل عدم توريط يهود أميركا في شأن الاتفاق مع إيران
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•بعد شهر، في 17 أيلول/سبتمبر، سيصوّت الكونغرس على اتفاق فيينا الموقع بين الدول الست الكبرى وإيران. وهذا هو الوقت الملائم لجردة حساب موقتة لما تحول إلى أقسى مواجهة علنية بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس الحكومة الإسرائيلية منذ قيام الدولة. الاثنان يتعاملان بتهذيب مع بعضهما البعض، لكن كل واحد منهما يتحرك ضد مشروع يعتبره الآخر مشروع حياته. فبالنسبة للرئيس أوباما الاتفاق هو أهم خطوة قام بها خلال مدة رئاسته. وبالنسبة لرئيس الحكومة نتنياهو فإن الاتفاق مع إيران ينهي موضوعاً مركزياً في نظره منذ سنوات طويلة، ألا وهو منع إيران من الحصول على قدرة نووية، وليس فقط منع القنبلة. ويدّعي الاثنان أن المعركة ليست شخصية، لكن كل من يراقب هذه المعركة من الخارج لا يستطيع أن يصفها سوى بأنها معركة شخصية.

 

•إن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وثيقة ومهمة خاصة على الصعيد الأمني، لكن العلاقات الشخصية بين الزعيمين عندما تكون عَكِرة بهذا المقدار لا يمكن وصفها بالحميمة. والدليل على ذلك أنه خلال الأشهر الأخيرة للمفاوضات بين الدول الكبرى وإيران لم تحصل إسرائيل على المعلومات المتعلقة بسير المفاوضات، وهي تقريباً لم تؤثر عليها. ربما نستطيع العيش من دون وجود علاقات حميمة على مستوى القيادة، لكن عند حصول أزمة وهناك حاجة إلى مطالب استثنائية، وعندما يكون رئيس الحكومة غير واثق من أن  هاتف البيت الأبيض سيرد عليه، فإن إسرائيل ستكون في ورطة.

•لقد بذلنا طوال سنوات جهوداً كبيرة من أجل ضمان دعم يهودي شامل لكل ما يتعلق بالمساعدة الأمنية لإسرائيل. لكن التحرك الإسرائيلي الحالي إزاء يهود أميركا تسبب بمشكلتين: الأولى خلاف شديد قد يتحول إلى شرخ بشأن ما إذا كان يجب دعم الموقف الإسرائيلي أو موقف الرئيس الذي يحظى بأغلبية كبيرة وسط اليهود. والمشكلة الثانية والأكثر حساسية وسط يهود أميركا، هي التخوف من تهمة الولاء المزدوج. فعندما نُذكّر يهود أميركا بموقف آبائهم حيال ما حدث في المحرقة النازية، وننتظر منهم أن يؤيدوا موقف حكومة إسرائيل في مواجهة موقف الإدارة الأميركية، فإننا نقول لهم عملياً بأن ولاءهم الأول يجب أن يكون لإسرائيل وليس لأميركا. وهذا آخر شيء هم مستعدون لسماعه منا.

•ثمة شيء آخر يتعلق بيهود أميركا، فبعد 67 سنة على الاستقلال نعود إليهم ونطلب منهم إنقاذنا كما لو أن إسرائيل لم تقم من أجل إنقاذ يهود العالم، وكما لو أننا لا نملك الأدوات الخاصة بنا، وكأننا لا سمح الله ما نزال في الوضع عينه الذي كان فيه اليشوف اليهودي في زمن المحرقة. يجب ألا تبدو إسرائيل في نظر إخوانها في أميركا ضعيفة وأن جوهر وجودها يعتمد عليهم.

•طوال الوقت كنا نعرف أن أكبر رصيد استراتيجي لإسرائيل هو معرفة العالم بمن في ذلك أعداؤنا معرفة أكيدة بالعلاقة الخاصة بيننا وبين أميركا. وفي بعض الأحيان كانت تصل إلينا طلبات مثيرة للشفقة من جهات مختلفة بينها جهات غربية، كانت تعتقد أننا نستطيع أن نطلب من أميركا أي شيء حتى من الأمور التي تتعلق بهم. من الصعب أن يكون العالم ما يزال يعتقد ذلك، ومن الصعب أن يكون هذا أيضاً حال إيباك.

•لقد كانت لي خلافات شخصية كثيرة مع إيباك، لكنني لم أعتقد مرة واحدة أن إسرائيل تستطيع التخلي عن هذه المنظمة المهمة التي تتمثل قوتها في قدرتها على التأثير في التصويت في الكونغرس. اليوم تجازف إسرائيل بمكانة إيباك في موضوع لن تستطيع النجاح فيه. فإذا لم يعارض ثلثا أعضاء مجلس الكونغرس الاتفاق، فإن الاتفاق سينفذ، وسيبرز ضعف إسرائيل وإيباك؛ أما إذا تأمن الثلثان وسقط الاتفاق، فإننا سنخسر اتفاقاً سيبعد إيران عشر سنوات على الأقل من القدرة على الاندفاع نحو سلاح نووي.

•إن الحجة التي تقول إن الاتفاق سيسمح لإيران بالحصول على مليارات الدولارات، وأنها تستطيع استخدام هذا المال من أجل تمويل تنظيمات إرهابية معادية لإسرائيل حجة قوية. لكن من يطرحها عليه أن يعارض أي اتفاق مع إيران حتى وإن كان "جيداً"، لأن أي اتفاق سيؤدي إلى تسوية مالية. 

•تطرح إسرائيل نفسها في الأسابيع الأخيرة كمعارضة لأي اتفاق مع إيران [مهما كان] وهي بذلك تعزل نفسها في العالم. وأسمع الآن شيئاً جديداً وهو أنه حتى لو أُقر الاتفاق، فإن إسرائيل بصدد العمل على إيجاد وضع بنية تحتية لإلغائه من خلال الرئيس [الأميركي] المقبل. يتعين علينا شطب هذا الخيار، لأنه كي يتمكن الرئيس المقبل من إلغاء اتفاق دراماتيكي إلى هذا الحد، فإنه سيحتاج إلى خرق إيراني واضح. وإذا لم يحدث ذلك، فالاتفاق لن يلغى. 

•بدلاً من استغلال الشهر المقبل في زيادة حدة المواجهة مع أهم صديق لنا في العالم وتوريط يهود أميركا، فمن الأفضل أن نحصل من الأميركيين على الوسائل الأمنية التي يقترحونها الآن، وأن نضمن أن تكون إسرائيل طرفاً يحرس عن كثب وبصورة مستقلة تطبيق الاتفاق من جهة إيران، وألا تسمح الولايات المتحدة لإيران بمواصلة تمويل الإرهاب من دون أن يكون لذلك صلة بالاتفاق.