من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•لقد حققت العقيدة الأمنية الإسرائيلية التقليدية نجاحاً هائلاً، فهي لم تضمن فقط وجود إسرائيل، الأمر الذي لم يكن مفروغاً منه، بل جعلتها دولة آمنة ومستقرة ومزدهرة. ومن نواح عديدة، فإن وضعنا الأمني لم يكن أفضل منه الآن أبداً.
•كثيرون يستطيعون تلاوة العقيدة الأمنية التقليدية القائمة على الإنذار والردع والحسم، لكن ينسى كثيرون أنه كان فيها عناصر حيوية أخرى. فعلى الصعيد العسكري نقل القتال إلى أراضي العدو وخوض حروب قصيرة الأمد، وعلى الصعيد الاستراتيجي الحاجة إلى علاقات قوية مع دولة عظمى واحدة على الأقل وخوض الحرب بدعم منها (من دون التنازل عن الاستقلالية)، وعلى الصعيد السياسي اعتبار السعي للسلام مدماكاً أساسياً، وتجنيد أفضل الموارد الوطنية من أجل الأمن، وبناء الدولة وضمان أغلبية يهودية.
•منذ ذلك الحين تغيرت البيئة الاستراتيجية، دول عربية تتفكك، والخطر الأساسي الذي تشكله هذه الدول سببه اليوم ضعفها وليس قوتها. وهناك اتفاق سلام مع مصر مستقر منذ 40 عاماً، ولا وجود لجبهة شرقية. والخطر الأساسي على الجيش الإسرائيلي الذي كان يمثله الجيش السوري تبدد، والعراق تفكك. أما الأردن الذي تربطنا به اتفاقية سلام منذ عقدين وتعاون أمني، فإنه يشكل حاجزاً في وجه التهديدات من الشرق.
•والمواجهة مع الدول العربية التي كان أساسها النزاع العربي - الإسرائيلي انتهت. وبات النزاع اليوم محصوراً بالفلسطينيين ولاعبين غير دولتيين. ولا وجود اليوم لدولة عظمى معادية، وتواصل الولايات المتحدة التي لإسرائيل حلف وثيق معها، تزعمها للمجتمع الدولي مع أنها ضعفت قليلاً. ويمكن ان نضيف إلى ذلك سلسلة من دول عربية وإسلامية لديها علاقات خاصة مع إسرائيل، ويسرها أن ترسخها عندما يحدث تقدم في المشكلة الفلسطينية.
•لقد تغيرت أيضاً طبيعة المخاطر العسكرية، فقد اختفى خطر غزو ومعارك بين الجيوش، وتضاءلت كثيراً المخاطر غير التقليدية بعد التخلص من السلاح الكيميائي في سورية. والاتفاق المتبلور مع إيران برغم جميع نواقصه سيؤجل الخطر النووي عشر سنوات على الأقل. وفي الواقع، بقيت تهديدات، على رأسها حزب الله و"حماس"، وكما يبدو داعش. ولكن هذه ليست تهديدات وجودية. ومعنى هذا عدم وجود خطر وجودي يتهدد سلامة إسرائيل. وأهم خطرين اليوم ليسا عسكريين وهما: نزع الشرعية والديموغرافيا. وقد تحولت الحروب إلى حد بعيد حروب خيار.
•المجتمع الإسرائيلي تغير هو أيضاً وأصبح أكثر تنوعاً لكنه منقسم، فالإجماع الوطني ضعف، والعبء الوطني ليس موزعاً بصورة متساوية، وفقد الردع شيئاً من قوته. ونظراً إلى كون المجتمع الإسرائيلي مجتمعاً غربياً ليبرالياً، فقد شهد تراجعاً في الحافز لدى شرائح معينة لتحمل العبء وبصورة خاصة في ظل المعارك التي لا نهاية لها للقضاء على الإرهاب من دون أفق سياسي. وثمة نتائج لهذه التغيرات. فعلى سبيل المثال التخوّف من الخسائر البشرية فرض قيوداً على الخيارات العسكرية في جولات القتال مع حزب الله و"حماس".
