لا يمكن إعادة إعمار قطاع غزة قبل لجم السلفيين - الجهاديين
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•صواريخ غراد التي سقطت بالأمس والأسبوع الماضي في النقب الغربي، رفعت مستوى التوقعات بصيف حار آخر في الجنوب. لكن إطلاق الصواريخ الاستفزازية من جانب التنظيمات السلفية - الجهادية في غزة ليس أمراً لا يمكن مواجهته. وتستطيع إسرائيل القضاء على رغبة أنصار داعش في غزة في إشعال جولة قتال جديدة بين الجيش الإسرائيلي و"حماس". 

•التنظيمات المارقة في القطاع تريد منا أن نقضي على أعدائها بدلاً من أن تقوم هي بذلك، لكن من مصلحة إسرائيل أن يكون لديها عنوان لسلطة في غزة قادرة على منع نشوب الفوضى مثل الفوضى الموجودة حالياً في سورية والعراق واليمن.

•إن "حماس" هي سلطة حاكمة لديها ما تخسره ويمكن بالتالي ردعها، وحتى اجراء مفاوضات معها بشأن تهدئة طويلة الأمد. أما المجموعات المسلحة التي أعلنت ولاءها لداعش أو للقاعدة فهي ليست كذلك وهي تمثل مصيبة يجب تحييدها، ويمكن القيام بذلك بواسطة الاستخدام الذكي للجزرة المدنية والعصا العسكرية في آن معاً.

•أما الجزرة المدنية فتكمن في عملية كبيرة لإعادة إعمار  القطاع المدمّر واقتصاده. وتحريك هذا المشروع في حجمه الكامل ومن خلال جدول زمني سريع وبتمويل دولي، يمكنه أن يوفر فرص عمل ومصدر رزق كريم للآلاف من الشبان [الفلسطينيين] العاطلين عن العمل. كما أنه سيدفع عائلات السلفيين - الجهاديين إلى كبح "أحبائهم" كي لا يعرقلوا فرصهم بالحصول أخيراً على سقف فوق رأسهم ومصدر رزق. ولا يوجد اليوم أي حافز لدى العشائر للدخول في مواجهة مع الشباب الضجرين والمحرضين والقابعين في المساجد.

•ومن أجل البدء بمشروع اعادة الاعمار ثمة حاجة إلى أموال الدول المانحة التي لم تتدفق حتى الآن إلى القطاع. لقد جرى التعهد بتقديم 5.3 مليارات دولار، لكن المال لم يصل إلى غزة لأن الأوروبيين والعرب لا يريدون تمويل مشاريع يمكن تدمير نتائجها في جولة القتال المقبلة.

•ومن أجل تحقيق تهدئة طويلة الأمد فالمطلوب هو إعادة الإعمار، ومن أجل تحقيق اعادة الاعمار فالمطلوب هو التهدئة. هذه المفارقة سبب اضافي يجب أن يدفع إسرائيل إلى طريقة عمل عسكرية لمنع اطلاق الصواريخ الاستفزازية من جانب أنصار داعش. وتنبع المطالبة ببلورة أسلوب عمل عسكري ضد السلفيين - الجهاديين قبل كل شيء من الحاجة إلى اعطاء الأمن والشعور بالثقة لسكان جنوب إسرائيل ووسطها.

•لدى الجيش الإسرائيلي ثلاث وسائل للعمل يمكن أن تنجح في منع اطلاق النار المتقطع من القطاع وهي:

1 - عملية عسكرية كبيرة من نوع "الرصاص المصهور" تشمل مناورة برية من أجل احتلال المدن الأساسية في القطاع. وفي نهاية هذا الاحتلال يبقى الجيش والشاباك في المناطق التي احُتلت لفترة نصف سنة أو سنة ويعملان للقضاء على عناصر الارهاب. ومن حسنات هذه العملية أنه يمكن بواسطتها ليس القضاء على الجهاديين بل على الذراع العسكرية لـ"حماس" والجهاد الإسلامي، والأهم على بنيتهم التحتية فوق الأرض وتحتها. لكن سيئات العملية واضحة، وهي خسائر في الأرواح وثمن اقتصادي استراتيجي وتورط سياسي على الساحة الدولية.

2 - اعتبار "حماس" الجهة الحاكمة التي تمثل القطاع، وبالتالي الجهة المسؤولة عن منع اطلاق القذائف من أراضيها، سواء حدث ذلك رغماً عنها أو من جانب الأطراف التي تُسمى بالمارقة. وبناء على هذا المبدأ، فإن كل اطلاق نار من القطاع على إسرائيل سيرد عليه الجيش الإسرائيلي بضرب المنشآت العسكرية والمدنية لـ"حماس".

•وسوف يجري الرد على استمرار اطلاق النار من القطاع بصورة تصاعدية أكثر قوة وتدميراً. والهدف من ضربات الرد المضبوطة التي يوجهها الجيش هو تدفيع "حماس" ثمناً يزداد فداحةً من مرة إلى اخرى ولكن من دون ان يؤدي إلى انهيار الحركة.

3 - عملية مباشرة ضد السلفيين – الجهاديين. أي أن يقوم الشاباك والجيش بما يعرفانه وسبق أن قاما به وهذه المرة في قطاع غزة مثل: احباط هجمات بما في ذلك اطلاق الصواريخ والقذائف المدفعية، اغتيال مركز وممنهج لزعماء وناشطين أساسيين، وضرب البنية التحتية للارهاب. والسيئ أن مثل هذه العمليات قد يؤدي إلى اشعال حريق واسع غير مرغوب به بسبب شعور "حماس" بالتحدي وشعور ذراعها العسكرية بضرورة إظهار مقاومتها لذلك.

•وثمة مشكلة أخرى هي أنه من أجل توجيه ضربة قاسية إلى السلفيين - الجهاديين فهناك حاجة إلى معلومات استخباراتية تفصيلية دقيقة وموثوق بها، مثل تلك التي يستخدمها الشاباك والجيش الإسرائيلي في محاربة الارهاب في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. لكننا لسنا موجودين في غزة مثلما نحن موجودون في الضفة، وجمع المعلومات بكميات كبيرة وبالنوعية المطلوبة يتطلب وقتاً طويلاً واستثمار موارد كثيرة.

•ويبدو لي أنه في نهاية الأمر فإن الجيش والشاباك سيتلقيان الأوامر من وزير الدفاع ورئيس الحكومة ويقومان بالمطلوب في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية وفي المجال العسكري لقمع الجهاديين. والسؤال متى سيحدث ذلك إذا جرى؟ وهل سيؤدي إلى تصعيد وجولة [قتال] جديدة كما يتخوف من ذلك المعارضون لهذه الطريقة في العمل؟

•من المهم أن نتذكر أن في امكان الجيش والشاباك العمل عسكرياً بفاعلية لوقف اطلاق النار الذي تقوم به فروع داعش والقاعدة في غزة، شرط أن تكون لديهما المعلومات الاستخباراتية والقرار من المجلس الوزاري، لكن المفتاح للمحافظة على تهدئة طويلة الأمد في القطاع مرتبط بإعادة الإعمار المدني.

 

 

المزيد ضمن العدد 2147