نتنياهو يُسكت التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية المعارضة لموقفه من الاتفاق النووي؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في حرب نتنياهو – أوباما التي يديرها شخص واحد نزق ومتعسف يعرض للخطر ثمانية ملايين إسرائيلي، لا نسمع أصوات المسؤولين عن التقديرات الاستخباراتية: رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال هرتسي ليفي ورئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية العميد إيلي بن- ماير يصمتان صمتاً مطبقاً. وهما يعملان على طمس الأصوات التي تُسمع داخل الاستخبارات العسكرية والتي من الحيوي أن تصل إلى معرفة الدولة التي أقسموا على خدمتها هي وليس رئيس الحكومة. لقد تجرأ اللذان كانا قبلهما، أفيف كوخافي وإيتي بارون، على إظهار تقديراتهما. أما هما فلا يرغبان في التعرض إلى التكذيب والتسخيف العلنيين، ولا يريدان إغضاب بنيامين نتنياهو.

•فجأة وضعت على الرف "لازمة" لا تشرين الأول/أكتوبر 1973 مرة أخرى [تقصير أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الهجوم المصري في حرب سنة 1973]، ولا لأداء التحية مرة أخرى بصمت لرأس الهرم. والجميع يقفون صفاً واحداً مع اليمين، ويجمعون على إبقاء أفواههم صامتة وعلى كتم الأفكار المقلقة. 

•ونظراً إلى كون مصر هي السبب الأساسي لحرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973] ، فقد ترسخ توجه نحو قياس إنجازات الاستخبارات وإخفاقاتها وفقاً للمقياس المصري. لكن مشكلة التقدير ليست مرتبطة فقط بالساحة الإسرائيلية – المصرية، أو الإسرائيلية – العربية، فهي كانت وما تزال مشكلة إسرائيلية – عربية - ودول عظمى وقبل كل شيء مشكلة إسرائيلية –  أميركية. وعندما يخفي المستوى السياسي عن المكلفين بتقدير الوضع في الاستخبارات العسكرية معلومات مصيرية تتعلق بمحور القدس  -واشنطن، أو يتحول هو نفسه إلى مشكلة، فإن العملية تصير مشوهة.

•وما كان في الماضي ما هو موجود اليوم، والهيئات المكلفة بالتقديرات الاستراتيجية التي أقيمت في العقد الأخير (شعبة التخطيط في رئاسة الأركان وهيئة الأمن القومي) ضعيفة وصامتة. ونتنياهو اليوم المسؤول الأول عن الموساد وهو أيضاً وزير الخارجية الذي فرض على الوزارة رئيس طاقمها ومديراً عاماً لها. والمستويات المهنية في الموساد ووزارة الخارجية وكذلك في الشاباك، التي من المفترض أن تحدد تقديراتها تأثير النزاع الإسرائيلي -  الأميركي على حثّ الفلسطينيين نحو القيام بخطوات دبلوماسية أو عنيفة، لا ترفع صوتها جميعهم أشخاص مطيعون بمن فيهم رؤساء الاستخبارات العسكرية. لكن يتعين على هؤلاء ألا يكذبوا على أنفسهم، فالثمن الوطني غال جداً.

•يجري الحديث هنا عن، أو بالأحرى يجري طمس ثلاث مسائل: من هم مع الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران ومن هم ضده والميزان لصالح من؛ مصير العلاقات الإسرائيلية – الأميركية بعد مواجهة نتنياهو –أوباما؛ وخسارة الأرصدة الاستخباراتية وهي الخبز اليومي للاستخبارات العسكرية. ونتنياهو يتنازل عنها كي يواصل تعداد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين يفضلونه على رئيسهم.

•يوجد في الاستخبارات العسكرية بما في ذلك ما يتعلق بالموضوع الإيراني في شعبة الأبحاث، تقديرات ترى الكثير من الأمور الإيجابية في الاتفاق النووي. وهذا التقدير الذي يتعارض تماماً مع الموقف السلبي الكامل الذي نسمعه من نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون، جرى نقله إلى المستوى الأعلى، أي إلى هليفي ورئيس الأركان غادي إيزنكوت ولجنة رؤساء الأجهزة، لكنه اختفى وكأنه لم يكن، وهذا أمر ليس معهوداً فيما يتعلق بتقديرات الاستخبارات العسكرية، بعكس أسرار الدولة. فأين اختفى قسم الرقابة الذي من المفترض أن يعرض آراء تعارض مع ما هو سائد؟ 

•إن الأضرار التي ستلحق بإسرائيل وحلفائها يهود الولايات المتحدة واضحة بالنسبة لكل مواطن، بعكس الانفتاح الاستخباراتي غير المسبوق على المواد الخام التي تجمعها أجهزة أميركية حصراً في الجو والفضاء والبحر والبر والمقترح توفيرها لإسرائيل شرط توقفها عن التهديد بعملية مستقلة ضد العالم كله. نتنياهو يحرم إسرائيل هذه القدرة الاستخباراتية. الأخطر من ذلك استعداده مع يعلون لأن يحرقا البلد ويحولا إسرائيل وفقاً لكلام ضابط أميركي رفيع في حديث له مع نظيره من الاستخبارات العسكرية، من "أزرق إلى أحمر" ومن قوة صديقة إلى عدوة تتطلب متابعة استخباراتية لحركاتها وقراراتها.

 

•إن نتنياهو الذي يتخوف من نشر تقديرات استخباراتية تتعارض مع موقفه، يريد منع الجمهور والكونغرس من رؤية التصدعات في عرضه الكاذب عن وجود جبهة إسرائيلية موحدة ضد اتفاق إيران. والضباط الذين يشاركونه هذه المقاربة يخونون مسؤولياتهم الوطنية.

 

 

المزيد ضمن العدد 2189