•تحت غطاء الصدمة التي سادت إسرائيل بعد عملية الإحراق الإجرامية في قرية دوما، سمح المستشار القانوني يهودا فاينشتاين بإصدار أوامر بالاعتقال الإداري ضد فوضويين يمينيين متطرفين. ووقع يعلون ثلاثة توقيفات وثمة أخرى مثلها. إن هذا قرار صائب وصعب، لكنه ينطوي على تناقض داخلي هو استخدام وسيلة غير ديمقراطية من أجل الدفاع عن الديمقراطية. وكثيرون لم ينتبهوا إلى أهمية ذلك.
•على صعيد الدينامية النفسية، فإن هذا القرار يشبه أي عملية عسكرية تستمر طويلاً. فهي في البداية تحصل على مباركة إسرائيل كلها وكثيرين في العالم لأنها تشكل رداً على هجمات خطيرة على السيادة الإسرائيلية وحياة مواطنيها، لكن كلما تواصلت المعركة ضعف التأييد لها في الداخل والخارج، فالمثقفون في حركة ميريتس أيدوا عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، لكن ليس حتى نهايتها.
•وينطبق هذا على الاعتقالات الإدارية بحق المتطرفين اليهود، في البداية هناك تأييد جارف، لكن عندما يصطدم التحقيق بصعوبات وعوائق سوف تتدفق من أطراف المجتمع الإسرائيلي وبعد ذلك أيضاً من المركز المطالبات بوقف الخطوات القاسية، وسوف يؤدي تضافر اليمين واليسار والارهاب الفلسطيني المستمر، مثل الحادثة التي وقعت الأمس على طريق 443 [عملية طعن فلسطيني لمستوطن] إلى إضعاف مبرر هذه الخطوة. وإذا لم يتوصل الشاباك إلى نتائج مباشرة ونجاح فوري سيبدأ تآكل نسبي في التأييد العام للاعتقال الإداري.
•يمكن أن نضيف إلى ذلك سعي أطراف معادية للتحقيق (بحسب هوية المعتقلين) من أجل عرقلته. ماذا سيحدث لو بدأ مئير إيتنغر المعتقل منذ يوم أمس إدارياً إضراباً عن الطعام؟ هل سيتركونه يموت؟ أم يغذونه بالقوة مما يتعارض تماماً مع مواقف الأطباء الذين نسوا أن واجبهم الأول هو إنقاذ حياة الإنسان حتى لو قرر هذا الشخص وضع حد لها؟
•بعد أسبوع أو أسبوعين ستخضع السلطة إلى اختبار صعب. فهل ستخضع للضغط، سواء مع إضراب عن الطعام أو من دونه، وتتراجع عن أوامر الاعتقال الإداري؟ أم ستواصل استخدامها بصبر لوقت طويل؟
•لا أحد يعرف مسبقاً قدرة تحمل السلطة. مرغريت تاتشر تركت المضربين عن الطعام الإيرلنديين يموتون في السجن في إنكلترا، فهل إسرائيل قادرة على لذلك؟ وهل الفلسطينيون واليهود قادرون لذلك؟ الاختبار عند التنفيذ. في جميع الأحوال إذا اختارت إسرائيل السير على هذا الطريق الوعر وغير المحبب لتطبيق الاعتقال الإداري في حق مواطنيها المتطرفين، فإن عليها أن تمنح ذلك فرصة حقيقية.