•في ضوء التغييرات التي طرأت على البيئة الاستراتيجية، وعلى المخاطر العسكرية والمجتمع الإسرائيلي، يتعين إجراء تغيير أساسي في عقيدة الأمن القومي. ومن المثير للدهشة أنه على الرغم من تبدد المخاطر، فإن الميزانية الأمنية ازدادت ولم يحدث تغيير جوهري في العقيدة الاستراتيجية. ونعرض في ما يلي بعض التغييرات المطلوبة.
•يتعين على إسرائيل التوصل إلى تسوية سياسية تمنع كارثة ديموغرافية تنهي الحلم الصهيوني. هذا ليس كلاماً سياسياً، والفلسطينيون ليسوا شريكاً سهلاً، لكن هذا يشكل ضرورة استراتيجية. فالتسوية أو شعور العالم بأن إسرائيل تسعى إلى تسوية، سيؤدي إلى تحول دراماتيكي في وضعنا السياسي - الأمني.
•ضرورة التشديد على الدفاع في الميزانيات والعقيدة القتالية. مثل جميع الجيوش الأخرى التي واجهت انتفاضات شعبية وحرب عصابات، فإن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في تحقيق الحسم، وحتى في تحقيق ردع طويل الأمد. إن الحروب تحسم من خلال الهجوم، ويجب أن يبقى هذا جوهر الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي. لكننا لم ننجح في حسم الحرب ضد حزب الله و"حماس" في جميع الجولات منذ الثمانينيات، مما أضر بالردع الإسرائيلي.
•وعندما تتكرر المعارك من دون تحقيق أهدافها، من الحكمة أن نتصرف بحذر أكبر في استخدام القوة، وألا نفعل ذلك إلا عندما نكون فعلاً مستعدين عسكرياً، وتكون لدينا شرعية دولية أو على الأقل أميركية، وعندما تكون الأهداف واضحة وهناك استعداد شعبي لتحمل الثمن.
•على إسرائيل أن تطور قدرتها على ضبط النفس. إن الحجة القائلة بأنه يجب الرد على كل حادثة من أجل تعزيز الردع لم يُبرهن على صحتها، والدليل على ذلك أن الردع تضرر أكثر من عدم تحقيق النجاح في المعارك الأخيرة. صحيح أن الإرهاب وإطلاق الصواريخ "غير محتملين"، لكن عملياً لا يبدو أن الرد على كل حادثة يجعل ذلك محتملاً. إن القيادة الشجاعة هي التي تقول للجمهور إننا سنضطر إلى العيش مع تهديدات حزب الله و"حماس"، وليس هناك حتى الآن حل شامل، ويجب أن نظهر مثابرة وضبطاً للنفس.
•في غياب رد هجومي فعال، يتعين على الجيش الإسرائيلي تبنّي العقيدة الدفاعية. فالاستثمار في منظومات مثل "القبة الحديدية" يمكن أن يكون أكثر فائدة من الاستثمار في غواصات وطائرات قتالية لا تظهر فائدتها بوضوح في ضوء التغييرات في البيئة الاستراتيجية وطبيعة المخاطر. إن حساب تكلفة المنظومات الدفاعية يجب أن يُقارن بتكلفة الضرر اللاحق بالردع.
•يتعين على إسرائيل أن تلائم سياستها مع سياسة الولايات المتحدة. من الصعب المبالغة في أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة، ومن غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قادرة على الوجود من دونها. لقد حصلت إسرائيل حتى اليوم على أكثر من 120 مليار دولار من الولايات المتحدة، ومن دون هذه المساعدة يكون الجيش الإسرائيلي أداة واهية. ومن دون دعم أميركي ستبقى إسرائيل مكشوفة أمام الحرب السياسية ومساعي نزع الشرعية. يجب انتهاج سياسة تمنحنا هامشاً معيناً من المناورة وتكون على خط واحد مع الولايات المتحدة، وحتى تسعى إلى اتفاقية دفاعية رسمية معها.
•ومن المفارقات أن التغيير الأكثر أهمية من أي شي آخر هو ذلك المتعلق بأسلوب الحكم، فالانتخابات المتعاقبة والحاجة إلى تسويات ائتلافية بعيدة الأمد، تحولان دون إمكانية بلورة سياسة أمنية وطنية حكيمة.